مئة عام في انتظار الحرب

19 نوفمبر 2023
منزل متضرّر من هجوم إسرائيلي على مخيّم النصيرات في غزّة، 17 تشرين الثاني/ نوفمبر (Getty)
+ الخط -

في انتظارِ الحَرب المستمِرّة منذ أكثر من مئة عام
أستَمِعُ لتعليمات الدفاع المدنيّ:
افحص أبوابَ الجحيم واحداً واحداً
لتتأكّدَ من أنّها مغلَقةٌ جيّداً 

ابحثْ عن مأوىً آمنٍ في الغُرَف
حيث الجدران قليلةٌ والنوافذ بعيدة،
واجلِسْ هناك حتى تهدأ الأمور
وتأكّدْ من أنّك بخير

(ملاحظة: تجنّب النظرَ في المرآة كي لا يروعُك تضاؤلُ جسمِك تحت هولِ الصّمت
وعيون الأطفال وأسمائِهم المحفورة في الجلد،
واحْذَر المَطبَخ والحَمّام والكَلام،
فليست أمكنةً آمِنةً للاختباء).

في انتظارِ الحَرب المستمِرّة منذ أكثر من مئة عام
أُكَدِّسُ الهواءَ في رئتيّ والبُكاءَ في عُروقي
أنصُبُ في أعماقي متاريسَ من الحبّ والغَضَب
تصدُّ اليأَس أو تؤجِّلُ حربَه البرّيّة
أتساءَلُ كم من الماء سيكفي لإطفاء العطش للحرّية 
وكم مصباحَ طوارئ ببطاريّات قابلةٍ لإعادة الشَّحن 
سأحتاجُ لإضاءة الأماكن الداخليّة إنْ أعتَمَتْ
وكم قلباً احتياطيّاً سيلزمني لكي أعبُر كلَّ هذا الموت حيّاً وحرّاً
أُرَتّبُ المعلّبات في مساحة غير محميّة 
وأُفكّر في السّردين الذي لا يتوقّف عن اشتهاء البحر.

في انتظارِ الحَرب المستمِرّة منذ أكثر من مئة عام
أختارُ كتباً للقراءة، 
إذ تؤلمني فكرَةُ الموت دون أن أسمَعَ الحياةَ تقولُ كَلِمَتَها الأخيرة

أبحثُ في مكتبتي عن رسائل فرويد وآينشتاين عن الحرب
فيسقُطُ في يدي، عرضاً، كتاب للمحلّل النفسي الأميركي توماس أوغدِن 
"استردادُ حَياةٍ لم تُعَشْ".


* شاعر من فلسطين

نصوص
التحديثات الحية
المساهمون