قدّم الفنان السوري فادي يازجي (1966)، خلال السنوات الأخيرة، أعمالاً متنوّعة في الرسم والنحت والجداريات التي تركّزت ضمن مناخات كابوسية ارتبطت بمشاهد التدمير والخراب التي هيمنت على بلاده في العقد الأخير، والصراع الدائم الذي يعيشه الإنسان مع الطبيعة من حوله.
ويستند في مجمل تجربته إلى دراسته الأكاديمية للنحت، حيث تخرّج من "كلّية الفنون الجميلة" في دمشق عام 1988، ليقدّم شخصياته التي تبدو غالباً فاقدة لتوازنها أو غير منسجمة مع محيطها، أو تمّ تشويه أجزاء من جسدها وتعيش حالات مكثّفة من الألم والعجز.
حتى العاشر من الشهر الجاري، يتواصل في "دار الفنون" بالعاصمة الكويتية معرض يازجي الذي افتُتح بداية الشهر الماضي، ويضمّ مجموعة من رسوماته التي تشكّل امتداداً للوحاته السابقة في رصدها الهلع والذعر والفزع الإنساني ضمن لغة تنحو إلى الرمزية.
يميل الفنان إلى التجريب في استخدامه لتقنيات وموادّ خام متنوّعة، حيث يرسم على القماش، والمنسوجات، والورق المقوّى، كما يستخدم ورق الصحف وغيرها من المواد مثل الأكياس الورقية، أو الخبز العربي أو قطع الصلصال في تنفيذ أعماله التي تغلب عليها ألوان الأكريليك.
في تصويره للحيرة والإرباك اللذين يعيشهما الإنسان، يذهب يازجي في بعض لوحاته إلى محاكاة الأساطير كما جسّدتها حضارات بلاد الرافدين وسورية القديمة، باعتبارها مصدراً أساسياً لذاكرته البصرية، خاصّةً في تناول الجسد وانتقاله من العادي إلى الأسطوري، كما يقدّم الجسد في تجربته الحالية في أحجام صغيرة للدلالة على ضعفه وهشاشته المزمنَيْن.
وتبدو كائناته دائماً في حالة من التحوّل المستمرّ، معلّقة في وضعية متأرجحة وغير مستقرّة، مدفوعة نحو الحافّة وغير قادرة على التحكّم بحركتها، نتيجة إحساسها بالضيق في المكان الذي تسكنه، وتلجأ إلى التشكّل بهيئة الجنين أو تسعى إلى الطيران بجناحَيْن ضمن أبعاد ملحمية.
يقول يازجي في تقديمه المعرض: "أقزامي لا تزال قصيرة الأعضاء، بل تقصر أكثر، تطير ربما؛ أقزامي – أقزامنا – نحن – أنا، لن أبكي أشجاني وأحكي قصّة ناسي الذين يلامسون كتفيّ وعينيّ كلّ يوم، لم أكن شجاعا يوماً لأقول ما يعتمل بداخلي إلّا ببكائي".
قدّم فادي يازجي فادي رسوماته الأولى بألوان الزيت قبل أن ينتقل إلى النحت بالخشب والطين والحجر، وأقام العديد من المعارض في سورية ولبنان والأردن ومصر والكويت والبحرين وهونغ كونغ وبريطانيا والولايات المتحدة.