(هيليوبوليس 9 مارس/آذار 1932
حضرة صاحب المعالي وزير المعارف العمومية
أتشرف بإخبار معاليكم أنني أسفت لنقل الدكتور طه حسين عميد كلية الآداب إلى وزارة المعارف، لأن هذا الأستاذ لا يستطاع فيما أعلم أن يعوض الآن على الأقل، لا من ناحية الدروس التي يلقيها على الطلبة في الأدب العربي ومحاضراته العامة للجمهور ولا من جهة هذه البيئة التي خلقها حوله وبث فيها روح البحث الأدبي. وأسفت لأن الدكتور طه حسين عيّن أستاذاً في كلية الآداب تنفيذاً لعقد تم بين الجامعة الأهلية ووزير المعارف، وأن نقل طه حسين على هذه الصورة بدون رضا الجامعة ولا استشارتها كما جرت عليه التقاليد المطردة منذ نشأة الجامعة.. كل ذلك يذهب بالسكينة والاطمئنان الضروريين لإجراء الأبحاث العلمية وهذا بلا شك يفوّت عليّ أجل غرض عهدت إليه في خدمة الجامعة. ومن حيث إنني لا أستطيع أن أقر الوزارة على هذا التصرف الذي أخشى أن يكون سنة تذهب بكل الفروق بين التعاليم الجامعية وأغيارها أتشرف بأن أقدم لمعاليكم استقالتي من وظيفتي أرجو قبولها وتقبلوا فائق احترامي).
أحمد لطفي السيد
يوم له تاريخ، وحاضر، ومستقبل
9 مارس/آذار 1932 تاريخ كتابة الرسالة السابقة، هو تاريخ استحق التسجيل في ذاكرة الجامعة المصرية ويُتخذ رمزاً لاستقلال الجامعات، فما فعله أحمد لطفي السيد مدير الجامعة المصرية في هذا اليوم، وما تبعه من مواقف أسفرت عن تعديلات جوهرية في "قانون الجامعات المصرية تحفظ للجامعة خصوصيتها واستقلالها" كانت علامة فارقة للحفاظ على استقلال الحياة الجامعية بعيداً عن سيطرة الدولة وتجاذبات الساسة.
وبعد تاريخ امتد لعقود من انتهاكات السلطة للجامعة ومحاولات تطويع الحياة الجامعية ومكوّناتها لسيطرة الدولة، وتحجيم الدور الفاعل للجامعة بطلابها وأساتذتها، اختار عدد من أساتذة الجامعات المصرية هذا التاريخ ليكون عنوان حركتهم لاستعادة استقلال الجامعة ومنع تدخل الدولة في شؤونها، وأطلقوا حركتهم في مثل هذا اليوم من عام 2004، ليكون لهم دور وتأثير بالغ في مسيرة الاستقلال.
واليوم، وبعد مرور 3 سنوات على الثورة المصرية، وسنة إلا قليلاً على الانقلاب العسكري يتابع "العربي الجديد" 9 مارس "الذكرى"، و"الحركة" في وقت تخطّ فيه الجامعات المصرية صفحة جديدة في تاريخ مصر.
اقرأ في الملف:
العسكر والجامعات.. ستون عاماً من الصدام
"انقلاب" على الاستقلال
رضوى عاشور.. أيقونة الاستقلال والثورة
حسام عيسى من الأكاديمي المستقل إلى مايكروفون القمع
الاحتفال باستقلال الجامعة... بالإيجار