يحرمون الشعوب ولو كان بهم خصاصة

09 يوليو 2020
+ الخط -

مرّ بالأمس خبر مقلوب أو ربما يجوز فيه "حق يراد منه باطلان" مفاده باختصار، أن المملكة الأردنية منعت دخول 100 براد سوري "شاحنة مبردة مغلقة" محملة بالخضر والفواكه، أراضيها، مشترطة إبراز رخصة مرور ترانزيت.
الباطل الأول، الإشارة إلى الأردن بإعاقة مرور شحنات "هائلة" من الفواكه السورية، وحرمان الأشقاء بالخليج العربي من التلذذ بمنتجات الشام، وقطع الطريق، بالآن نفسه، على السوريين من تحصيل "الدولار" مقابل تصدير سلعهم، رغم الحاجة الماسة له بواقع الحصار "الأمبريالي" على سورية الأسد الصامدة بوجه المؤامرة الكونية ومخططات احتلال وتقسيم وتبعية المنطقة.
في حين، من أبسط وأهم حقوق أي بلد، أن يصدر رخصاً للسيارات العابرة فيما بين حدوده، ويعلم ماذا تحوي الشحنات التي ستمر  بأراضيه، خاصة إن كانت آتية من بلد، كسورية الأسد، تستعمل الخضر والمنتجات الغذائية، بل وحتى رولات الورق، كواجهات لتهرب السموم المخدرة لأصقاع الأرض.
بالأمس ضبطت السعودية علب متّة ملآنة بحبوب ومواد مخدرة مصدرها المناطق الحرة السورية التي يديرها، أو كان يديرها رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

 وبعدها ضجت القارة الأوروبية إثر ضبط الشرطة الإيطالية 84 مليون حبة كبتاغون تقدر قيمتها بنحو مليار يورو، قادمة أيضاً من سورية الأسد.
 بل ولم يعد سراً للعالم بأسره بعد الفضائح، أن ابن عم رئيس النظام السوري وبالتعاون مع جهات لبنانية، أقام معملاً متكاملاً بالساحل السوري لإنتاج المخدرات والحبوب، ويصدرها عبر مرفأ اللاذقية.
أبعد هذه التصرفات المافيوية، ملامة الأردن لأنه طلب رخصاً لمرور مئة سيارة مغلقة عبر أراضيه؟!!
وأما الباطل الثاني وربما الأكثر إيلاماً، فمن أين أتى نظام بشار الأسد بحمولة مئة براد، من الخضر والفاكهة، ليصدرها إلى السعودية والإمارات، إن كان الإنتاج السوري أقل من الحاجة والاستهلاك ووصلت الأسعار إلى أضعاف قدرة المستهلك الشرائية.
ففي سورية التي كانت تصدر أكثر من 400 ألف طن حمضيات سنوياً، تعدى كيلو البرتقال فيها اليوم ألف ليرة سورية والتفاح 1500 ليرة والمشمش 300 ليرة، وكذا بالنسبة للخضر التي باتت أمنية للسوريين المثبتة أجورهم عند 50 ألف ليرة، فكيلو البندورة ينوف الألف ليرة وكذا الخيار في حين بقية الخضر، بما فيها الموسمية، بامية بازلاء لوبياء، فتعدى سعرها 1500 ليرة للكيلو غرام الواحد.

من أين أتى نظام بشار الأسد بحمولة مئة براد، خضرة وفاكهة، ليصدرها إلى السعودية والإمارات، إن كان الإنتاج السوري أقل من الحاجة والاستهلاك ووصلت الأسعار إلى أضعاف قدرة المستهلك الشرائية؟


فما هي العبرة من تجويع السوريين الذين يشترون حبة المشمش بمئة ليرة وتعج صور جياعهم وسائل التواصل والشاشات، وتصدير منتجاتهم وحقوقهم للخارج!
أعتقد أني وقعت بفخ طرح سؤال ساذج، لذا أعتذر عزيزي القارئ، لأن من البلادة إن لم أقل أكثر، أن أسأل عن تصدير غذاء السوريين وتجويعهم، من نظام قتلهم بالبراميل والكيميائي، بعد أن بدد حقوقهم وأجّر وباع ثرواتهم، فنظام هجّر وقتل نصف الشعب، لا يجوز أن يسأل عن كفاية شعبه بالغذاء أو منعهم من التسوّل وإغراقهم بالحاجة.
نهاية القول: بات نهج تجويع السوريين بهدف إذلالهم وإلهائهم، مسلمة مؤكدة بسياسات نظام الأسد، فأن ترتفع الأسعار أكثر من 20 ضعفاً وتتراجع قيمة الليرة 50 ضعفاً، ويبقي النظام على الدخل ويصدر غذاء الشعب ليحصل الدولار، فذلك ينفي البحث بأي مصادفة أو مؤامرة تستهدف زرقة عيون بشار الأسد.
فإن اعتبرنا أن برنامج الأغذية العالمية التابع للأمم المتحدة متآمر، وتأكيده قبل أيام بأن 9.3 ملايين سوري يفتقرون إلى الغذاء الكافي، لغايات التشهير والإساءة، فماذا يمكن أن نقول عن البيانات الرسمية الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء بدمشق ومنذ العام الماضي "نحو 28% من السوريين يعانون من انعدام أمنهم الغذائي، وعن قرابة 48% يعيشون في الطبقة الهشة وكلفة الأسرة لنفقات الطعام فقط 275 ألف ليرة".

وهذا طبعاً قبل أن تخسر الليرة السورية نحو 300% من قيمتها خلال العام الجاري وترتفع الأسعار بأكثر من 30% خلال الأشهر الستة الفائتة من عام 2020.
ولكن كل ذلك لا يبرر للأردن نسف روابط الأخوة وتناسي طيب العلاقات والتنكر لمواقف سورية الأسد وإعاقة مصالح الجوار، لتطلب رخصاً وأذونات وشكليات لأساطيل الأسد العابرة حدودها حتى ولو محملة بحشيش لبناني أو حبوب مخدرة أسدية.

المساهمون