تعود بدايات ظهور النسيج في أعمال الفنانين منذ القرن التاسع عشر مع انتهاء وظائفه التقليدية العملية في الحرف اليدوية، ورغم صعوبة الفصل بين تطوّر أشغال المنسوجات طوال آلاف السنين جمالياً، إلا أن انزياحها نحو الفنون المعاصرة جعلها تتداخل مع وسائط أخرى، وتُستعار تقنيات عديدة منها في أعمال التركيب والتجهيزات.
حتى الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، يتواصل في "غاليري الفن الحديث" بمدينة ميونخ الألمانية معرض "عوالم النسيج" الذي افتتح في الحادي والعشرين من الشهر الماضي، ويضمّ اعمالاً يعود أقدمها إلى مائتي عام مضت.
يضيء المعرض تجربة الفنانة الألمانية آني آلبرز (1899 – 1994)، التي التحقت بــ"مدرسة الباوهاوس" في فايمر، خلال فترة لم تكن جميع التخصصات مفتوحة أمام النساء، حيث حُرمت دراسة فنون الزجاج، ما اضطرها إلى تعلّم النسيج، حيث تروي في كتابها "مادة مثل استعارة" كيف استطاعت أن تطوّر رؤيتها في تصميم كساء لجدران تعزل الصوت وتعكس الضوء، حتى أقامت أول معرض لمنسوجاتها عام 1949.
يستعرض المعرض تاريخ العديد من الفنانين، أغلبهم من النساء، اعتُرِف بمكانتهن في وقت متأخر، بعد أن أدمجت مدرسة الباوهاوس الحرف اليدوية بالفنون الحديث، وظهرت تيارات متعدّدة في أوروبا والولايات المتحدة قبل أن تنتشر في جميع أنحاء العالم، مستفيدة من خصوصية كلّ ثقافة في صناعة النسيج بتراثها.
إلى جانب أعمال الفنانين، تُعرض نماذج من صناعة السجاد في المغرب وبنما وأفغانستان، وكذلك المنسوجات الأوروبية منذ الخمسينيات حتى الوقت الحاضر، مأخوذة من أكثر من مئة وثمانين معرضاً فنياً للسجاد والجداريات والأقمشة والسلع الصناعية وابتكارات النسيج.
تمحور العرض حول أربع نقاط محورية: الأولى تتناول "وجهات نظر متعددة التخصصات" حيث يظهر تشابك تخصصات التصميم والحرف اليدوية والفن منذ عشرينيات القرن الماضي وثلاثينياته، والثانية "السرديات العالمية" التي تبيّن طبيعة التفاعلات بين التقاليد التصويرية داخل أوروبا وخارجها، بينما تركّز الثالثة "المنسوجات والفضاء" على الهياكل ثلاثية الأبعاد الجديدة، وتذهب الرابعة "التطورات المبتكرة" إلى نقاش المواد والتقنيات المستقبلية، بالاعتماد على أحدث تجارب الفنانين منذ بدء الألفية الثالثة.