قَيْدي المسافة الثابتة داخل رِواق الأشياء

20 اغسطس 2024
"ألم المنزل" للفنان اللبناني وائل حمادة
+ الخط -

الأشياء من حولي
تتشبّث بأمكنتها
تتدثّر برماد العمى
بيني وبينها مسافة ثابتة
يداي في قيد الكآبة
أمّا العاصفة 
التي ضربتْ منذ قليل
ولم يسمعها بَشَر
فهي في جوفي
تُفتِّتُ بصبْر لَعين
أساطين الإيمان

ترفض أشيائي الرحيل
كما جسدي
تلْكمُه العاصفة في الداخل
تهزّه كَقارب قديم
تلويه
لكنّه في كلّ مرة يُلملِم شتاته
يتكوّر كَجَوْزة 
يصبح شيئا من الأشياء
بِروح مُعافِرة

الدَّرَجُ الذي سَمِع أنّاتي
والناس نيام
تنهّدَ
لم يكن مستعدّا لصعود ونزول
يتكرّران
كثيراً
عمّا تبحثين؟ سألَ
في كثافة الليل
يدُها على الدّرابزين
باردة
كَصفعة ثلج
وصَلاتُها خافتة
كَرفرفة طائر لَيْليّ

لا يعرف الدَّرَج عن الألم الغائر شيئا
لكنّه تعلّم 
أن يَعُدَّ صعودها ونزولها
أن يرهف السمع
ليلتقط صراع الشهيق والزفير
خلف الباب الحديدي
الكلام سكّين ذَبّاح
يترك مسارات الجراح
ترشُح وَحدة
الكلام انعتاق وفضيحة
كيف تواجه صمَمَ القبيلة دون خسارة؟

إنّها تُنقِّب عن الأكسجين
عن فرح نقيّ
عن أثر تحليق 
عن لحظة تَحرُّر الثّمرة من الغصن
قالت
إنها تتقفى رحلة النحل
تقرأُ لغة الحب على شفتيْ الكون
إنها تتلمّس شاكْرا القلب
تبحث عن الباب الذي ترتاح خلفه ذاتُها

تقول الأسطورة
إنها كانت تعرف كلّ شيء عن حياتها
لكنّ إصبع الملاك
أَطفأتْ ذاكرتَها
لحظةَ الميلاد

بين الأمكنة التي أعرف
لا أدري أيّها يناسبني
فالمكان مراوَغة دائمة
يبني حولي طحالب الاغتراب
ويزرع تحت نافذتي لغة الحنين
أُهرول كي أحضن نفسي هناك
لا أصِلُ
أشرب من عين السّراب
جرعة ارتباكي

فقدْتُ إيماني بجدوى ريح السِّيروكو
فقدتُ إيماني بأبناء مملكة النحل
أنا التي خلف الجدار
أصعد وأنزل الدَّرَج ألف مرّة
والناس نيام
قَيْدي المسافة الثابتة
داخل رِواق الأشياء.


* شاعرة ومترجمة من الجزائر

نصوص
التحديثات الحية
المساهمون