"ما يحدث لنا": أزمة ديمقراطية أم مواطنين؟

10 يونيو 2024
+ الخط -
اظهر الملخص
- الديمقراطيات حول العالم تواجه تحديات جذرية، حيث يناقش موسى نعيم في كتابه "ما يحدث لنا" العيوب الأساسية للنظام الديمقراطي، مشيرًا إلى أن المشكلة ليست في النظام بحد ذاته بل في ممارسة المواطنين له.
- يستعرض الكتاب أمثلة مثل الولايات المتحدة وفنزويلا لتوضيح كيف أن اختيارات المواطنين وعدم وجود "الوعي الاجتماعي" يمكن أن يؤدي إلى نتائج سلبية، مؤكدًا على أهمية الوعي السياسي والاجتماعي.
- يثير نعيم تساؤلات حول الديمقراطية ويدعو للتأمل فيها بعيدًا عن الأفكار الشائعة، مؤكدًا على أن الحل يكمن في جهود المواطنين نحو اختيار قادة حقيقيين وتعزيز الوعي الاجتماعي والسياسي.

في العصر الذي نعيش فيه، صارت الديمقراطيات موضع تساؤل في جميع أنحاء العالم. حتى إنَّ مؤسّسي هذا النظام لإدارة الدولة والمجتمع، منذ القدم، كانوا يعلمون أنّه نظام غير كامل. وفعلاً، مع مرور الزمن، طُرحت العديد من التساؤلات من زوايا مختلفة. فمن ناحية، هناك المستبدّون الذين يريدون مزيداً من السيطرة على أدوات الحكم والإعلام والتعبير، ومن ناحية أخرى لدينا أولئك الذين يعتبرون أنَّ الديمقراطيات الحالية ليست ديمقراطية بما فيه الكفاية، وبالتالي يطمحون إلى مشاركة أكبر للمواطنين في صنع القرار.

هذه الأمور وغيرها يعالجها الكاتب الفنزويلي من أصل ليبي موسى نعيم، في كتابه الصادر حديثاً عن دار "ديباتي"، والذي يحمل عنوان "ما يحدث لنا"، إذ يعدُّ استكمالاً لمشروعه الأول بعنوان "إعادة التفكير في العالم. 111 مفاجأة في القرن الحادي والعشرين"، والذي يتناول فيه القضايا الكبرى التي تهدّد مجتمعاتنا: سيادة القانون، حالة الطوارئ المناخية، الذكاء الاصطناعي، أزمة الديمقراطيات، وما بعد الحقيقة. 

نقطة البداية في الكتاب هي عدم اليقين الهائل الذي نواجهه في مجتمعاتنا، غير أنَّ المؤلّف لا يقدّم حلولاً، بل يثير تساؤلات ويدعونا للتأمل في المشكلات وفي تحليلها أيضاً، بعيداً عن الأفكار الشائعة، وعن التحليلات الإيديولوجية.

قد تكون مسألة الديمقراطيات الراهنة هي الثيمة الرئيسية في الكتاب، ذلك أنَّ المؤلّف يناقش المشكلة وعيوبها من زوايا مختلفة، لكنه دائماً ينتهي، تقريباً، بإلقاء اللوم، لا على النظام الديمقراطي نفسه، بل على من يمارسه، أي على المواطنين الذين، وكما يقول "نادراً ما يتم تحليل ممارساتهم وسلوكهم، إن كانت حقّاً ديمقراطية أم لا".
 
يتّخذ الكاتب كمثال على ذلك الولايات المتحدة الأميركية، كنموذج حكم ديمقراطي، فيقول: إننا "كي نحصل على ديمقراطيات أفضل، نحن المواطنون، علينا أن نبذل جهداً أكبر في العثور على قادة ديمقراطيين بالمعنى الحقيقي للكلمة". هكذا لا يلقي الكاتب اللوم على النظام الديمقراطي في الولايات المتحدة، وإنما على المواطنين الذي قاموا بانتخاب ترامب.

مثال آخر يقدّمه الكاتب هو فنزويلا. وهنا لا يتردّد في نقد اليسار الأوروبي، وخصوصاً في إسبانيا، الذي رأى، على حد تعبيره، في أميركا اللاتينية حلاً لمشكلاته. يقول "لدينا فنزويلا على سبيل المثال، والتي يمكن وصفها بنموذج دولة فاشلة. والسبب كما نعلم هو التدهور الاجتماعي والاقتصادي للبلد الذي أدى إلى خيبة أمل عميقة وانزعاج في المجتمع. مرّة أخرى، المواطنون ليسوا أبرياء مما حدث: لقد وصل هوغو شافيز إلى السلطة من خلال الأصوات".

يعي الكاتب فكرة وجود عوامل أخرى تؤثّر في اللعبة الديمقراطية، وفي قرارات المواطنين، كالتعليم، والوعي الاجتماعي، والوضع المعيشي، لكنه يرى أنه من الضروري من أجل بناء مستقبل نتمتع فيه بقدر أكبر من الحرية والرخاء والعدالة امتلاك ما يسمى بـ"الوعي الاجتماعي"، الذي على حدّ تعبيره، لا يمكننا بدونه امتلاك أي وعي سياسي. 

المساهمون