ضُمّنا إلى غلافكَ يا ربّ

18 نوفمبر 2023
عائلة في منزلها الذي دمّره القصف الإسرائيلي، دير البلح، 15 تشرين الثاني/ نوفمبر (Getty)
+ الخط -

في السابعِ من تشرين

نحن هنا يا ربّ. تحتَ أنقاضِنا وتحتَ عرشك. قَرابين، وَشُهداء، وَمُشْتَبهٌ بهم. فقأنا أعين القتَلة كلّهم في السابع من تشرين. وفتحنا شُرياناً بما طيرُ الشراع جرى؛ لكنّ الدم لطّخنا. وكنّا جرحنا كبرياء الحواضرِ لكنّ الحداثةَ طوّقتنا. المراثي جريمة في لسان النسّائين. وكلّ شاعرٍ اتّخذَنا استعارةً هَجوناه. عبرنا الغلافَ وما بعد الغلاف. ورأينا الأحلاف تَعقِد الأحلاف. الشراع شريعتنا والشمال مدينتنا. فضُمّنا إلى غِلافكَ يا ربّ أو أعدنا إلى بلادنا راجلين.


■ ■ ■


غزّة

نازحاً عن شَمالكِ
أحملُ ابني مَتاعاً
وذاكَ الجنوبُ يجاري جريرتهُ،
وانحناءةُ ظهر الكهولِ
تنكّسُ خطواً
وتطوي على دمعها عَينها بالتماعٍ يزيدُ التماعاً
غزّةُ غادري نحو الغِلافِ كتاباً
ولا تتركي للغُزاةِ
طفولاتِ جيلٍ يُصعّدُ قاعاً
ويبني القِلاعا


■ ■ ■


شاشة الشرّ

يا طِفلُ يا طَليقَ النوايا،
يا معبداً خالياً
من الخُطى والخطيئةِ،
يا جميعاً لا يراه القتلةُ
ولا القومُ الغُثاء...
وسّع حِذاء الدمّ،
وسافر في التهتّكِ المرير.
لا ملائكة يزفّونَكَ
إلى مَباهجِ المنتصرين،
ولا شياطين يبكونكَ
في شاشة الشرّ
أو يبتسمونَ لخروجكَ
من جِنانهم،
وحدها الأكفان محبّةٌ وبيضاء،
والزمان زَرَدٌ حارّ،
والضمائرُ غائبةٌ
في مُتحفِ الجَليد.


■ ■ ■


سنبكي عليهم 

سنبكي عليهم، 
ونبكي على رحلةٍ لا تُجارَى
سنبكي شهيداً يُخاطِبُ نفسه في المراثي،
لماذا جَرت عادة الموتِ
ثمّ استقلّ الدخانُ القِطارا

ألا فاقتلوني ولا تحزنوا أيها الشُعراءُ الغَيارى
أنا الغيمُ في غارةٍ،
واستمالةُ طَرْفِ السماءِ،
ورمل الوصايا، وكأسُ السُّكارى
ألا تكتبونَ عن الطفلِ يُوسفَ
ألقاهُ أخوتهُ صامتينَ،
ألا تعبرونَ إلى دمعةٍ في الرجالِ
ألا تعذرونَ العَذارى؟


■ ■ ■


عن السجلّ العائلي 

... لو يتكلّمونَ الآنَ عن جُرفِ الحليبِ،
لعلّهم كانوا صِغاراً في القصيدةِ
ربّما لولاهمُ ما طَيَّشَ الأعداءُ قتلانا،
ولا عرجتْ خطانا في الطريق.
ما للغزالةِ في دَمِ الصيّادِ؟
سرعةُ غابةٍ في الرَكْضِ
أم حربٌ تفيضُ عن السجلِّ العائليِّ
وأخوةٌ في الخندقِ المفتوحِ للأعلى
إذا رملٌ يقارعُ
قِسمةً مأكولةً في عَصْفِها.
ويدي أنا يدكِ النَّحيلةُ
تستحي من غارةٍ مَغرومةٍ
لكنّها لا تستحي من قَصْفِها!
وفي الحَرْبِ يجري الرُعْبُ في طُوبةِ الأنا
وفي الحَرْبِ يكفي الرُعْبَ أن ينهشَ الرُّعْبا
حفيفٌ من الماضي، وحَفرٌ مُؤبّدٌ
وتبلى عظامي بعدما تسكنُ الشَعْبا


* شاعر من فلسطين

نصوص
التحديثات الحية
 
المساهمون