أعطَوه يداً، قال لهم: لا تذكّروني بها، وهي التي تقبضُ وتبسط.
أعطَوه قدماً، قال لهم: لا تذكّروني بها، وهي التي تَطوي السَّموات والأرضين.
أعطَوه وجهاً، قال لهم: ما مرّت ريحٌ على وجهي إلّا هطل المطر، وما رآني أحدٌ، إلّا احترَق ونبتَ له ألفُ ألفِ جناح وصار كلامُه مسكاً وعنبراً.
وحين اقتربوا من عتبةِ بابِه، قال لهم: حسبكم مكانَكم، وقصَّ أجنحة أفكارهم ونثرها في الكون بدداً، بدداً!
■
أنتَ يا من وضع على خدِّه كرسي الحروف، وربطها بأحزمة الخوف، لماذا لمَّا تكسّر خيطُ شمس، سالت نقطةٌ، وفاضت أودية وارتجّتْ في آخر الأرض مدنٌ وبلدات.
■
مرآتي لا ترى غيري، وهي مغمضةٌ، كيف وهي مشرّعة على الساحات والشوارع؟
■
الكائنات ألفاظ، لا تخرج من باب إلّا لتدخلَ آخر. يصفونها بالجنون لأنّها جنحت عن الطريق وبالجهالة لأنّها وقفت.
■
الدنيا وما فيها، حبّة خردل في فمّ طائر!
■
هو في كلّ ذرّة والذرّات أحلام. يسمع ما تفرّق في البراري والغابات، يرى ما ابتعد من الكائنات وضلّ الطريق. يسبقهم وليس معهم، يتقدّمهم وهم وحدهم في الدروب والمسالك.
* شاعر ومترجم من ليبيا