سورية

12 اغسطس 2022
(ليوناردو طونيني)
+ الخط -

نذرتُ لنفسي صوماً
حتى أحصل على: قُضي الأمر.

قلّبتُ عينيّ في السماء
ورأيتُ الوجود يحتلُّ الأفق،
من أمامي ومن خلفي ومن فوق.

ما أنا بقارئ: ردَّ محمد

ثمّة صومٌ للجسد
وصومٌ للذهن عن دنس الأفكار
وصوم ثالث نمسك فيه عن مشاغل الدنيا. 


■ 


يطلُّ الرصيف على مشهدٍ من حماة:
أرواحُ شعب وجرذان في قناةٍ
استحالت حمّام سباحة.
سوق حلب 
مقابر قاطورة
وأحمد الذي يبعث لك الرسالة النصية المعتادة
ليلة هانئة.



سبحتِ في نهر الفرات
لتثبتي لنفسكِ شيئاً 
غير عابئةٍ بالحفاظات المُتّسخة
ولا بي أو بمحمود المتيبّسين على الضفة 
لم تعنِكِ ثرثراتُنا اللا متناهية 
وصحراء الكالسيت التي تركناها وراءنا
وذاك الكاسر ذو العين النزقة
الذي كان يلتهمنا بنظراته من فوق كثبان حجر 
لا، فأنتِ في الفرات
كنتِ تبحثين عن لحظة إشراق ليس إلّا
أعاقتكِ في مهمتكِ ثيابكِ
التي لم تتمكني من خلعها.



من بين كلّ الصور، كلُّ شيء يذكّرنا بشيء. 
رحلتنا اختُصرت في لحظة تحميض الصور: 
وضحكةِ الفتى
لكن حاولَت إفسادها: صور تتداخل ببعضها:
في القائمة غباء البشر، ودم يروي مجزرة. 
وعلى أيّ لم يبق الكثير من الشيء الكثير: ومما تبقّى، ليس سوى النزر اليسير.



الرصافة
لا أدري، لكنّهم ربّما يُحسنون صنعاً
بتدمير كلّ شيء
ومسح ذاكرة الحثّيّين
والسلوقيّين والرومان 
شاسعة جداً هي المسافة التي تفصلنا
عن هذه الحجارة 
ومراعي الغيم والماعز
وفي أثناء ذلك فإن الشعراء الموهومين
ما يزالون يحاولون ترجمةَ لغةِ الطيور
ولكنك في الرصافة أدركتِ 
أن لا أحد سيُجيبكِ.



من دون أيّ مقدّمات:
ولا حتى هسهساتِ الليل. 
على حين غرّة
حصىً على الطريق،
وتلك المفردة المستخدمة بقوة: 
حياة: كأنك تقول كلّ شيء أو
لا شيء، أو أن تختصر إحساسك بالعالم ككلّ.
ما بين النفَس وما يليه.
أضاؤوا المصباح في غرفتك.

في لحظة السقوط لا يسعك سوى الحسرة.


في حماةَ ثمّة نواعيرُ خشبية كبيرة،
تجلب المياه من نهر العاصي 
إلى المدينة
كما في العصور الوسطى
يقول المرشد؛ الفتيان يركبونها يدَعونها
تحملهم إلى فوق ومن هناك
يتهاوَون، يكادون يلامسون 
ريش النواعير وفراشاتها ومعها قلبي
يرافقهم عند كلّ غطسة.



هرِمنا، ومصيرنا هو الفشل
في رؤية نور الأشياء
لكن وجوهكم القديمة هذه جميلة
في هذا المساء، جميلون أنتم
يا من عرفتم الموت، لكنكم تبتسمون.


بصرى مدينة معتمةٌ من البازلت الأسود
هناك رأى الراهب بحيرى
مستقبل نبي في فتى ذي ذهن نيّر.
مسرح لم يتغير
أطلال تختلط بمنازل
يحيا فيها البشر.



تدمر مجهولة الفيافي
أعمدة إسمنت متداعيةٌ 
على قيد الحياة هي فقط بصغارها وشيوخها
قلّة من السياح، النساء الوحيدات السافرات
أميركيات بسمّانات عارية، يبتسمن للصغار والكبار.



قالها لوكريتسيو
أسلحة آبائنا القديمة
كانت أيادي وأظافر وأسناناً
وأغصاناً وحجارة تُلتقط من الأرض
وبعدها لحسن الحظّ، أتت الحضارة.



ألا ترى؟ كلّ شيء هو حلم، 
الطبيعة نفسها
تغطّ في نومٍ عميقٍ
لم تقم يوماً،
تحلم، 
وكذلك نحن
العصور لم يمسّها سوء، وهي تتعايش مع بعضها
ليس حقيقياً ما يظهر من العدم ثم يغيب
ما يختفي ويظهر هي فقط صفة الثابت الأبدي.



بطاقة 

Leonardo Tonini شاعر وناقد إيطالي من مواليد عام 1974 شمالي إيطاليا. في عام 2019 حوّل المايسترو ستيفانو غيسليري مجموعة قصائده المعنونة "سورية" (المترجمة هنا) إلى مقطوعة موسيقية عُزفت في استوكهولم ومدن أخرى. حصل الشاعر على جائزة "فيرجيليو ماشاردي" عام 2015 لجهوده الثقافية.

نصوص
التحديثات الحية
المساهمون