فاليريو كاتولو المسكين
لمن ستمنح أبياتك اليوم يا كارتو؟
على أي عضلاتٍ ستُريح نظرتك؟
أيَّ خصرٍ ستُحيطُ ذراعاك؟
أيَّ حلماتٍ وأيّ شفاهٍ يا تُرى ستعضُّ بنهمٍ حتى التعب؟
أنْهِ الآن هذا العرضَ الصامتَ والمؤلم؛
لقد كانت "ليسفيا" دائمًا -أيها الشاعر الفريد، والصديق الغالي-
حصنًا منيعًا
لماذا تتذكّر يَدَها المُزهرة بالياسمين
أو تلك التغاريد الخفيفة
التي ترنُّ دافئة في مسامعك؟
لماذا تتحدث عن الحب أو الرغبة إن كانت هي صورتهما ذاتها؟
لماذا تستحضرها وتجعل لها موضعًا أبديًّا في الذاكرة؟ لماذا يا كاتولو؟
لماذا؟
لتتوقّف أبياتُك عن الدوران حول بنطالها الجينز وبلوزتها ذات الحمّالات،
وليعتَدْ جسدُك هذه الوحدة الكثيفة العبثية السابقة أوانها،
وليَضِعْ اسمُها وصورتُها النخيليّة ونظرتُها السوسنيّةُ،
شيئًا فشيئًا، بصرامةٍ ودون رجعة
في ذهاب الأيام ورجوعها
الشاكِّ والمؤلم.
ولا يُهِمّ أحدًا إن كان اسمُها دينيس، أو كلوديا، أو بالنتينا
فما يُهِمُّ يا فاليريو كاتولو المسكين؟
ما يُهِمُّ؟
■ ■ ■
أحد ما
(إلى خوسيه إيميليو باتشيكو)
أحد ما ليس أنا
يشبهني تمامًا في كل شيء
يطوف بخطواتي ويتبعني
آخَر هو من يلفظ كلماتي
ويوقّع على أفعالي
ذاكرتي يحفظها آخر
وآخر من يزوّد بالوقود شعلة عيني
أحدٌ أنا بديلٌ له
يتربّص بي في المرآة
وينسخ واحدًا بعد واحد
حتى أكثر ملامحي خفاءً
لستُ لذلك الشبه وهذه الصورة الدقيقة
سوى صورة من الآخر.
■ ■ ■
القطار السيبيري
يقطع القطار السيبيري
يوميًّا عشرة آلاف كيلومتر
ليصل من موسكو إلى فلاديفوستوك
في سيبيريا
ونحن نسكن المدينة نفسها
ونتلاقى يوميًّا في الشارع
لكنَّ لقاءنا أبرد
من ليلة صقيع سيبيريّة
ولم يُنشئ أحدٌ بعد
القطار السيبيري الذي يحملني إليك.
■ ■ ■
هذا هو اليوم
وصلتْ بتمامها لتُعلن قدوم الربيع
قِصَرُ تنّورتِها يُمجِّدُ هذه الحياة دائمة الانبعاث
إنها الجنوبُ الحنون الذي تلتجئ إليه أسراب الطيور
وسببُ ارتفاع وخفّة طيرانها
في بشرتها فحَسْبُ يكون للصفاءِ منطقٌ
وتحت جفنِها يصبح كُلُّ شروقٍ ممكنًا
تغلب فتاتي يد الليل المهيمنة
ليُشقشِقَ النورُ
من جسدها النحيل.
■ ■ ■
يومًا ما
(إلى خوان كاميرون)
يومًا ما عثرت إسطرلاباتي على عينيها
فانطلقت تشقُّ في جوٍّ صافٍ بحور الهناء
ذات يوم، هجّرت عاصفة سفينتي
إلى أن أحسّت الأرضَ وأحبَّتْها
على شواطئ جسدها الناعم
ذات يوم بدأت النوارس رحلتها
من أعلى نقطة من السارية
وكانت الشفافيةُ
في تعامدها على الشمس
أمّا اليوم فمَحَتْ رياح شمالية وعواصف
في أعقابها كلَّ شيء
يُصالحني الخرابُ والغضبُ أيضًا
وهذه الذكرياتُ التي تعيدها إليّ الأمواجُ
بكل عذوبةٍ وسلام.
■ ■ ■
في مياه الصيف الدافئةِ
حمّمتُ جسدي في مياه الصيف الدافئةِ
نحافةُ فتاتيَ تُنضِجُ الشمسَ
وتجعل أسراب الطيور تُحلِّقُ بحثًا عن أكثر صباحاتِها حميميّةً
خصلاتُ شَعْرِها تربط نقاءَ الهواء
وانحناءات جَسَدِها التي لا تُدرَكُ تَنْسِجُ النور
فتاتي هي الصيفُ
الفستانُ المَشدودُ على خَصْرِ اليوم.
* Alí Calderón، شاعر وناقد أدبي مكسيكي من مواليد مدينة بويبلا عام 1982
** ترجمة عن الإسبانية: أحمد محسن غنيم