على أُهبة النزوح

حبال المقاصل ذائبة
ونحن قرابين هذا القرن
نمرّ على المقصولين كلّ ليل
ونودّعهم تالي النهار
ثمّ نُكمل باقي اليوم
ننقاد لطوابير الخبز والماء
يجمع أحدهم أرقام الهويات
يغيب ثم نُدركه على بسطة
يبيعنا طعامنا وطرودنا
لا تكاد سيقاننا تحملنا
ونحن غرباء الخيام والمدارس
طالت وتجاوزت طاقاتنا
ولا زال يخطفنا سادة الكذب
ضللنا بوصلة الوقت
فمررنا بشتاء ثمّ صيف
وتبعثرت الأيام في صمت المآذن
كما ابتُلينا بماهية الأماكن
على أُهبة النزوح حسب الأوامر
متاعنا عزيز علينا..
الفراش والغالون
الطحين والشوادر
البطّارية والمعلّبات.

■

نعيش في كابوس
تتقاطع مسارات القذائف
ونمرّ من تحتها ولا نأبه
نستودع أنفسنا وأهلينا
أحزمة نارية كأهوال الواقعة
توقّف نبض القلوب.

■

ثمّ نبدأ فصلاً جديداً
ونعجز عن إجابة أطفالنا
من ولمَ وكيف ولماذا؟
نُقابل في النزوح كلّ المعارف
نطرف بالتحية وترتدّ أعيننا إلى الأرض
غابت المناصب والمراتب
ذلّ العزيز... وتعالى اللصوص
تلوّن المشهد القديم
حلّاق على الطريق
عربات الدواب حلّت من جديد
غابت الكهرباء وحضرت الخلايا
ندور حول المدفع والبحر والعلم والطيارة.

■

ثم نستفيق نتابع الأخبار
فارَق المتضامنون الميادين
وضجر الأنام من حكاوينا
سنبقى وحدنا
ووقع علينا قضاء الربّ
نواجه شرّ أنفسنا وشرّ العالم
إمّا البقاء في الإبادة
أو الاستباحة من جار السوء
شُلّت كلّ المرافق
وأصبحنا نشبه بعضنا في الملامح والهموم
ندفع أثماناً كبيرة
ندين لبعضنا بعزاءات كثيرة
ثم نُحبط من جديد.

■

نصطفّ ننتظر نَحبَنا حول نفس المقاصل
تعتصر قلوبُنا ونجرّم أنفسنا
ونقضي عاماً في النزوح
أدركنا أنّها تصفية للجميع
وأنّنا تحت احتلالات كثيرة
تنوب عن المحتلّ الرئيس
أماتوا إنسانيتنا
فلم نعُد نعلم الواجب ولا الحقوق
فأصبحنا مروّضين للمقاصل
متى ينتهي هذا الفصل؟
وهل سنحظى بفصل جديد؟

(26 آذار/ مارس 2024، أماكن النزوح وسط قطاع غزّة)

* فنان تشكيلي من غزّة

آداب وفنون

التحديثات الحية

محمد أبو سل.. أدوار الفنّ في المقاومة