رغم عدم الاتفاق على موعد موحَّد لـ"يوم الأب"؛ إذ يجري إحياؤه في أيام مختلفة من حزيران/ يونيو، فضلاً عن أنّه لم يُعتمَد بعدُ بشكل رسمي في أيّ بلد عربي، إلّا أنّه، وعلى مستوى ثقافي، قد يكون مناسَبةً لمساءلة نصوص وكتابات أدبية مختلفة؛ خصوصاً إذا كان أصحابُها قد تناولوا علاقتهم بوالدهم، أو أشاروا إليها عبر ما كتبوه.
عند السادسة مساءَ الثاني والعشرين من الشهر الجاري، تلتئم نوادي القراءة الثلاثة في بيروت، والتابعة لـ"جمعية السبيل"، في "مكتبة بيروت العامّة"، لقراءة مقتطفات من كتاب "رسالة إلى الوالد" للكاتب التشيكي فرانز كافكا (1883 - 1924)، وذلك لمناسبة "يوم الأب". وتتوزّع القراءات على ثلاث لغات: العربية والإنكليزية والفرنسية.
تهدف الأمسية إلى إضاءة هذا النص الأدبي الذي كتبه صاحبُه خلال أربعة عشر يوماً فقط، بين العاشر والخامس والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر 1919، وكان يبلغ من 36 عاماً، في حين كان عمرُ والده (هيرمان) 67 عاماً.
رأَت أجزاء من الرسالة، التي يبلغ طولها 103 صفحات، النور للمرّة الأُولى مع الأوراق التي نشرها ماكس برود عام 1953، قبل أن تصدر كاملةً في طبعات مختلفة خلال عقدَي الثمانينيات والتسعينيات.
ويشير المترجم إبراهيم وطفي (1937)، المتخصّص بنقل أدب كافكا إلى العربية، في مقال سابق له على صفحات "العربي الجديد"، إلى العلاقة المتوتّرة التي جمعت صاحب "الانمساخ" بوالده؛ إذ استقى عوالمه الكابوسية من معاملة والده له، الأمر الذي ترجمه أدبياً، سواء بصيغة مباشرة كما في رسالته هذه، أو من خلال العوالم السريالية والرمزية التي لجأ إليها، والتي لم تكن سوى أحداث واقعية ناجمة عن مشادّات وخلافات بين الابن ووالده.
وممّا جاء في الرسالة: "الوالد الأعز، سألتَني مرّةً، مؤخّراً، لماذا أدّعي أنّني أخاف منك. ولم أعرف، كالعادة، أن أجيبك بشيء؛ من جهة بسبب هذا الخوف نفسه، الذي أستشعره أمامك، ومن جهة أُخرى لأنّ تعليل هذا الخوف يتطلّب تفاصيل أكثر ممّا أستطيع أن أُجمّعه إلى حدّ ما في الكلام. وعندما أُحاول هنا أن أجيبك كتابةً، فلن يكون الأمر إلّا ناقصاً كلّ النقص، وذلك لأنّ الخوف - ونتائجه - يعيقني إزاءك في الكتابة أيضاً، ولأنّ حجم الموضوع يتجاوز ذاكرتي وعقلي كثيراً".