كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الثلاثاء، عن تفاصيل أضخم مشروع إسكان اجتماعي في تاريخ تركيا، سيؤمن السكن لمحدودي الدخل والشباب المقبلين على الزواج وعائلات الشهداء والمحاربين القدامى والمعوّقين، من خلال إتاحة فرصة امتلاك شقق سكنية فاخرة ضمن أبنية لا تزيد على خمسة طوابق، وعبر خطط سداد مناسبة.
ويتضمن المشروع بناء 500 ألف منزل و100 ألف قطعة أرض مساحتها بين 300 و500 متر، وستكون حصة الشباب 30%، ويمكن مَن ولد بعد أيلول/سبتمبر 1991 التقدم بالطلب عبر فئة الشباب، بحيث سيكون البيع بالتقسيط لمدة 240 شهراً، وبقسط شهري لا يتجاوز 30% من دخل الأسرة، أي نحو 3200 ليرة قسط للسكن، و1600 ليرة للأرض.
وركز الرئيس التركي اليوم على أن المشروع سيؤثر بخفض أسعار العقارات والإيجار، وسيساهم في ضبط السوق وسد الطريق على المستغلين والمضاربين، مشيراً إلى أن هذا المشروع أكبر حملة تتدخل خلالها الدولة لتأمين مساكن لنحو 500 ألف تركي، وتستهدف أكثر من 1.5 مليون إنسان.
وأشار إلى أن المشروع سيكون في 18 ولاية تركية، وستكون حصة إسطنبول 50 ألف وحدة سكنية، وأنقرة 20 ألف وحدة، وإزمير 15 ألف وحدة سكنية.
وتنص شروط المشروع، الذي ستنفذه إدارة المشاريع العقارية الحكومية "توكي"، ويكون الاكتتاب عليه من خلال الحكومة الإلكترونية "أي دولت"، على أن يكون المتقدم تركياً، وتعدى الثامنة عشرة من عمره، يتقدم بالطلب بعد دفع رسوم تقدر بـ500 ليرة (نحو 27 دولاراً)، شرط ألّا يتجاوز دخل الأسرة 16 ألف ليرة في إسطنبول، و14 ألفاً ببقية الولايات التركية.
وحددت الشروط طلب شراء منزل اجتماعي واحد فقط لكل أسرة، وأن يكون صاحب الطلب مقيماً في الولاية التي يسجل على مسكن بها، منذ عام على الأقل.
ويرى مدير المبيعات في شركة امتلاك العقارية بإسطنبول، بدر الدين مارديني، أن "الخطوة مهمة جداً، فأن تتدخل الدولة لكسر الأسعار وزيادة عرض العقارات، بواقع زيادة الطلب وارتفاع الأسعار، فهذا من أدوارها التنموية والاجتماعية"، ولكن "لن يستفيد سوى بعض الأتراك من المشروع"، ما يعني برأي مارديني، تأثيراً محدوداً في السوق.
Devasa sosyal konut projemizin ilk etabını 2 yılda bitirmeyi planlıyoruz.
— Recep Tayyip Erdoğan (@RTErdogan) September 13, 2022
Toplam 360 bin bağımsız birimden oluşan projemizin bu ilk etabı dahi Cumhuriyet tarihimizin en büyük sosyal konut atılımıdır. #YüzyılınKonutProjesi pic.twitter.com/IYWgMaovtG
ويضيف مدير المبيعات، لـ"العربي الجديد"، أن مستوى أسعار العقارات اليوم "مرتفع جداً بواقع زيادة الطلب على العرض، فبعد غلاء أسعار المواد الأولية المستخدمة في تشييد العقارات، أحجمت عديد من الشركات وتوقفت مشاريع، ما رفع الأسعار إلى ما يفوق كثيراً قدرة الأتراك على اقتناء منزل، لذا ربما جاء تدخل الدولة لهذا السبب".
ويعتقد مارديني أن أثر مشروع الإسكان الاجتماعي "سيكون نفسياً فقط على الأسواق الآن، ولن يغيّر كثيراً من ارتفاع الأسعار، ولكن حينما يصبح واقعاً، قد تنكسر الأسعار قليلاً، لأنه سيزيد من العرض، ولكن للأتراك فقط، أو لفئات محددة منهم، ولن يؤثر في الأجانب، وهم حقيقة، أكثر الزبائن بتركيا".
ويقول وزير البيئة والتخطيط العمراني التركي، مراد كوروم، إن أسعار المساكن والإيجارات في تركيا بدأت تشهد انخفاضاً مع إعلان مشروع الإسكان الاجتماعي الضخم في عموم محافظات البلاد، مضيفاً خلال تصريحات سابقة، أنه "منذ لحظة إعلان مشروع الإسكان الاجتماعي في 81 محافظة، بدأت أسعار المساكن والإيجارات بالتراجع".
إلا أن الواقع، كما يقول مدير شركة مبيعات العقارات، حسن محمد، لم يتبدل كثيراً، فلم تزل الأسعار مرتفعة، بل وترتفع رغم القرارات التي من المفترض أن تؤثر في السوق، وفي مقدمتها رفع قيمة العقار للحصول على الجنسية التركية، في مارس/ آذار الماضي، من 250 ألف دولار إلى 400 ألف دولار.
ويضيف محمد، لـ"العربي الجديد"، أن الاستثمار بالعقارات كان "الملاذ الأكثر أماناً وعائدية" منذ عامين، وبالتزامن مع انتشار وباء كورونا وتأثر بقية القطاعات، الإنتاجية والخدمية، مقدراً نسبة الارتفاع بأكثر من 200%.
وفيما يقدّر البنك المركزي التركي ارتفاع أسعار المنازل بنحو 145.5% خلال عام، ووصول سعر متر الوحدة السكنية إلى نحو 12 ألف ليرة تركية، يؤكد صاحب مكتب الشركة المتخصصة "يارا غروب" حسن محمد، أن الزيادة على الأسعار راوحت بين 100 و300%، على حسب المنطقة والمسكن والولاية.
وكانت أسعار المساكن بتركيا قد ارتفعت بحسب خبراء، مدفوعة بالتضخم الذي وصل إلى 80% الشهر الماضي، ما أوصل متوسط سعر المنزل إلى نحو 1.14 مليون ليرة، بحسب موقع "endeksa.com"، الذي يجمع بيانات عن سوق الإسكان.
ويشير الموقع المتخصص إلى أن أسعار المنازل ارتفعت بالمدن الكبرى، ليصل بإسطنبول إلى 1.6 مليون بنسبة ارتفاع 173% وبأنقرة بنسبة 129%، لتكون نسبة ارتفاع المنازل الأكبر بولاية أنطاليا التي وصل فيها متوسط سعر المنزل إلى 1.42 مليون ليرة تركية بنسبة ارتفاع سنوية بنحو 183%.
ودفع ارتفاع أسعار العقارات بتركيا إلى تراجع المبيعات أخيراً. فبعد ارتفاع مبيعات المنازل والعقارات بتركيا بنحو 32% خلال النصف الأول من العام الجاري، بدأ الخط البياني بالانحدار، بعد غلاء الأسعار وإعلان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مشروع المساكن الاجتماعية لأصحاب الدخول المحدودة.