في كلً معرض جديد يقيمه آي ويوي، يعيد الجدل حول تداخل الفنّ بالشأن العام، حيث تلاحق أعماله أحداثاً وقعت في الماضي لكنّ ذاكرتها لا تزال تفيض بالأسئلة والتداعيات، أو أخرى تستحوذ على اهتمام الملايين حول العالم تتعلّق بالكوارث أو الحروب أو الهجرات، وفي جميعها يتمكّن من جذب الإعلام والنقّاد والجمهور لمتابعتها.
كما تُرافق كلّ ظهور للفنان الصيني (1957) تصريحاتٌ تعبّر عن وجهة نظر حادّة تجاه النظام السياسي في بلاده، أو حول طبيعة الثقافة الأوروبية، حيث أقام في عدد من مدن القارة العجوز، معبّراً عن سخطه بسبب تنامي العنصرية والتطرّف في مجتمعاتها، وهي آراء توسّع دائرة الضوء والشهرة، حيث يرى البعض أنه يتقصّد سلوكيات معينة للفت الأنظار.
لم يخرج معرضه "Rapture" ــ الذي افتتح في لشبونة الجمعة الفائت ويتواصل حتى الثامن والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل ــ عن هذا السياق، سواء بمضمون أعماله الجديدة التي قدّمها إلى جوار أعمال قديمة، أو في إعلانه عدم وجود خطط لديه للعودة إلى ألمانيا أو بريطانيا حيث أقام فيهما بعد مغادرة بلاده.
آي ويوي يقع في حبّ البرتغال، بهذه الكلمات عُنونت التقارير الصحافية حول المعرض، في وسائل الإعلام، حيث رحّب بالصحافيين على طريقته بالقول "أهلا بكم في بلدي"، ومن دون إيضاح لأسباب اختياره الإقامة فيه، إلا أنه قدِم إلى البلد من أجل الاستفادة من الحرفيين الذين يستخدمون الأساليب والمواد البرتغالية التقليدية مثل الرخام والمنسوجات والبلاط المصنّع يدوياً والفلّين، وهي وسائط استعملها في تنفيذ بعض الأعمال.
يضمّ المعرض حوالي خمسة وثمانين عملاً، منها "درّاجات إلى الأبد" الذي أنجزه عام 2015 وهو عمل تجهيزي ضخم مؤلّف من سبعمئة وعشرين درّاجة هوائية متطابقة ومصنّعة من الصلب غير القابل للصدأ، إلى جانب عمله "قانون الرحلة" الذي أنشاه من زورق مطّاط على متنه عشرات اللاجئين، وهو الموضوع الذي شغله لسنوات وصوّر خلاله مأساة اللجوء عبر البحر المتوسط.
ولا تغيب بلاده عن المعرض في عمله "سقف الثعبان" الذي يستذكر خلاله زلزال سيتشوان الذي وقع سنة 2008 ، وأودى بحياة أكثر من خمسة آلاف طفل جمع آي ويوي أسماءهم ونشرها آنذاك، ولم تعترف يومها الحكومة الصينية أن مدارسهم التي بُنيت دون الالتزام بمواصفات البناء معاييره كانت السبب الأساسي لمقتلهم، حيث يثبّت أفعى ضخمة تتدلّى من أعلى التجهيز.
وكان آي ويوي قد انتقل إلى البرتغال قبيل جائحة كورونا التي كانت جزءاً من القضايا التي تناولها في تجربته الجديدة، ومنها العمل الذي حمل المعرض عنوانه، وهو عبارة عن تمثالين نفّذ أحدهما من الفلّين والثاني من الرخام على شكل لفافة يصل ارتفاعها إلى متر وستّين سنتيمتراً، في إشارة إلى الإقبال الكبير على ورق التواليت مع انتشار فيروس "كوفيد – 19" في أوروبا.