هزائم

21 مارس 2023
سمير رافع/ مصر
+ الخط -

تعفُّن

ما أحوج البشريّة الآن إلى سيغموند باستور:
فقد استشرى التعفُّن النفسي.


■ ■ ■


قصاص

أيّ عقاب أقسى
من أن يكون الإنسان
إنسانًا قُحًّا؟


■ ■ ■


سرطان

ليس أخطر على المرء من سرطان النفس... فما من علاج أبدًا للأوهام الخبيثة.


■ ■ ■


إحساس

أيّ إحساسٍ
حين تتعفّن الأحاسيس؟


■ ■ ■


عزاء

عزاء الحدائق في أنّ "زهرة الجيفة" لا تُعمِّر أكثر من ثلاثة أيام.
فأيّ عزاء للعالم، وللزهرة السالفة النتن أشقّاء يعمِّرون، رغم أنفه، ما يكفي ليخلّفوا ورثة للخراب؟


■ ■ ■


انبعاث

التبخُّر نوع من الانبعاث، فلولاه لظلّت مياه المستنقعات جثثًا آسنة، ولَمَا كان لها أن تصير غيمًا فمطرًا فأنهارًا تجري فوق جِنان الأرض.

غير أنّ مستنقعاتٍ كثيرةً، مستنقعاتٍ من لحمٍ ودمٍ وأنفاسٍ كريهة، تستعصي على التبخُّرِ فالتحوُّلِ إلى ما ينفع الناس.


■ ■ ■


ستريبتيز

بِنِبال الحَوْلِ وحِبال الحِيلَةِ، ألقى الإنسان القبضَ على الحياة في كامل عنفوانها. وإمعانًا في الفضول، وهو نوع جادٌّ من التسليّة، بات يجرّدها من الثياب، قطعةً قطعةً، حتى أصبحت، فقط، بِوَرَقتيْ توتٍ.
... 
وقد لا يتأخّر الزمن طويلًا، قبل أن يَحْياها أحفادٌ لنا عاريةً تمامًا كدودة الحرير.


■ ■ ■


هدم

وصلًا للماضي بالمستقبل، لا بدّ من طمسٍ كاملٍ للحاضر. هذه هي الوصفة التي اهتدى بها، عبر العصور، عميانُ الحواسِّ والعقول.


■ ■ ■


عربة

ليست الأرض سوى عربةٍ
لنقلِ الأحياء إلى مساكنهم
في ليل الحياة.


■ ■ ■


نزوة

في عقيدة الشرّ
الخير محضُ نزوة.


■ ■ ■


حساسية

تسعى الأجساد بأرواح لا جنس ولا لون لها. لذلك، فالعنصرية إنّما هي مرضٌ أكثر سطحيّةً من حساسيّة الجِلد.


■ ■ ■


الكابوس

فقدان حاسّة الحلم.


■ ■ ■

الحلم

الذهاب إلى الأوقيانوس بروح نهرٍ سرمديّ.


■ ■ ■


ترميم

غالبًا ما يتداعى المبنى المغشوش في غضون سنوات على الأكثر، أما الصّرح الأعظم، وأقصد العالَم طبعًا، وبالنظر إلى ما تعرّض له لُحمةً وسداةً طيلةَ وجوده، فهو لم يتهالك حتى الآن، ليس نِكاية في المنجّمين الذين يتوقّعون له النهاية تِلو النهاية، وإنّما بفضل الترميم والصيانة اللذين حظي بهما على مرّ العصور.

فلئن كانت الصدوع المريعة التي تعتري جدران العالَم، من مُدّة لأُخرى، تعود أساسًا إلى الطغيان والمؤامرات وجنون العظمة والعنصريّة والنعرات والأيديولوجيات الفاسدة والزرنيخ وكاتم الصوت وسوى ذلك مِمّا تفرز غدد الخراب، فإنّ وسائل رأبها، رأبِ الصدوع تلك، من شعر وفلسفة ورياضة وألياف وموسيقى وأملاح معدنية ورقص وجنس وحكمة وغناء ورسم... لا تزال بالوفرة والنجاعة الكافيتين حتى نضوب الزمن.


■ ■ ■


الفساد

يولد وفي فمه رضّاعة من الدم.
بعينيْن واسعتيْن وخدّيْن مُورّديْن يُبعد عنه كل الشكوك، فلا يبدو ربيبًا للباطل من إحدى محظِيّاته.
يرضع بدل أن يصرخ
ويرضع بدل أن يزعج
ويرضع كي لا يضيِّع الوقت
ويرضع بلا هوادة
...
وإذ ينتقل إلى مرحلة الأكل، يُسقط الرضّاعة تلك، فيفتَرُّ فمه الوحشيُّ عن أسنان الحديد.


■ ■ ■


فداء

ماذا
لو كانت البشريةُ
قد اتّخذتْ للفداءِ
السِّباعَ لا الأكباش؟


■ ■ ■


باطل

طلقةُ الحقيقة في صدغ البهتان:
من يصدّق الدماء؟


■ ■ ■


التنفيذ

ما من أحد لم يخطر له يومًا أن يقتل شخصًا ما، وما من أحد لم يخطر لشخص ما أن يقتله يومًا. لذلك، فنحن جميعًا ضحايا بعضنا البعض، ضحايا مع وقف التنفيذ: تنفيذ الخاطر للخاطرة.


■ ■ ■

عقيدة

أيّة عقيدة هذه
التي تجعلنا لا نحطّم التّمثال
إلّا لننحت من أجزائه
أيقوناتٍ على شاكلته؟


■ ■ ■


بورصة

الذهب والنفط والعُملات والأسهم...هذه بعض متغيّرات البورصة التي بها يبتسم العالَم أو يعبس. فقط لو يضيفون إليها الدمَ لنعرف كم يجني صَيَارِفة الدم.


■ ■ ■


أهداف

لم أسجّل أهدافًا تُذكر
والسبب؟
سوء تَمَوْقُعي الدائم في ملعب الحياة.


■ ■ ■


حجر

من حسن حظ البشرية أنّ الحجر الفلسفيّ محض خيال، وإلَّا لكانت قد انقرضت، قبل عصور، من فرط الذهب.


■ ■ ■


عطش

منذورةٌ
للعطشِ
العميقِ
المياهُ
العميقة.


■ ■ ■

الخير

أمام العالَم خيرٌ كثير:
إعادة تدوير الشرّ.


■ ■ ■

الحرّية

عصفور فوق الشجرة أفضل من سِرب في القفص:
مفردُ الحرّية أفضل من جمعِ العبوديّة.

■ ■ ■


تقصير

لقد عاش على هذه الأرض ملايير من الأنذال، وكم يُؤسفني أنّي لم أحتقر منهم، حتى الآن، سوى القليلِ القليل.


■ ■ ■


العبء

إنّ خطوةً نحو المستقبل لَهِيَ مسافةٌ ضوئيّةٌ إذا كان على المرء أن يقطعها ناقلًا قيمة نبيلة واحدة.


■ ■ ■


سعي

لم أسعَ قطّ إلى كلّ المحبّة
فبعض الكراهيّة يُزكّي النفس.


■ ■ ■


هزائم

لقد انهزمتُ في كلّ المعارك
التي لا يُشرّفني الانتصار فيها.


■ ■ ■


تجميل


مع ازدهار الجِراحة التجميليّة، برز السيليكون كعنصر حاسم بين اللحم والصلصالْ:
السيليكون
إكسير
الجَمال.
...
أمّا جراحة الأخلاق، وهي ليست بالتخصّص الطارئ، فقد كان لها دائمًا نجومها، بعيدًا عن سماء الطبّ والكيمياء، قريبًا من أرض الصيارفة والحُواة. 


■ ■ ■


 كذب

أخطرُ من كذبِ الكلامِ
صمتٌ كَذِبٌ.


■ ■ ■


طمأنينة

لفرط ما تعرّض للخذلان، بات يطمئنّ للجميع.


■ ■ ■


طعم

هل تصلح طُعمًا للأسماكِ
ديدانُ القبر؟


■ ■ ■


النسيان

يقينًا أنّ نسيانَ الماضي وصفةٌ مؤقّتةٌ لغير قليلٍ من أوجاعِ الروح، ذلك أنّ قبورَ الذاكرة لا تَدْرَسُ أبدًا.
لكن،
لأيّ أمرٍ يوصف نسيانُ المستقبل؟


■ ■ ■


عبقريّة

إنّما في تدجين القمحِ
تتجلّى أكثر
عبقرية الإنسان
لا في ترويض الضواري.


■ ■ ■


انعكاس

الغيوم أحزانُ النساء
الرعود غضبُ الرجال
البروق كَرْكَرَاتُ الأطفال
أمّا النجوم فأحلام الجميع
...
في السماء كثيرٌ من الأرض.


■ ■ ■


تحاليل

على الطبّ الحديث أن يُدرج ضمن توصياته إجراءَ تحاليل الدمع، أجل تحاليل الدمع، للأفراد كما للشعوب.


■ ■ ■


كشف

لعلّ كشفًا عميقًا بالأشعّة فوق السحرية أن يكشف نسبة السيلكون في أرواح بعضهم. كما من شأن اختبار الحِمض النفسي أن يُسفر عن الحَجَر الذي انحدر من صُلبه غير قليل من البشر: فبين ظُهرانينا سليل الحجر الفلسفي، ووريث الحجر السفسطي، وأحفاد الحجر الذي تخلَّقت منه تماثيل الآلهة.


■ ■ ■


الذهب

مِنْ أيّ أرواحٍ لامعةٍ
تَرَسَّبَتْ
في
الترابِ
عروقُ الذهبْ؟


■ ■ ■


عزلة

كلَّا، ليست العزلةُ موقفًا:
العزلة هي عبقرية الوجود.


* شاعر من المغرب

نصوص
التحديثات الحية
المساهمون