المطلقة أحبت "أبو الجود" لفحولته

09 أكتوبر 2018
+ الخط -
أخيراً تخلى "أبو الجود" عن المزاح، فيما يتعلق بخطوبته، ودخل منطقة الجد. بعد عشرين محاولة من صديقه "أبو قدور"، باءت كلها بالفشل، توصل الطرفان إلى اتفاق على الخطوبة، وكانت هناك خطوة عملية باتجاه السيدة فتحية.

القصة، وما فيها، أن السيدة فتحية طُلقت من زوجها بعد شهرين فقط من الزواج، وهي، بحسب أبي قدور ملكة من ملكات الحسن والجمال، لا هي طويلة ولا قصيرة، (مُرْقِبة)، أي ذات رقبة طويلة، و(مخصرة)، أي ذات خصر أهيف، و(مشفّة) أي ذات شفاه مكتنزة.

يقاطعه أبو الجود قائلاً: ببوس يدك عمي أبو قدور لا تكمل. أنا فهمت، وأبصم لك بالعشر على أن المستورة حلوة وجميلة ورائعة وتشهي القلب.
قال أبو قدور: وبالنسبة للطلاق.


قال أبو الجود: كمان بعرف، هي طلقت والحق كله على جوزها. هاد واحد غبي، تافه، لا يقدر الجمال حق قدره، وسرسري، لا يعرف قيمة الأخلاق والتربية الحميدة، وأعرف أن السيدة فتحية غنية، وحسابها في البنك مليء بالعملات، ولكن الحيوان زوجها رفس النعمة.

إلى هذا الحد أنا أعرف، وأعرف كذلك أنك جَسيت نَبْضَها مثلما جس الطبيبُ نبض المطرب الراحل فهد بلان، وقلت لها بصريح العبارة هادا عبد الجواد، يعني أنا، مفلس وأندبوري ومنحوس يمسك الذهب فينقلب في يده إلى تراب، ولكنه شاب، إذا أنتِ ربطته بشجرة التوت وأجْفَلْتِهِ فإنه يقتلع الشجرة ويركض بها من شدة العزم، وهي، حينما سمعت بهذه الأوصاف الفحولية (استرطبت) وضحكت في سرها وقالت: كيف ما كان يكون هالعريس أبو الجود، يعني أنا، المهم أنه شاب و..


قال أبو قدور: كلامك صحيح.
قال أبو الجود: لذلك أنا أرجو منك أن تكمل معروفك معي، وأنت تعلم أن أبي كان وحيداً لجدي، رحمهما الله، وأمي كانت وحيدة أبويها، رحمهما الله، يعني أنا ما عندي عم ولا خال يذهب إلى بيت أهل فتحية ويخطبها لي، فاذهب أنت وأخوك أبو سالم إلى دكان الحاج ناجي عاشور واشتريا عشرة أقراص من الشعيبيات، وادفع ثمنها من مالك، وخذها أنت وأخوك إلى بيت العروس فتحية، وقل لأهلها إن هذه الشعيبيات من ابن حارتنا عبد الجواد الذي يطلب منكم القرب، ويريد أن يتزوج كريمتكم على سنة الله ورسوله.
قال أبو قدور: ولكن أنا..

قاطعه أبو الجود: وإذا سألوك عن "حق الرقبة" والمهر ومصاريف الخطوبة والزواج فالمطلوب منك يا عمي أبو قدور أن تُحَكِّم ضميرك ووجدانك وتشرح لهم وضعي التراجيدي الذي تعرفه أنت أكثر مما يعرفه غيرك، وفي الوقت نفسه أرجوك أن تسهب وتطنب في مديح وسامتي وشبوبيتي وفحولتي وأخلاقي وتربيتي..

كان أبو قدور جالساً فوقف، وقال لأبي الجود:
- وقف عندك. لا تكمل. بصراحة أنا لا يوجد معي ثمن عشرة أقراص شعيبيات. أيش رأيك أن أشتريها وأقول لصاحب المحل (أبو الناجي عاشور) أن يسجلها على اسمك في الدفتر؟
ههنا ضحك أبو الجود ضحكة مرحة وقال:
- بسلامة عقلك يا عمي أبو قدور. إذا كانت القصة على هذا الشكل يعني أن الخطوبة فشلت. وأن المستورة فتحية ستبقى في بيت أهلها بلا زواج.
غضب أبو قدور وقال: ليش؟ وهل يمكن أن يمتنع أبو الناجي عاشور عن بيعك عشرة أقراص شعيبيات بالدين أو بالآجل؟

قال أبو الجود: في السابق لم يكن يمتنع، ولكن، ومن كثرة ما اشتريت من عنده بالدين، دون أن أدفع له مصاري، قرر إلغاء فكرة البيع بالدين ليس لي وحدي، وإنما لكل الناس! أي والله يا عمي. هذا الذي صار. وإذا أي إنسان في البلد يقول له: أريد شعيبيات بالدين، ممكن يصرخ في وجهه ويعصب، ويغلق الدكان معلناً تخليه عن مصلحة بيع الحلويات، بشكل عام، والشعيبيات بشكل خاص!
خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...