مع تقدّمِ الدراسات الجندرية في حقل العلوم الإنسانية، ونتيجةً لِمَا حقّقته النساء من مُكتسبات خلال مسيرة نضالهنّ الحقوقي في القرن العشرين، لم يعُد بالإمكان فَهْمُ أو تفسير ما تعنيه "الأنوثة" و"الرجولة"، خارج الهياكل الاجتماعية والمعايير الجنسانية، ذلك لما تفرضه هذه الأخيرة من دعمٍ للأدوار المُتباينة لكُلّ من المرأة والرجل في المجتمع، كما لم تعُد هناك جُملة من التوقّعات المُسبَقة حيال هذين المفهومين.
فما هي أهمّ المعاني المُرتبطة بـ"الرجولة" و"الأنوثة" في الثقافة العربية المُعاصِرة؟ وكيف اختلفت معايير كلّ منهما في ظلّ التغيُّرات السياسية التي يشهدها العالَم العربي منذ عام 2011، وتزامُناً مع الثورة الرقمية والانفتاح على الثقافات المُختلفة؟
هذه الأسئلة وغيرها ستُناقشها كلٌ من الباحثتَين آمال قرامي وهنادي السمّان في ندوة "الأنوثة والرجولة وتمثُّلاتهما المُختلفة في الثقافة العربية المُعاصِرة"، التي تُنظّمها "مؤسسة ابن رُشد" على منصة "زووم"، وذلك عند السابعة (بتوقيت برلين)، من مساء السبت المُقبل.
تتناول الباحثتان، في الجلسة التي تُديرها أماني الصيفي، "الرموز السائدة" التي تُمارِس الضغط على الرجال، وتُعزِّز من خلق التوقُّعات عنهم، سواء كانت إيجابية أم سلبية، مع ما يَعنيه ذلك من عواقب عكسية على النساء والأطفال والمجتمع ككل.
كما تُشيران أيضاً، إلى اختلاف "فهم الرجولة" عبر الزمن، وفقاً للسياقات الاجتماعية والثقافية المتنوّعة داخل المجموعات والشبكات الاجتماعية، حيث يُمارس الرجال "رجولتهم" بشكل مُختلف وغير مُتّسق. وهذا ما يُفضي، على الجانب الآخر، إلى تعريف أو ربط الرجولة من خلال علاقتها بالأنوثة، وبالتالي فإنّ للمرأة أيضاً دوراً مُهمّاً تلعبه في تفسير هذا المفهوم، لا سيّما في تفاعُلها الاجتماعي مع الرجال.
الجدير بالذكر أنّ للباحثتَين مؤلّفات مختلفة تبحث في السياق نفسه، حيث وقّعت قرامي عناوين منها: "الاختلاف في الثقافة العربية الإسلامية: دراسة جندرية" (2007)، و"الحركات النسائية في تونس" (2010)، و"أنماط الرجولة" (2022). أمّا السمّان فلها دراساتٌ بالإنكليزية منها: "قلق المحو: الصدمة والتأليف والشتات في كتابات المرأة العربية" (2015).