غزة بين النفاق الغربي والعجز العربي
يتعرّض قطاع غزة منذ أيام لهجمة وحشية وشرسة من قبل الكيان الصهيوني الذي تعرّض للإذلال بعدما مرّغت المقاومة الفلسطينية صورته بالوحل بالعملية النوعية التي نفذتها صباح يوم السبت الماضي، 7 من أكتوبر/ تشرين الأول، والتي لا تزال تداعياتها مستمرة إلى اليوم.
العالم المتحضر والمجتمع الدولي يقف عاجزًا أمام كارثة إنسانية في غزة، وأمام الكيان الصهيوني الذي يُواصل قصفه لقطاع غزة ليل نهار، برًا وبحرًا وجوًا، بآلاف القنابل التي أدّت إلى استشهاد وجرج الآلاف من الأبرياء.
وجيش الاحتلال يقصف قطاع غزة بالقنابل الغبية التي تدمر مناطق بأكملها وتعرّض حياة المدنيين للخطر، وهذه القنابل أدّت إلى إزالة أحياء بأكملها من الوجود، وقتلت المئات من سكانها، وهدمت الكثير من البيوت على رؤوس سكانها، ودمّرت آلاف المنازل في القطاع.
العدوان المتواصل على قطاع غزة منذ أسبوع فضح النفاق الغربي الذي يتبنى ويصدّق الروايات الإسرائيلية
وجلّ الضحايا الذين سقطوا شهداء في قطاع غزة منذ بدء العدوان هم من الأطفال والنساء، وذلك في الوقت الذي تُتهم فيه حماس من قبل إسرائيل وأميركا باستهداف الأطفال والنساء.
والجميع باتوا في انتظار حدوث مأساة إنسانية ربّما تكون غير مسبوقة، فالوضع الإنساني والصحي في القطاع يتدهور سريعًا نتيجة الحصار المطبق على القطاع، والقصف المتواصل بلا هوادة، والذي يستهدف البشر والحجر.
وغارات العدو الصهيوني لم تسلم منها حتى الكوادر الطبية، فهناك استهداف ممنهج للطواقم الطبية وللمسعفين الذي تعرّضوا للقصف وسقط منهم شهداء، وهناك أيضًا التضييق على الصحافيين الذين ينقلون ويوثّقون بالصوت والصورة جرائم جيش الاحتلال الذي قتل وأصاب عددًا منهم.
والكيان الصهيوني الغاصب يستغل الضوء الأخضر الأميركي والدعم الغربي المادي والمعنوي، ويستغل أيضاً الصمت الدولي، ويضغط على سكان القطاع ويسعى لتهجير أكثر من مليون نسمة منهم.
وكلّ ما حظي به الفلسطينيون من قبل الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى هو تعاطف أجوف وإدانات خجولة لما قام ويقوم به الكيان الصهيوني من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحقهم.
العدوان المتواصل على قطاع غزة منذ أسبوع فضح النفاق الغربي الذي يتبنى ويصدّق الروايات الإسرائيلية للأحداث في غزة، ويتعاطف مع إسرائيل ويقرّ بحقها في الدفاع عن نفسها مع أنها دولة محتلة طبقًا للقانون الدولي.
الصهاينة العرب يُحملون "حماس" المسؤولية عن تدهور الأوضاع في غزة، ويتناسون جرائم الاحتلال المستمرة بحق العرب والفلسطينيين منذ عقود
والولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية أعربت عن دعمها ومساندتها للكيان الصهيوني، وأميركا أعطت الضوء الأخضر لجيش الاحتلال ليرتكب مجازر وحشية بحق الفلسطينيين، وليس أدلّ على ذلك من اتصالات الرئيس الأميركي جو بايدن برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزياراته المتكرّرة لإسرائيل، والزيارة التي قام بها وزيرا الخارجية والدفاع لإسرائيل ثم زيارته الرئيس، وتحريك حاملات الطائرات وتمركزها بالقرب من إسرائيل، وإرسال 2000 جندي من مشاة البحرية لسواحل إسرائيل.
والاهتمام الأميركي والغربي، بل والعربي، مركّز على قضية تحرير الرهائن المحتجزين لدى حماس، وضمان عدم تكرار ما حدث لإسرائيل، ومن وجهة نظر الغرب الذي يُفاخر بالديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان، فإنّهم يقتلون الفلسطينيين لأنّهم غير ديمقراطيين، ولأنهم إرهابيون وظلاميون وغير متحضّرين! (من وجهة نظرهم طبعا).
العجز العربي والإسلامي
في الماضي القريب كنا نتندّر ونسخر من بيانات الشجب والإدانة والاستنكار التي تصدر عن الأنظمة العربية، أمّا الآن فقد صرنا نترحم على تلك الأيام التي كانت تلك الأنظمة تمتلك فيها الشجاعة لإدانة ما تقوم به إسرائيل من جرائم بحق الفلسطينيين.
والدول العربية المطبّعة مع الصهاينة أبدت تعاطفها معهم، وهذه الدول تتفهم حاجة إسرائيل لترميم صورتها التي مرّغتها المقاومة في الوحل، وذلك من خلال الإمعان في قتل الفلسطينيين وتدمير منازلهم وتهجيرهم.
والمطبّعون يُحملون "حماس" المسؤولية عن تدهور الأوضاع في غزة، ويتناسون جرائم الاحتلال المستمرة بحق العرب والفلسطينيين منذ عقود.
وهناك فئة من العرب تصمت صمت القبور، وكأنّ ما يحدث في غزة وفي فلسطين بصفة عامة لا يعنيهم، وهو أمر يتنافى مع الأخوة الإنسانية التي تتطلب في أدنى مستوى لها إظهار التعاطف مع المظلومين، ويتنافى مع الأخوة في العروبة التي تستوجب الدعم والمؤازرة، ويتنافى مع الأخوة في الدين التي تستوجب النصرة.