مضاعفات غزوة الفلافل

07 اغسطس 2020
+ الخط -

في مطلع سهرة الإمتاع والمؤانسة كان الساهرون متشوقين لمعرفة ما جرى بين أبو سلمون وأسرته من جهة، وأسرة "المعريوي" التي تسبَّبَ سلمون بعداء معها، فأصبح الجو بين العائلتين متوتراً إلى درجة مخيفة.

قالت أم الجود: اللي فهمته إنه سلمون اعتدى عَ الولد خالد المعرّيوي، وأخد منه سندويشة الفلافل بالقوة، وإنه أبوه للولد "الحاج صطوف المعريوي" غضب واستنفر وبعت خبر لأبو سلمون إنه راح يجبره على الرحيل هوي وإبنه الحقير وكل عيلته من البلد خلال عشرة أيام، بسبب هالعدوان.

أبو الجود (ضاحكاً): ما شالله على مرتي أم الجود، صايرة عم تركّز وتحفظ وتلخص. أنا لما بحكي معها كلمتين بتسمع كلمة، وبتنسى الكلمتين، ودائماً بتختم كلامها بجملة: أشو معرفني؟!

أبو جهاد: أم الجود بتعرف إنه حديثك علاك بعلاك، منشان هيك مو مضطرة تركز عليه وتحفظه.

أبو محمد: يا شباب، خلونا نتابع الحكاية إذا بتريدوا.

كمال: متلما حكيت لكم البارحة. القصة صار فيها تلات روايات متضاربة. الرواية الحقيقية والمؤكدة إنه سلمون شَلَّحُه للولد خالد المعريوي سندويشته، وأكلها، وخالد حكى القصة لأبوه، وأبوه بعت تهديد لأبو سلمون بإنه لازم يرحل هوي وإبنه من البلد عقوبة إله بسبب تطاول إبنه الحقير على خالد. أما سلمون الكذاب فقال لأبوه إنه خالد أحب يضيفه سندويشة فلافل، وهوي رفضها بإباء وشمم، ومن كتر ما ألح عليه خالد منشان يتضيف السندويشة اضطر يضربه! والرواية التالتة حكاها سلمون لعمه أمجد اللي كان حارس مرمى نادي أمية، وركز فيها على تعيين الحارس "كمال حدادي" مكانه، وكيف إنه فريق أمية لكرة القدم انتقل من الدرجة التالتة للدرجة الأولى بقفزة وحدة من دون ما يمر بالمرتبة التانية. والغريب في الأمر إنه موضوع الفلافل ما ورد في هاي السردية نهائياً. ولما كان سلمون عم يروي القصة لعمه أمجد كان أبو سلمون عم يندهش، وغضبه عم يتصاعد، وبعدين جاب حزام البنطلون (القشاط) وبلش يضربه، وصار يقول لأخوه أمجد:

- بترجاك لا تحاول تخلصه مني، خليني إضربه كم قشاط قبلما يجوا بيت المعرّيوي ويضربونا أنا وإنته وهوي، ويرحّلونا من البلد..

وفي هاي الأثناء وصل الأستاذ صالح، خاله لسلمون، واستغرب الشي اللي عم يحصل، وتمكن من تخليص سلمون، وتهدئة أبوه، وقال له:

- طول بالك يا صهري، وحد الله. أيش في؟  

قالت أم الجود: اللي فهمته إنه سلمون اعتدى عَ الولد خالد المعرّيوي، وأخد منه سندويشة الفلافل بالقوة، وإنه أبوه للولد "الحاج صطوف المعريوي" غضب واستنفر

أبو سلمون: لا إله إلا الله. اسأله لإبن أختك المحترم، أيش في؟

صالح: خير يا سلمون؟ أيش في؟

سلمون: والله يا خالي القصة فايتة ببعضها. أنا كنت رايح على الملعب البلدي منشان إحضر مباراة لنادي أمية مع نادي سراقب، وفي الطريق التقيت برفيقي خالد المعريوي، سألته لوين رايح؟ قال لي ع الملعب تعال نترافق سوا. وقال لي: الحمد لله إنهم قلعوه للحارس التعبان أمجد وجابوا محله كمال حدادي. هوي ما بيعرف إنه أمجد عمي. وأنا ما قلت له إنه عمي. بس سألته: بتراهن إنه أمجد ما حدا قلعه وإنه هلق راح تلاقيه عم ينط وبيعمل تمارين إحماء بين عوارض المرمى؟ قال لي براهن. قلت له: من سندويشة فلافل لسندويشة فلافل؟ قال: اتفقنا. رحنا ع الملعب لقينا كمال حدادي واقف بين العوارض، يعني أنا خسرت الرهان. قال لي: هات سندويشة. قلت له: هون ما في فلافل، أجلها لوقت تاني. قال لي: إنته عم تتهرب، هات مصاري وأنا بس تخلص المباراة بشتري فلافل لحالي. أنا لما قال لي هيك طبقت إيدي ونفضته بالبوكس، انقلع سنه من عزم الضرب. بوقتها قرب وجهه عَ الأرض وصار يدور على سنّه المقلوع، وصار يهدد ويتوعد. قال لي: نحن بيت المعريوي ما مننضرب في الملاعب. وراح عالبيت. بعد شوي أجا واحد من طرف الحاج صطوف المعريوي وصار يهدد أبوي. طيب يا خالي صالح، الشغلة بالعقل، أنا اللي ضربته لخالد، أبوي أشو ذنبه؟

أبو محمد: أنا من زمان كتير كنت إضرب ولادي، وأوقات كنت إضربهم بدون سبب. لكن الحقيقة تندمت، وصرت قول لحالي إنه الولد اللي بينضرب بيصير خويف، ومو ممكن تتأمل منه خير. لكن هلق، بصراحة، تمنيت يكون سلمون إبني لحتى إضربه بلا شفقة.

حنان: بالعكس، أنا لو كان سلمون إبني ما بضربه. سلمون شخصية مسلية.

كمال: أنا ضد مبدأ الضرب بشكل عام، ومهما كانت الأسباب. وبرأيي إنه سلمون شخصية مو بس مسلية، كمان شخصية فنية، يعني كتير شخصيتُه بتغري إنه الواحد يعمله بطل رواية للفتيان. المهم هلق، حتى نبعد عن الفلسفة والتنظير، خلونا نتابع القصة. الأستاذ أمجد قَدَّرْ خطورة الموقف اللي واقع فيه شقيقه أبو سلمون والعائلة كلها. فقال إنه هوي قادر يحل الإشكال مع الحاج صطوف المعريوي، لأنه بزمانه دَرَّب إبنه (علي) اللي كان مفكر يصير حارس مرمى.. تحمس أبو سلمون للفكرة، وقال له:

- كويس، روح لعنده فوراً، وخود معك سلمون، قله للحاج صطوف إنه هادا هوي اللي اعتدى على إبنك واغتصب سندويشته، بس قبلما تروح، استنى لأجيب ورقة وقلم وإكتب تنازل.

سأله أمجد: تنازل عن أيش؟

أبو سلمون: عن دم إبني الوحيد سلمون. يعني إذا الحاج صطوف خطر له يقتله مثلاً، قصدي إنه يموته، أكيد راح يحسب حساب إني أنا بدي إعترض أو إشتكي عليه. بالعكس، لازم يقوي قلبه.

صالح: طول بالك يا صهري. ادعي ربنا يصلحه، ويخليه يبطل ولدنة. أشو يقتله وما يقتله؟

أبو سلمون: طيب بلا القتل. خليه ياخده. أنا مستعد روح معه على دائرة النفوس حتى إتنازل له عنه. سلمون مقابل سندويشة الفلافل اللي أكلها! قسماً بالله مبادلة كويسة. وبالنسبة للحاج صطوف راح يكون خسران في الحالتين. خسر سندويشة الفلافل، وراح يخسر الأكل اللي راح يطعميه لسلمون لما بده يصير إبنه.

كمال: وطبعاً راح أمجد لعند الحاج صطوف، وترجاه يتنازل عن حقه بالموانة. وهيك بتكون انتهت قصة سندويشة الفلافل.

 

خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...