تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقال 57 أسيرًا فلسطينيا مريضًا من ذوي الإعاقة داخل سجونها، وترفض الإفراج المبكر عنهم على الرغم من حالاتهم الصحية الآخذة بالتدهور، وهم يعانون جراء سياسة الإهمال الطبي، كغيرهم من مئات الأسرى المرضى.
وتقول مسؤولة الملف الطبي في هيئة شؤون الأسرى الفلسطينية، رقية كراجة، في حديث لـ"العربي الجديد"، على هامش مؤتمر صحافي عقد بمدينة رام الله اليوم الإثنين، بالتزامن مع اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، "قدمنا في أكثر من مرة طلبات للإفراج المبكر عن أولئك الأسرى المرضى، لكن المحاكم الإسرائيلية ترفض ذلك، بداعي عدم وجود حالة وفاة من أجل الإفراج عنهم".
وتتوزع الحالات الطبية للأسرى المرضى من ذوي الإعاقة داخل سجون الاحتلال، ما بين 17 أسيرًا من المصابين بالشلل النصفي، وثمانية أسرى مبتورة أطرافهم، و10 أسرى لديهم إعاقات في البصر، و22 أسيرًا لديهم إعاقات نفسية ومشاكل في السمع، وتحتجزهم إسرائيل في ما تسمى عيادة سجن الرملة بظروف طبية وبيئية وحياتية صعبة، وأصيبوا بتلك الإعاقات خلال اعتقالهم أو بعد اعتقالهم نتيجة ما يتعرضون له من إهمال طبي.
وبحسب كراجة، فإن سلطات الاحتلال تعتقل في سجونها نحو 5500 أسير موزعين على 22 سجنًا ومركز تحقيق، 750 أسيرًا مريضًا؛ من بينهم 350 أسيرًا مريضًا بحاجة لمتابعة طبية دائمة. وأكدت أن من بين الأسرى المرضى الـ 350، هناك 70 أسيرًا يعانون من أمراضٍ مزمنة منها السرطان، ويعانون من أمراض تصيب الأعضاء الأساسية والحيوية في الجسم.
وخلال المؤتمر، قالت كراجة: "إسرائيل تتعمد ممارسة الإهمال الطبي بحق الأسرى بطرق عدة غير مكترثة بالاتفاقيات الدولية والإنسانية، متبعة سياسة الانتهاكات الممنهجة كالإهمال في تقديم العلاج اللازم للأسرى المرضى، وعدم وجود أطباء متخصصين، وعدم وجود أطباء في حالات الطوارئ، أو عدم توفر أجهزة طبية لذوي الاحتياجات الخاصة".
ووفق كراجة، توجد صعوبة في الموافقة على تقديم العلاج للأسير وتمارس المماطلة لعدة أشهر قبل الموافقة على طلبه، في حين ينقل الأسرى المرضى إلى ما يسمى عيادة سجن الرملة عبر سيارة البوسطة التي يعانون فيها من صعوبات بالغة خلال رحلة قد تستمر أياماً، إضافة لصعوبة تعلم الأسرى الذين يعانون من إعاقات بصرية لعدم وجود كتب بنظام بريل.
وتفتقر عيادة سجن الرملة لتجهيزات طبية، ولا تتوفر فيها معدات خاصة بالمعوقين كالكراسي المتحركة والعكازات والتي يضطر الأهالي لشرائها في حال سماح سلطات الاحتلال بذلك، كما أن مساحة السجن صغيرة، ويفتقر لظروف حياتية وبيئية آدمية، وتنتشر في السجون الحشرات والقوارض. ولا توجد في السجون دورات مياه مخصصة لذوي الإعاقة، ويضطر الأسرى للعناية ببعضهم، لعدم وجود ممرضين يعتنون بهم، علاوة على سوء الطعام والشراب المقدم.
ودعت كراجة كافة المؤسسات الحقوقية الدولية والمجتمع الدولي لوضع قضية الأسرى والأسيرات ضمن أولويات عملها، ورصد وتوثيق الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى، وتكييف الجهود القانونية لفضح سياسة الاحتلال وتقديمها للمحاكم والمحافل الدولية، وإجبار إسرائيل على احترام القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة.
وأعلن مدير منظمة "معاقون بلا حدود" في فلسطين، صلاح الدين سمارو، في كلمة له خلال المؤتمر، عن إطلاق "الحملة الدولية للإفراج عن الأسرى ذوي الإعاقة"، التي تهدف لفضح ممارسات إسرائيل تجاه الأسرى في المجتمع الدولي، وعقد مؤتمر دولي خاص بالأسرى ذوي الإعاقة للمطالبة بالإفراج عنهم.
وقال سمارو:"إسرائيل تضرب بعرض الحائط كل الاتفاقات الدولية الموقعة ولم تتجاوب مع المطالبات بالإفراج عن أولئك الأسرى، ونحن جئنا اليوم من أجل المطالبة بالإفراج عنهم". كما طالب الأمم المتحدة بعقد مؤتمر دولي يطالب بالإفراج عن الأشخاص ذوي الإعاقة من داخل سجون الاحتلال.
ودعا عضو منظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، في كلمة له خلال المؤتمر، المؤسسات الدولية والقانونية لوضع آليات لحماية الأسرى والضغط على الاحتلال للإفراج عن الأسرى المرضى، ووقف سياسة الإهمال الطبي الممارسة بحقهم.
ولفت أبو يوسف إلى أن قوات الاحتلال تتعمد إطلاق الرصاص على الأطراف خلال التظاهرات في غزة، ويطلق قناصة الاحتلال الرصاص تجاه المتظاهرين في غزة كي يسببوا لهم إعاقات دائمة، لافتاً إلى رصد 100 حالة بتر في أطراف سفلية وعلوية، خلال تلك المظاهرات.