قصائد دنماركية تتذكّر كورونا

21 أكتوبر 2022
كلاوس هوك (تصوير: ميليسا كوهن هيريلد)
+ الخط -

الاقتراب من موت جماعي، دفعةً واحدة: هذا ما جال، ربما، في عقل العالم، خلال العامين الماضيين، بسبب جائحة كورونا. ولا نعلم إنْ كان ما يجول في البال حالياً - تحت وطأة الحرب التي تُخاض في هذه الأيام، والتهديدات المتبادلة بخوض حروب أُخرى - هو أن الكون برمّته مهدّدٌ، ولا سيما بعد الإعلان الأكثر رعباً، من قِبَل النظام الروسي، عن إمكانية استخدام سلاح نووي.

هل تتبعنا اللغة في ترجمة كلّ هذه التجارب التي نمرّ بها، وهل تلحق بتأمّلاتنا؟ وهل القلق يتحدّث اللغة نفسها في مختلف أقطاب الكرة الأرضية؟

كتب الشاعر الدنماركي نيلس لونگسو (Niels Lyngsø) نصّاً مطوّلاً عن فيروس كورونا قبل عامين، وجاء في مستهلّه: "لا يمكنني أن أفهم. لهذا أنظر في الإنسيكلوبيديا وأتحقّق على شبكة الإنترنت، أتلمّس طريقي وأحاول استيعاب هذه الظاهرة. ربما لأن تداعيات ما يحدث تبدو عصيّة على الفهم أكثر من غيرها ممّا جرّبته خلال نصف القرن الذي عشته. سبق لـ وليم بوروز (William Burroughs) أن كتب أن اللغة هي فيروس من الفضاء الخارجي، ونحوّر اليوم كلماته: الفيروس هو لغة من الفضاء الخارجي؛ لغة لا نفهمها!".

وقد خاطبت جريدة "إنفورميشون" الدنماركية بعض الشعراء الدنماركيين الذين كتبوا نصوصاً خلال فترات العزل الصحّي لتزويدها بها، ومن هذه النصوص ما كان تدويناً يومياً وتأمّلياً، ومنها ما دار تحديداً حول فحص الحالة المباغتة التي أصابتنا في ظلّ الحائحة.

هنا ترجمةٌ لبعض من هذه القصائد.


1

حلمتُ
بأنّ كلَّ واحدٍ منّا
قد فَهم جيّداً
بأننا عِشنا
بأنّ الطيور عرفت كلّ شيء عن
أغانيها
بأن الأسماك لزمتِ الصمتَ
من دون صعوبة تُذْكَر
بأن الأزهار كانت على بيّنة
من تورّدها
بأن كلَّ كلبٍ قد أدركَ
أن كلَّ آخر غيره ينبح
بأن جسدي بلا شكّ قد فَهِمَ
أن يكون رائعاً
حلمتُ حُلماً
مئة ثانيةٍ متلاحقة
لأنها سرعان ما ستكون
منذ شهر مضى
حين ــ بدفعةٍ واحدة ــ استيقظتُ
لِهَلَعِ جديدٍ في العالم
حتى حياة الإنسان
كلّ حياة البشر في حرب
مع جيشٍ من أشباح الطبيعة
على مقبض الباب والجِلْد وكلّ ما هو قريب
وفهمتُ فجأةً: لا شيء
لا شيء من كورونا العالم
عدا أن نتبّعَ بلطف وهدوء
أوامر القائد الأعلى 
أن نبتعدَ عن بعضنا
ولا أحد يعرف إلى متى؟


(ماريان لارسن Marianne Larsen)

ماريان لارسن بتصوير لارس غونديرسن ـ القسم الثقافي
ماريان لارسن (تصوير: لارس غونديرسن)

2

"ما أفعله هو فقط أنني أدفع، كلّ يوم، إيجاري في بُرج الأغنية"
ليونارد كوهن

بعد الرحلة
بالكمامات والقفّازات
بالطائرة
من مطار إلى مطار
وفي القطار نصف الفارغ
الذي أقلَّنا إلى البيت.

بعد العزل
ها نحن نقف
في السوبرماركت
على مبعدة أربعة أمتار
من الأقربين.

الأولاد
يجلسون حذوَ الصناديق
في المساءات الطويلة
الذاهبة
صوب الليل المظلم.

عالياً فوق سوبرماركت "ريما"
فوقكِ، فوقي
فوقهم وكل
النجوم الساطعة
في السماء، في هذا البرد.

كواكب وشموس
أجرام وأقمار
دوّارة انفجارات 
من عتمةٍ وضوء.

مستعرّات عظمى وليدة
وأكوان منسيّة.

القمر جديد
يتسكّع مع الزّهرة
في اقترانهما.

هانك وليمز وبيورنفي
يسعلان هناك
في المتلاشي.

والذي سيأتي
عالياً عالياً فوق
في برج الأغاني.

مثل ضوء
محض ذرّات من ضوء
فضاء لا يُعقَل
لامتناهٍ
من كلّ صوب.

صورٌ رحّالة
من أحلام الأطفال
تنطوي على كلّ شيء
ولا ضرورة
لأكثر من كلّ شيء.

اليوم حصلوا
على شاشات 
أمامهم
الأولاد
الذي يجلسون
تحت النجوم.


(بيتر لاوغسن Peter Laugesen)

بيتر لاوغسن بتصوير فيلي فينك إيزاكسن - القسم الثقافي
بيتر لاوغسن (تصوير: فيلي فينك إيزاكسن)

3

وكأنّ الواقِع
صار
واقِعاً

في اللحظة التي 
توّجَ كورونا بفخرٍ
فِعلَه

جعلَتْنا نرى كم هو هشّ هذا العالم
الذي ظننّاه من قبل
لا يتزعزع
ولكن ها انظرْ
في غضون شهر
الأخبار الكاذبة

في غضون شهر قامتْ 
حربٌ من أجل الخبز وورق
التواليت - ليس أكثر 
من فيروس صغير
في حجمه
على الشاشة 
جميلٌ مثل قرنفلة حمراء -

ليس أكثر من ذلك 
ليفضَحَ هشاشَتَنا.


(كلاوس هوك Klaus Høeck)

نصوص
التحديثات الحية
المساهمون