تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، الثامن من أيلول/ سبتمبر، ذكرى ميلاد الشاعر الداغستاني الروسي رسول حمزاتوف (1923 – 2003).
إنّه الشاعر الداغستاني الروسي بامتياز رسول حمزاتوف، الذي تحلّ اليوم الجمعة الذكرى المئوية الأولى لميلاده، حيث وُلد عام 1923 في قرية "تسادا" الصغيرة القائمة على قمّة جبل بداغستان. ونشأ في بيت والده الشاعر المعروف حمزة تساداسا، الذي أطلق على ابنه اسم رسول تيمّناً بالرسول محمد.
اختار رسول أن يكون شاعراً مثل أبيه وأسلافه، وكتب أول أشعاره عندما كان عمره ثماني سنوات، وبطبيعة الحال كتبها باللغة الأفارية؛ اللغة القوقازية البحتة والتي لا تعدُّ حكراً على قومية الآفار في داغستان وحدها، بل يتحدّث بها سكان مناطق أذربيجانية مجاورة لداغستان.
في سنّ الرابعة عشرة بدأ حمزاتوف بنشر قصائده الأولى في الصحف المحلّية، وقبل أن يبلغ العشرين من العمر نشر ديوانه الأول تحت عنوان "حبّ لاهب، وحقد حارق"، وتوالت دواوينه التي تُرجمت إلى عشرات اللغات، ومنها "قلبي في الجبال"، و"نجمة داغستان"، و"علي يغادر الجبال"، و"أغاني الجبال"، وغيرها.
تخرج صاحب ديوان "عام ولادتي" من "معهد غوركي للآداب"، وفيه تعرّف على آداب العالَم وحداثتها، وهو الذي ينحدر من منطقة تتناقل الشعر والحكمة شفاهة على مرّ آلاف السنين، لكنّه فضّل العودة إلى محجّ قلعة؛ العاصمة الداغستانية، التي لا يُمكنه العيش خارجها، ولم يُفارقها إلّا حين أُرسل إلى موسكو للعلاج من مرض عصبي تسبّب في وفاته عام 2003.
كتب حمزاتوف مئات القصائد التي جمعها في أكثر من خمسة عشر كتاباً، وقد تمكّن في ذلك من عبور حدود لغة بلدته الجبلية الصغيرة - الأفارية - بفضل ترجماته إلى اللغة الروسية، ممّا أكسبه شعبية هائلة في جميع أنحاء روسيا والاتحاد السوفييتي حينها.
"لا تخبِّئ أفكارك. إذا خبّأتها فستنسى في ما بعد أين وضعتها. أليست هذه حال البخيل، ينسى أحياناً المخبأ الذي وضع فيه نقوده، فيخسرها. لكن لا تعطِ أفكارك للآخرين. الآلة الغالية لا يجوز أن تُعطى لطفل بدلاً من اللعبة. فإمّا أن يكسر الطفل، اللعبة، وإمّا أن يضيّعها، وإمّا أن يجرح يده بها. لا أحد يعرف عادات حصانك خيراً منك أنت".هكذا عاش حمزاتوف كريماً، لم يخبِّئ كلماته الشعرية، بل نشرها في العديد من القصائد والكتب، وهذا ما جعل منه شاعراً عابراً للحدود.