استمع إلى الملخص
- التحديات السياسية والاقتصادية: تزامنت القمة مع تغيرات سياسية مثل عودة ترامب، مما أثار مخاوف بشأن التجارة والمناخ. كما واجهت القمة تحديات في التوافق حول قضايا مثل الحرب في أوكرانيا والأمن الغذائي.
- التمويل المناخي والتعاون الدولي: تزامنت القمة مع مؤتمر "كوب 29"، حيث دعت الأمم المتحدة لقيادة الجهود المناخية. طالبت الدول النامية بتمويل أكبر للتكيف مع تغير المناخ، وسط دعوات لزيادة المنح وتخفيف الديون.
تنطلق اليوم الاثنين في ريو دي جانيرو قمة مجموعة العشرين التي تستمر يومين، بمشاركة قادة أكبر اقتصادات في العالم، ومن المنتظر أن تتركز مداولات القمة على ثلاث أولويات، هي الإدماج الاجتماعي ومكافحة الجوع والفقر، والتحول في مجال الطاقة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية المستدامة، وإصلاح مؤسسات الحوكمة العالمية.
ويتضمن جدول أعمال القمة ثلاث جلسات. ففي اليوم الأول من العمل ستكون هناك مناقشة حول مكافحة الجوع والفقر، خاصة مع وجود نحو 733 مليون شخص يعانون من الجوع في جميع أنحاء العالم، بينما يعيش وفقاً لبيانات البنك الدولي 20 مليون شخص، نصفهم من الأطفال، في ظروف من الفقر المدقع. وستركز الجلسة الثانية على إصلاح الحوكمة الدولية، بينما ستركز الجلسة الثالثة التي ستعقد في اليوم الثاني للقمة على التنمية المستدامة وتحول الطاقة.
ويسعى الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إلى انتهاز فرصة القمة لإطلاق "التحالف العالمي لمكافحة الجوع والفقر"، ساعياً للحصول على التزامات مالية حازمة من دول مجموعة العشرين لدعم المبادرات التي تعمل على زيادة إنتاج الغذاء ومكافحة الجوع على نطاق عالمي.
ومن المتوقع أن يحضر القمة عدد من قيادات دول المجموعة، منهم الرئيس الأميركي جو بايدن، والرئيس الصيني شي جين بينغ، والمستشار الألماني أولاف شولتز، إضافة إلى قادة دول من خارج المجموعة. ورغم أن البرازيل، باعتبارها الدولة المضيفة للقمة، أعطت أولوية لقضايا مثل الفقر والأمن الغذائي، فمن المرجح أن تعالج القمة أيضاً أزمات دولية ملحة، منها الصراعات الجارية في أوكرانيا والشرق الأوسط. ورغم أن البيانات الختامية للقمة ليست ملزمة قانوناً، فإنها غالباً ما تحمل وزناً سياسياً كبيراً، وتشير إلى موقف جماعي بشأن تحديات عالمية رئيسية.
واستمرت المفاوضات بشأن الإعلان الختامي لمجموعة العشرين عشية القمة، بهدف التوصل إلى لغة مشتركة تتعلق بالحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط، وكذلك حول نقاط أخرى على جدول الأعمال، كالأمن الغذائي، والديون والضرائب الدولية، والمناخ والطاقة، وتمكين المرأة، والذكاء الاصطناعي.
ويقول محللون إن الانقسامات والخلافات حول بعض الملفات والمخاوف من اندلاع حروب تجارية العام المقبل، لن تمنع البرازيل من تحقيق إجماع حول أولويات رئاستها لمجموعة العشرين، وفي طليعتها مكافحة الفقر وفرض ضرائب على "كبار الأثرياء".
وتأسست مجموعة العشرين عام 1999، وتضم 19 من أكبر القوى الاقتصادية في العالم، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، وتجمع المجموعة 56% من سكان العالم، وتمثل نحو 85% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و75% من التجارة الدولية. وكانت المجموعة تركز في البداية على القضايا الاقتصادية العالمية، لكنها أخذت على عاتقها بشكل متزايد معالجة تحديات أخرى ملحة، مثل التنمية المستدامة والأوبئة وانعدام الأمن الغذائي وتغير المناخ والفساد.
ظل ترامب يخيّم على قمة ريو دي جانيرو
وسيخيم ظل ترامب الذي يعود إلى البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني، على اجتماع ريو، ولا سيما بعدما زاره الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي في مقره في فلوريدا قبل بضعة أيام. وستواجه المناقشات حول التجارة وتغير المناخ والأمن الدولي صعوبة بسبب تغيرات حادة في السياسة الأميركية تعهد ترامب بها عندما يتولى الرئاسة في يناير/ كانون الثاني، بدءاً من الرسوم الجمركية، إلى الوعد بحل تفاوضي للحرب في أوكرانيا. وعند أبواب الولاية الجديدة للرئيس الأميركي الجمهوري المؤيد للطاقات الأحفورية والمعارض للنهج التعددي، تتصاعد المخاوف من تراجع مكافحة الاحتباس الحراري وتزايد شرذمة الأسرة الدولية.
وقال أوليفر ستونكل، أستاذ العلاقات الدولية في مؤسسة جيتوليو فارغاس في ساو باولو: "ندخل بالتأكيد إلى سيناريو عالمي تزداد صعوبة التكهن بالمنحى الذي سيتخذه، غير أنه يترك هامشاً أكبر بكثير لدول الجنوب، للصين وسواها.. لوضع رؤيتها الخاصة، لأن النظام القديم على وشك الانهيار".
ومن ناحية أخرى، قال مسؤولون في البرازيل إن مساعي الدولة لإصلاح نظام الحوكمة العالمية، بما في ذلك المؤسسات المالية متعددة الأطراف، ربما يواجه أيضاً عقبات خلال ولاية ترامب. وستنطلق محادثات تجارية في إطار قمة مجموعة العشرين نتيجة للمخاوف من تصعيد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إذ يخطط ترامب لفرض رسوم جمركية على الواردات من الصين ودول أخرى.
ومن شأن تحمس ترامب لخفض الضرائب أن يزيد من الرياح المعاكسة لجهود البرازيل لمناقشة فرض ضرائب عالمية على الأثرياء، وهي قضية شديدة الأهمية للرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي وضعها على جدول أعمال مجموعة العشرين.
إطلاق التحالف العالمي ضد الجوع والفقر في قمة العشرين
وستشهد الجلسة العامة الأولى للقمة في وقت لاحق اليوم، الإطلاق الرسمي للتحالف العالمي ضد الجوع والفقر، وفق مبادرة كبرى أطلقها الرئيس البرازيلي الذي يتزعم أكبر قوة اقتصادية في أميركا اللاتينية، بهدف جمع البلدان معاً لتبادل المعرفة والموارد.
وسيجمع هذا التحالف دولاً من جميع أنحاء العالم ومؤسسات دولية، تعمل على تعبئة وسائل مالية لمكافحة الجوع، واستنساخ مبادرات محلية تحقق نتائج، ومن المتوقع أن تؤكد جميع دول مجموعة العشرين، وكذلك الدول المدعوة لحضور القمة مشاركتها في هذا التحالف. ويعتبر هذا الموضوع أمراً مهماً بالنسبة للبلد المضيف، لأن البرازيل هي أكبر منتج لفول الصويا والذرة واللحوم في العالم، وقد أكد الرئيس البرازيلي مراراً دور بلاده في التخفيف من انعدام الأمن الغذائي العالمي. في الوقت نفسه، تحظى هذه القضية باهتمام دولي واسع.
وفي مؤتمر المجلس الأطلسي، أكدت سيندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي، أن العالم فقد كل التقدم الذي أحرزه خلال الأعوام الخمسة عشرة الماضية في خفض مستويات الجوع في العالم، وأشارت إلى أن واحداً من كل أحد عشر شخصاً على مستوى العالم واجهوا الجوع في العام الماضي، وقالت إن الأمن الغذائي هو "قضية أمن قومي"، ويجب أن يجري تصنيفه على هذا النحو.
وفيما يتعلق بفرض ضرائب على أصحاب المليارات، كانت دول مجموعة العشرين قد تعهّدت في ختام اجتماع مسؤوليها الماليين في نهاية يوليو/ تموز الماضي في ريو دي جانيرو بالتعاون من أجل فرض ضرائب على الأكثر ثراء، غير أنه من غير المؤكد أن يتبنى القادة المشاركون في القمة هذا الالتزام وبالشروط التي نص عليها.
دعوات لدفع الدول الغنية لتمويل المناخ
وتتزامن قمة مجموعة العشرين مع مؤتمر الأطراف بشأن المناخ "كوب 29" في باكو بأذربيجان، في ختام سنة شهد العالم خلالها أزمات مناخية كانت أشدها في البرازيل مع فيضانات وجفاف وحرائق غابات.
وقبل أيام من القمة صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس خلال "كوب 29" بأنه يتعين على جميع البلدان أن تقوم بدورها، لكن مجموعة العشرين لا بد أن تقود الجهود، لأنها أكبر الدول المسببة للانبعاثات ولديها أعظم القدرات والمسؤوليات، كما طالب سايمون ستيل، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، زعماء أكبر اقتصادات العالم بإرسال إشارة على دعم جهود التمويل المناخي العالمية، عندما يجتمعون في ريو دي جانيرو، وقال إن العالم يراقب قمة العشرين، ويتوقع إشارات قوية تؤكد أن العمل المناخي هو جزء أساسي من جدول أعمال أكبر اقتصادات العالم.
وجاءت هذه المناشدة في الوقت الذي يسعى فيه المفاوضون جاهدين خلال مؤتمر (كوب 29) للتوصل إلى اتفاق يزيد التمويل المخصص لمعالجة التداعيات المتزايدة للاحتباس الحراري. وأضاف ستيل في رسالة لقمة العشرين أنه يجب على القمة أن ترسل إشارات عالمية شديدة الوضوح، تدعم زيادة المنح والقروض، إلى جانب تخفيف أعباء الديون، حتى لا تصبح البلدان المعرضة لمخاطر تغيّر المناخ مقيدة بتكاليف خدمة الديون التي تجعل اتخاذ إجراءات مناخية أكثر جرأة شبه مستحيل.
ولم تقترب الدول المشاركة في باكو من الاتفاق على صفقة بقيمة تريليون دولار لاستثمارات العمل المناخي في الدول النامية، وتريد بعض البلدان النامية، التي تعد الأقل مسؤولية عن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم، التزاماً سنوياً قدره 1.3 تريليون دولار لمساعدتها على التكيّف مع تغير المناخ، والانتقال إلى الطاقة النظيفة.
ويقول محللون إن هذا الرقم يظل أعلى بكثير مما يدفعه المانحون حالياً، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان، فالدول الغنية التي تواجه تحدياتها الاقتصادية الخاصة وضغوطها السياسية في أعقاب سنوات من التضخم المرتفع، لا ترغب في تخصيص مبالغ كبيرة من المال من ميزانياتها العامة وحدها. كما ظهرت خلافات أخرى في باكو، بعد أن حددت بعض الدول المبلغ الذي ينبغي أن تحصل عليه من أي اتفاق، فقد طالبت مجموعة من الدول الأقل نمواً، معظمها من أفريقيا، بمبلغ 220 مليار دولار، في حين طالبت الدول الجزرية الصغيرة المهددة بارتفاع مستوى سطح البحر بمبلغ 39 مليار دولار.
(أسوشييتد برس، قنا، العربي الجديد)