ملف| خسائر الصهاينة ومكاسب المقاومة (16)
خسائر الكيان الصهيوني نتيجة معركة طوفان الأقصى لا تقتصر على الخسائر العسكرية والخسائر الاقتصادية التي تكبدها، فهناك خسائر أخرى لا يمكن تعويضها أو تداركها، فمن الأمور التي زادت الحقد الصهيوني على غزة وعلى المقاومة الإسلامية، أن معركة طوفان الأقصى أوقفت قطار التطبيع الذي تسارعت وتيرته في الفترة الأخيرة، حتى وصل إلى بلاد الحرمين الشريفين، والزيارات المتكررة التي قام بها مسؤولون إسرائيليون للمملكة.
ومعركة طوفان الأقصى أعادت الزخم للقضية الفلسطينية على مستوى العالم، وكسبت المزيد من المناصرين والمؤيدين داخل الولايات المتحدة وفي الغرب بشكل عام، وأصبحت تمتلك ثقلًا سياسيًا حتى في مجلس الأمن، حيث قام الأمين العام للأمم المتحدة بتفعيل المادة رقم (99) من ميثاق الأمم المتحدة، وتنص على: "يحق للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين"، وهي أهم وأقوى أداة يملكها الأمين العام للمجلس.
وتداعيات معركة طوفان الأقصى أضرت بالشركات الكبرى الداعمة للكيان الصهيوني، وذلك من خلال الدعوات والحملات التي انطلقت منذ بدء العدوان على قطاع غزة، داعية إلى مقاطعة منتجات وخدمات تلك الشركات، وأثرت المقاطعة بشكل كبير على مبيعاتها وأرباحها وعلى أسهمها في البورصة.
والكيان الصهيوني خسر التعاطف العالمي الذي حظي به لعقود من الزمن، وذلك من خلال تضخيم المحرقة التي تعرّض لها اليهود على أيدي النازية، وخسر جهوده والأموال الطائلة التي أنفقها حتى جعل من معاداة السامية جريمة يلاحق بها كل المعارضين لما يقوم به الاحتلال من جرائم وانتهاك لحقوق الإنسان.
وصورة الكيان الصهيوني في الإعلام العالمي أصبحت أبشع من النازية، وفي كل جريمة ترتكبها إسرائيل يتم مقارنتها بما كان يفعله النازيون بحق اليهود. وصورة رئيس الوزراء الإسرائيلي باتت تظهر على وسائل التواصل الاجتماعي بزيّ النازية وشعارها، وأظهر استطلاع للرأي أن 51% من الشباب الأميركي الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18-25 باتوا يؤيدون "إنهاء إسرائيل وتسليمها إلى حماس والفلسطينيين"، وهو ما أزعج مرشحة للرئاسة الأميركية وجعلها تطالب بحجب منصة "توك توك" وللأبد!
صورة الكيان الصهيوني في الإعلام العالمي أصبحت أبشع من النازية، وفي كل جريمة ترتكبها إسرائيل يتم مقارنتها بما كان يفعله النازيون بحق اليهود
ويجب ألا ننسى أن نقل اليهود لفلسطين كان الهدف منه تخليص الغرب من شرور اليهود، والقيام بدورهم الوظيفي في الدفاع عن المصالح الغربية في المنطقة، مقابل توفير الحماية لهم وضمان رفاهيتهم وبقائهم على أرض فلسطين، والدعم الحالي للكيان الصهيوني سببه هو عدم الرغبة في عودة اليهود لأوروبا مجددًا.
الجانب الاقتصادي
العدوان على غزة له أبعاد اقتصادية لا يمكن إغفالها، فهناك مطامع للكيان الصهيوني ولأميركا ولعدد من الدول الكبرى في احتياطات الغاز الموجودة في البحر المتوسط قبالة قطاع غزة.
ومعركة طوفان الأقصى أوقفت مخططات مشروع القناة الصهيونية التي تربط بين خليج العقبة من ناحية الجنوب وبين البحر الأبيض المتوسط، وعطلت أيضًا مخطط المشروع الصهيوني - الأميركي لمواجهة طريق الحرير الجديد، وهذا المخطط ينطلق من الهند ويمر بغزة وصولًا للبحر المتوسط، وغزة بمقاومتها وبموقعها الجغرافي تشكل حجر عثرة وتعرقل هذا المشروع، ولذلك يخططون منذ سنوات مع عملائهم لإيجاد مكان بديل يرحّلون إليه سكان القطاع.
امتلاك القوة
النظام العالمي لا يحترم إلا الأقوياء ولا يقيم وزنًا للضعفاء، ولذلك لم ولن يكترث لما يجري في غزة، والدليل على ذلك أن المؤسسات الدولية لم تفلح في وقف الحرب على القطاع، ولم تفلح حتى في توفير الحماية للمدنيين أو إدخال المساعدات الإنسانية الضرورية، ولم تحرك ساكنًا أمام استهداف جيش الاحتلال للمدنيين وللمستشفيات وللمساجد والكنائس وللمدارس، حتى تلك التابعة للأمم المتحدة.
ولأن المقاومة تمتلك قوة الرد والردع، فقد أجبرت الكيان الصهيوني على قبول الهدنة، وهي التي تفرض شروطها بشأن تبادل الأسرى، ولذلك يجب على العرب والمسلمين أن يمتلكوا أدوات القوة بجميع أنواعها، لكي يدافعوا عن أنفسهم، وعن حقوقهم، ويدافعوا عن مقدساتهم، وينصروا المظلومين في أنحاء العالم.
وأدوات القوة هي العلم والمعرفة، وامتلاك التقنية: تقنية المعلومات والتقنيات الدفاعية، وامتلاك الأسلحة النوعية، وامتلاك سلاح الإعلام، والاستغلال الأمثل للموارد المادية المتاحة، والمتأمل في معركة طوفان الأقصى يدرك أن المقاومة نجحت في امتلاك معظم هذه الأدوات.