هدايا الحياة

22 مارس 2021
إتيل عدنان/ لبنان
+ الخط -

أحياناً يمضّني التفكير: تُراني أتتبّع، بشكل غير عادل، آثارَ الحياة، في مرورها عليّ، آناءَ الليل وأطراف النهار، فأتزيّد على سلبياتها، وأُطنّش إيجابياتها، ولا أكتب عنها؟ 

هل تُراني فاقد الوعي والإحساس بقيمة النعمة، حالي كحال جيل خليجيّ مُرَفَّهٍ حدَّ الابتذال؟ وأنا الذي، مثل كلّ شعبي، لم يُنجّنا أحدٌ من يد الشرير، وياما مرّت علينا بلايا وهفايا؟

أم هو لا هذا ولا ذاك، وإنّما تكمن المسألة في نفسية مَن يرى إلى الحياة والوجود بعين الشاعر؟ أو بعين المثقف النقدي، إلخ؟

لا أعرف. ومع ذلك، ما كان لي يوماً أن أكفر بنعمة، مهما صغُرت، من هدايا الحياة اليومية، فما بالك بكبار هداياها مثل الحصول على سقف يؤويك من البرد، ولقمة تُدفّئ عروقك، بوصفك تنتمي إلى فصيلة الثديّات الناطقة، مثل أشقّائك في الفصائل الأخرى، هؤلاء الذين يبدون راضين جداً، لو توفّر جُحْرٌ وقُوْت؟

أحياناً يحدث لي هذا، حين أصحو من غفلاتٍ طويلة، على لمعة وعي: اشكر ظروفك يا رجل، فما أنتَ فيه يتمنّاه مليارات من رفاقك البشر. قدّرِ النعمة، قبل زوالها، ولا تكن مثل ذلك الجيل التعيس البئيس. 

لهذا، عليك الآن أن تجزل الثناء لأوّل فنجان قهوة، ولأوّل شجرة بُن نبتت على سطوح الجبال، في هذا اليمن المجروح. فلا شيء يعدل أن تفتتح صباحك، البادئ منذ الفجر الكاذب، بعبق قهوة أصيلة الوجود وثابتته منذ ألوف سنين.


* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا

موقف
التحديثات الحية
المساهمون