3 عملات للتعامل في شمال سورية: المواطن الضحية

11 سبتمبر 2020
تدهور الليرة السورية يفاقم معيشة المواطنين (الأناضول)
+ الخط -

أصبح كل شيء في ريف حلب يسعّر بالليرة التركية أو الدولار الأميركي مع تجاهل تام لليرة السورية.

تجد البائع حاملا الآلة الحاسبة ليحسب ثمنها بحسب سعر الصرف، محملا الزبون فارق سعر التصريف بين البيع والشراء، بحسب محمد الحمصي، المقيم في مدينة الباب بريف حلب، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "جميع المحلات التجارية سعرت بضاعتها بالليرة التركية والدولار الأميركي".
ولا يعلم الحمصي من يحدد سعر الصرف اليوم في مناطق الشمال الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة، مبينا أن "صرافي العملة غالبا هم مصدر سعر صرف الليرة السورية، في حين يمكن أن يكون هناك هامش اختلاف في السعر بينهم، قد يصل إلى 100 ليرة، وهو فارق صغير بالنسبة للمبالغ الصغيرة".
ومن يستلم أجره بالليرة السورية يشعر بأنه مغبون، فهو عليه أن يحول أجره إلى الليرة التركية أو الدولار، وبالطبع يخسر جزءا من راتبه كفارق صرف، جراء انهيار القيمة الشرائية لليرة السورية. وأضاف الحمصي "مسألة تذبذب سعر الصرف زاد من سوء الوضع المعيشي، خاصة أن المنطقة تغص بالشباب العاطل عن العمل جراء قلة فرص العمل، التي إن توفرت لا تؤمّن دخولها الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية".
وتوجد شريحة من الموظفين تتقاضى أجورها بالليرة التركية، مثل العاملين في المجالس المحلية وقطاع التربية والصحة والعاملين في المنظمات والشرطة وعناصر الجيش الوطني، فمثلا راتب المعلم 750 ليرة تركية، والعاملون في المجالس المحلية تتراوح ما بين 500 و1000 ليرة تركية، وهذه الرواتب تعتبر متدنية جدا بالنسبة للأسعار، فالعائلة بحاجة على الأقل إلى ثلاثة آلاف ليرة تركية شهريا لتحصل على احتياجاتها المعيشية الأساسية".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وفي اعزاز بريف حلب الشمالي، أكثر من 70% من التعاملات المالية أصبحت بالليرة التركية، بحسب أبو هاني الحلبي، المقيم في اعزاز، قائلا، في حديث مع "العربي الجديد"، "إضافة إلى الليرة التركية، هناك تعاملات بالدولار، في حين يمكن اعتبار التعامل بالليرة السورية في المرتبة الثانية".
ولفت إلى أن "العاملين الذين ما زالت أجورهم بالليرة السورية، تأثروا بشكل كبير جراء التعامل بالليرة التركية، فأجورهم ثابتة بالليرة السورية، التي تنخفض قيمتها بشكل يومي، فمن يأخذ خمسة آلاف ليرة سورية عندما يحولها إلى ليرة تركية، لا تؤمّن له طعام يومه، فالكيلو غرام الواحد من السكر بـ3.5 ليرات تركية والبطاطا بـ2 ليرة وربطة الخبز بـ2 ليرة".
وبيّن الحلبي أن "اليوم نسبة المتعاملين بالليرة التركية تجاوزت الـ70%، وقد تصل خلال الثلاثة أو الستة أشهر المقبلة إلى 100%، خاصة أن خلال الأيام الماضية أصبحت الفئات الصغيرة من العملة التركية متوفرة بنسبة 30%، وهذا يسهل عملية التعامل، والفئات الكبيرة متوفرة بنسبة 90%".
من جانبه، يعتبر زياد بيطار، طالب جامعي من إدلب، "التعامل بالليرة التركية أفضل من الليرة السورية"، مضيفا في حديث مع "العربي الجديد": مثلا تباع ربطة الخبز في الفرن بألف ليرة سورية، أما بالتركي فهي تباع بليرتين تركيتين، سعر صرفهما ما يقارب 700-800 ليرة سورية. وبالنسبة للبنزين، فإن اللتر يباع بـ 1700 ليرة سورية، أما على التركي فيباع بـ4 ليرات، ما يعادل نحو 1400 ليرة سورية.
ورأى أن "من بقي راتبه إلى اليوم بالسوري متضرر ومجبر على أن يحول راتبه إلى ليرة تركية، أفضل من أن يشتري حاجاته بالعملة المحلية، خاصة أن قيمتها الشرائية تنخفض بشكل يومي.
وتابع "هناك حالة استغلال من بعض أصحاب المحال التجارية والمهن، حيث مازالوا يدفعون أجور العمال لديهم بالليرة السورية، بالرغم من أنهم يبيعون بضاعتهم بالليرة التركية، مستفيدين من فرق سعر التصريف، وهذا يجعل العمال يطالبون بأن تكون أجورهم بالتركي أو الدولار".
بدوره، قال وزير الاقتصاد في "الحكومة المؤقتة" المعارضة عبد الحكيم المصري، في حديث مع "العربي الجديد": "هناك فوضى في السوق من حيث التسعير، وإن كان عامل المنافسة حاضرا، إضافة إلى دوائر تموينية تابعة للمجالس المحلية لاستقبال ومتابعة الشكاوى".
وأضاف "سعر الصرف خاضع اليوم إلى العرض والطلب، ومتأثر بأسعار العملات العالمية، ومن الصعب جدا أن يتم ضبطه في الظروف الحالية، وبالرغم من ذلك هناك تجاوزات فيما يخص وضع هامش ربح كبير ما بين سعر الشراء والبيع، وذلك لوجود مستغلين لعدم استقرار سعر صرف الليرة السورية".
وبيّن أن "الحكومة المؤقتة تعمل حاليا على تشكيل مؤسسة مالية، تعمل على ضبط أسعار الصرف وعمل الصرافين، خاصة تحديد هامش الربح ما بين سعر الشراء والبيع"، مضيفا أنه "حاليا التوجه هو للتعامل بالدولار الأميركي والليرة التركية، ومن يرغب في التعامل بالليرة السورية لا مشكلة، إن بقي قبول لها بين الناس، خاصة أن قلة قليلة ستبقى أجورها بالليرة السورية مثل المتقاعدين".
واعتبر الوزير أن "العملة السورية فقدت وظائفها كمقياس للقيمة، فمن يسعر بضاعته بالليرة السورية يوميا يجبر على تغيير السعر عدة مرات".
يشار إلى أن الليرة السورية شهدت انهيارا غير مسبوق خلال الأشهر الأخيرة، حيث وصل سعر صرف الدولار الواحد إلى أكثر من ثلاثة آلاف ليرة سورية في السوق السوداء.

المساهمون