الغضب

10 مايو 2016
علا الأيوبي/ سورية
+ الخط -

- أنت تتّصل بالرقم 46-25-88-6. في هذه الأثناء مارثيلا توجد خارج البيت. اترك رسالةً بعد سماع الإشارة. شكراً.

- بيب.

- مارثيلا؟ هل أنت هناك؟ هذا أنا. اتصلي بي فوراً.

- أنت تتّصل بالرقم 46-25-88-6. في هذه الأثناء مارثيلا توجد خارج البيت. اترك رسالة بعد سماع الإشارة. شكراً.

- بيب.

- مارثيلا، اللعنة. ألم تصلي بعد؟ أين أنت؟ من المؤكد أنك ذهبت للهو في مكان ما. لن تجعلينني أصدق أنك تتأخرين كل هذا الوقت في الوصول من بيتي إلى بيتك. اتصلي بي حالما تصلين.

- أنت تتّصل بالرقم 46-25-88-6. في هذه الأثناء مارثيلا توجد خارج البيت. اترك رسالة بعد سماع الإشارة. شكراً.

- بيب.

- مارثيلا، أنا لا أعرف ما الذي تخطّطين له بالضّبط، لكن هذا لن يفعل سوى تقويض العلاقة أكثر. لا أعرف لماذا غضبتِ. الأمر لا يستحق كل هذا. لا أستطيع استيعاب فكرة أنك لا تريدين القيام بذلك معي، ولو لمرة واحدة. قولي لي فقط ما الغريب في الأمر؟ اللعنة. مع الأبله ألبيرتو بالتأكيد كنت تقومين بأشياء مماثلة أو أسوأ. لكن معي لا شيء! فلأذهب إلى الجحيم! إذن اسمعي، من الآن فصاعداً الأمور ستتغير.

- أنت تتّصل بالرقم 46-25-88-6. في هذه الأثناء مارثيلا توجد خارج البيت. اترك رسالة بعد سماع الإشارة. شكراً.

- بيب.

- مارثيلا، حسناً أنا أعترف أن إجباركِ لم يكن جيداً، لكن عليك أن تفهمي أن هذا الأمر بالنسبة لي يبدو عادياً جداً. الأمر لا يستحق كل هذا. إن كنت لا تريدين، هذا جيد. كان عليك إخباري ونتناقش في الأمر. لكن أن تتملّككِ الهستيريا فجأة كما فعلت لم يكن جيداً بالمرة. اللعنة. أنت قلت لي إنك تريدين أن أحكي لك أوهامي. أنت بدأتِ، وليس أنا. اللعنة!

- أنت تتّصل بالرقم 46-25-88-6. في هذه الأثناء مارثيلا توجد خارج البيت. اترك رسالة بعد سماع الإشارة. شكراً.

- بيب.

- أنت تعرفين أنّ تلك الأجهزة باهظة الثمن وسريعة التّلف؟ بالإضافة إلى أنه جهاز قيّمٌ وعزيز عليّ، أحضرته من أمستردام. مثل هذه الأجهزة لا يمكن الحصول عليها في المكسيك. لكن لا شيء من هذا يهمّكِ. حين رأيتِ الأحزمة أصبحتِ هستيرية عوض أن تنتظري رؤية كيفية عمله. وبسبب عجلتكِ كسرت إبرةً ومسنداً. ألا يمكنك أحياناً تجريب شيء جديد؟ من الواضح أنك لا تهتمّين لما أريده ولا لما أحسّ به. إذن، ماذا تحسبينني؟ أتعتقدين أنني أحمق، أو منحط أخلاقياً، أو مريض؟ إذن دعيني أقول لك شيئاً، المريضة هي أنت، أيتها اللعينة العاهرة الباردة جنسياً.

- أنت تتّصل بالرقم 46-25-88-6. في هذه الأثناء مارثيلا توجد خارج البيت. اترك رسالة بعد سماع الإشارة. شكراً.

- بيب.

-عدت للتو من بيتك. على ما يبدو لم تكوني هناك. كنت أظن أنك لم تكوني تريدين الإجابة عن مكالماتي وأنك كنت تختبئين خلف هذه الآلة الغبية. أنا لست مثلكِ، أنا أؤمن بوجوب التحدث في الأمر للوصول إلى تسوية. ولهذا السبب تجرّأت على الدخول إلى بيتكِ من نافذة الحمام. تماماً كما فعلتِ يوم أضعتِ مفاتيحكِ. أتتذكرين؟ لكن مع فارق بسيط، النافذة كانت مغلقة ولهذا كان عليّ كسر الزجاج. كلبكِ اللعين لم يتوقّف عن النباح. أنت تعرفين أنني لم أحب يوماً هذا الكلب اللعين، لكن هذا لم يكن له علاقة بما فعلته به، السبب هو أنه حاول مهاجمتي. كأنّ الوغد الحقير لم يكن يعرفني. أنا لم أقم بشيء غير الدفاع عن نفسي. أمّا ما يتعلّق بحوض الأسماك، فنعم فعلته لأنني كنت غاضباً جداً وأطلب منك السماح. لكن على كل حال، أنا سأشتري لك مجموعة أسماك لعينة أخرى. اللعنة، لم أكن أعرف أنها ستموت جميعاً، سكبت عليها قنينة كلور فقط. وبعد ذلك حاولت إخراجها ووضعها في كؤوس لكن لم أتمكّن من إنقاذها.هذا الأمر جعلني أغضب أكثر ولهذا كسرت أواني المطبخ، والتلفاز وأشياء أخرى. لا يمكنك إنكار أنه من الأفضل أن يكون الانتقام من أشياء جامدة على أن يكون من أشخاص. على الأقل لم أفعل شيئاً لمجيبك الآلي البائس. المهم هذه الرسالة الصوتية طالت أكثر من اللازم وأنت تعرفين أنني أكره الرسائل الطويلة. لو كنتِ في البيت ساعة دخولي ما كان ليحصل شيء من كل هذا الذي حصل. من المؤكد أنكِ ذهبت بعد خروجك من بيتي جرياً إلى بيت أحد زملائك في العمل البائسين. ما اسم ذلك الوغد الذي يضع قرطاً ويسكن في شارع بورتاليس؟ مارتين، نعم اسمه مارتين. من المؤكد أنك ذهبت إليه لتقولي له إنني أسيء معاملتك ومن يدري أي حماقات أخرى حكيت له. اسمعي أيتها الوضيعة، إذا كنت معه، سأرسلك إلى الجحيم مباشرة، الآن نعم أتحدث جاداً. اتصلي بي أيتها المشؤومة.

- أنت تتّصل بالرقم 46-25-88-6. في هذه الأثناء مارثيلا توجد خارج البيت. اترك رسالة بعد سماع الإشارة. شكراً.

- بيب.

- مارثيلا، عدت للتو من بيت صديقك مارتين. كان مصيره أسوأ، لو كان اكتفى بإخباري حقيقة أنه لا يعرف مكان وجودك لكان أفضل له. أنا لم أكن أرغب في أن أفعل له شيئاً، كنت أريد سؤاله عنك فقط. هو من ثار في وجهي وبدأ يقول لي، ليس لي الحق في معاملتك هكذا وبعض التفاهات الأخرى. قال لي إنك لو كنت ترفضين رؤيتي فعليّ أن أحترم قرارك. وأنا أحترمه، لا تظني للحظة عكس ذلك. لكن من يحسب نفسه هذا الوغد ليقول لي مَن يجب عليّ أن أحترم. ولهذا ضربته، اقتلعت له القرط ووضعته تحت سيارة. اسمعي لو لم يكن صديقك لكنت رميته من أحد جسور طريق الضاحية، لهذا عليه أن لا يتذمر، فما فعلته به لم يكلفه شيئاً. مارثيلا للمرة الأخيرة اتصلي بي أو هذه العلاقة ستنتهي بشكل سيئ.

- أنت تتّصل بالرقم 46-25-88-6. في هذه الأثناء مارثيلا توجد خارج البيت. اترك رسالة بعد سماع الإشارة. شكراً.

- بيب.

اسمعي يا مارثيلا. اتصلوا بي للتو من المستشفى، حيث يقولون إنك موجودة هناك. وجدوا رقم هاتفي بين أغراضك. معجزة إنهم اتصلوا بي قبل أن يتصلوا بعشيق من عشّاقك. أرجو أن تتفهّمي سبب عدم زيارتي لك. أظن أنه من الأفضل أن لا نرى بعضنا بعضاً في هذه الفترة. نزيف! أتعلمين كم مرة أصبت بحالات نزيف حادة؟ جيد، فقدتِ الوعي! هذا لم يكن ليحصل لو كنت بقيتِ هادئة هنا في بيتي. القليل من الدم هو بالنسبة إليك نهاية العالم. أنت قادرة على تحميلي ذنب كل ما حصل لك. لا أصدّق! ستقتلينني من الغيظ. اسمعي، لقد تمكنتِ من إخراجي عن طوري، من الأفضل أن نتوقف عند هذا الحد في الوقت الحاضر. سأتّصل بك حين أنسى الأمر. اتفقنا؟ إلى اللقاء.



* ولد نايف يحيى في ميكسيكو سيتي سنة 1963 من أب سوري مهاجر من السويداء "جبل العرب" وأم لبنانية. تخرّج من الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك سنة 1992 مهندساً صناعياً، لكنه احترف الكتابة القصصية والنقد الأدبي والفني. من مجاميعه القصصية "قصص نساء سيئات" (2001) و"شرائح" (2010). هجرة أخرى قام بها يحيى حين انتقل إلى نيويورك قبل عقدين، مواصلاً الكتابة بالإسبانية.


** ترجمة عن الإسبانية: إبراهيم اليعيشي


 

المساهمون