ثلج

اليوم الجمعة أثلجتْ للمرّة الأولى منذ عامين. الشوارع بيضاء في تيسندرلو ـ المدينة والريف ـ والأسفلتات الجانبية، حيث يندر مرور السيارات، بيضاء أيضاً. وعلى الرغم من تساقط الثلوج بغزارة والبرد القارس، فإن النشاط في الغابة من حولي لا يتوقف، ولعله يتركز في الأماكن القليلة التي يمكن فيها العثور على الطعام.

أيها الرب، ما أنشط كائناتك الصغيرة! إنها، تلفّ وتدور حول وحدة تغذية: كوخ خشبي مثل كوخي، ليتوفر لها مأوى محفوف بالمخاطر، وها هي ذي: تدور جائعة، بحثاً عما يقيم الأود. وها هو ذا: الصوت قريب، مغلق، كأننا نستمع من خلال عدسة مكبرة. إنه، على سبيل المثال، واقع صوتي معزز.

ها هنا وهنالك، يسود طنين الأجنحة، والصدمات النشطة التي تبدأ وتُوقف مسارات الطيور. ها هنا وهنالك، تسمع باستمرار نداءات، ودودة إلى حد ما، من طيور الحسّون، والخضّر، وطير على شكل الثدي لا أعرف اسمه العلمي، وطير نادر، أزرق بالتمام، ناهيك بالعصافير السمينة. يبدو أنها تُصدر الكثير من الضوضاء وبعض الإشارات، كيما تضع مجتمع الغابة على أهبة الاستعداد: يصرخ نقّار الخشب العظيم المرقّط في حالة انزعاج، والشحرور يثرثر بعنف.

في هذه الأثناء، ينزل روّاد حُب الطبيعة البكر، أمثالي، الذين يسقطون طعامًا أكثر ممّا يستطيعون الابتلاع ـ يرمون بالرزق لكل الطيور، على الأرض الثلجية، حيث تكون هي فريسة سهلة للجوارح، ونحن للصقيع، في الظلام على هذه الخلفية البيضاء من كل المرئيّ. إنذار الغابة كان له سبب: عابرًا، تقريبًا بدون وقت لرؤيتها جاثمة، يهوي صقرُ المباغتة وينقضّ على الثلج.

يسيطر الصقر على المطاردة أثناء الطيران، إنما الصيد على الأرض ليس أسلوبه، واللحظة التي يحتاجها للعضّ، تمنح الطيور، أخيراً، وقتًا كافيًا للهروب.

والآن، بعد ثلاث ساعات، من الفجر حتى الصباح: ماذا يفعل بشريٌّ عندما يراقب ماءً في حالة حلم؟ هل الثلج ماءٌ في حالة حلم؟

* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا

موقف

التحديثات الحية

في برّ فلاندرز