"وين تجوّز الريفيون؟" أي "أين تمضي احتفال رأس السنة؟"، سؤال يتلقاه المواطن الجزائري عشرات المرّات يومياً، طوال الشهر الذي يسبق ليلة رأس السنة الجديدة. يطرحه عليك الصديق والزميل والجار، إمّا لمعرفة برنامجك الخاص، من باب الفضول، وإمّا لمحاولة الانضمام إليك، وإمّا تمهيداً لإخبارك عن برنامجه، فالأمر يشكّل محلّ تفاخر لدى الشباب خصوصاً.
من هنا، يخفي الذين لا يستطيعون الذهاب إلى مدينة ما للاحتفال عجزهم عن ذلك. ومثلهم يفعل من ينوون الاحتفال في مكان بسيط، أو في بيت أحد الأصدقاء. بينما يجاهر المحظوظون بأنهم سيحتفلون في وهران غرباً، أو في بجاية وسط البلاد، أو في عنّابة شرقاً، أو في تاغيت جنوباً. وتصل نبرة التفاخر أوجها إذا كان مقصدهم تونس أو المغرب أو تركيا أو فرنسا.
يقرأ طالب علم النفس رفيق ش. الظاهرة من زاوية أنّ المناسبات الخاصّة تشكل بؤرة للتفاخر بين الشباب، وعلى رأسها ليلة رأس السنة: "الكلّ يحاول أن يبدو منتمياً إلى المجتمع المعاصر، ومقبلاً على الحياة، ولا يهمّه أن يعود في الغد مفتقراً إلى سيجارة". يستثني منهم الشباب المقيمين في المناطق النائية والفقيرة، والشباب المتديّنين الذين يرون في ذلك بدعة دينية. يضيف: "هذا الضغط، قد يدفع البعض إلى السطو. وتدرك أجهزة الأمن هذا، فتضاعف احتياطاتها خلال الأسبوعين اللذين يسبقان نهاية العام".
تتفاوت المدن الجزائرية في توفير أماكن الاحتفال، لكنّ المدن الساحلية تأتي في الصدارة. أفضلها لدى الشباب بجاية وعنّابة ووهران التي تتنافس الفنادق وعلب الليل والقاعات المختلفة فيها، في تهيئة مناخات شبيهة بتلك الموجودة في مدن شمال المتوسط (أوروبا). يقول وليد (37 عاماً) إنّ هذه المدن مكلفة مالياً بالمقارنة مع المدن التونسية والمغربية: "لكنها تبقى الأفضل بالنسبة لمن لا يملكون وقتا كبيراً للسفر بعيداً".
ثم تأتي بعض المدن الصحراوية، مثل تاغيت وجانت وتيميمون، إذ تفضلها شريحة من الشباب الجزائريين، كونها وجهة للسائحين الغربيين. يقول عمّار (25 عاماً): "أفضّل تاغيت، فمشاركة الغربيين في الاحتفال تجعل طعمه شبيهاً بطعم الاحتفال في أوروبا". يمزح: "إن فاتنا أن نذهب إليهم في بيئتهم، فلنختلط بهم في بيئتنا".
اقــرأ أيضاً
من هنا، يخفي الذين لا يستطيعون الذهاب إلى مدينة ما للاحتفال عجزهم عن ذلك. ومثلهم يفعل من ينوون الاحتفال في مكان بسيط، أو في بيت أحد الأصدقاء. بينما يجاهر المحظوظون بأنهم سيحتفلون في وهران غرباً، أو في بجاية وسط البلاد، أو في عنّابة شرقاً، أو في تاغيت جنوباً. وتصل نبرة التفاخر أوجها إذا كان مقصدهم تونس أو المغرب أو تركيا أو فرنسا.
يقرأ طالب علم النفس رفيق ش. الظاهرة من زاوية أنّ المناسبات الخاصّة تشكل بؤرة للتفاخر بين الشباب، وعلى رأسها ليلة رأس السنة: "الكلّ يحاول أن يبدو منتمياً إلى المجتمع المعاصر، ومقبلاً على الحياة، ولا يهمّه أن يعود في الغد مفتقراً إلى سيجارة". يستثني منهم الشباب المقيمين في المناطق النائية والفقيرة، والشباب المتديّنين الذين يرون في ذلك بدعة دينية. يضيف: "هذا الضغط، قد يدفع البعض إلى السطو. وتدرك أجهزة الأمن هذا، فتضاعف احتياطاتها خلال الأسبوعين اللذين يسبقان نهاية العام".
تتفاوت المدن الجزائرية في توفير أماكن الاحتفال، لكنّ المدن الساحلية تأتي في الصدارة. أفضلها لدى الشباب بجاية وعنّابة ووهران التي تتنافس الفنادق وعلب الليل والقاعات المختلفة فيها، في تهيئة مناخات شبيهة بتلك الموجودة في مدن شمال المتوسط (أوروبا). يقول وليد (37 عاماً) إنّ هذه المدن مكلفة مالياً بالمقارنة مع المدن التونسية والمغربية: "لكنها تبقى الأفضل بالنسبة لمن لا يملكون وقتا كبيراً للسفر بعيداً".
ثم تأتي بعض المدن الصحراوية، مثل تاغيت وجانت وتيميمون، إذ تفضلها شريحة من الشباب الجزائريين، كونها وجهة للسائحين الغربيين. يقول عمّار (25 عاماً): "أفضّل تاغيت، فمشاركة الغربيين في الاحتفال تجعل طعمه شبيهاً بطعم الاحتفال في أوروبا". يمزح: "إن فاتنا أن نذهب إليهم في بيئتهم، فلنختلط بهم في بيئتنا".
في هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أنّ عدداً كبيراً من المدن الجزائرية، على الرغم من جمالها، لم تعد تمثل وجهة للاحتفال بهذه المناسبة، بعدما منعت السلطات المشروبات الكحولية فيها. فالكحول تضعه نسبة كبيرة من الشباب في مقدمة الشروط التي يحددون وجهتهم الاحتفالية على أساسها. يسخر رفيق: "ماذا أفعل في مدينة تمنع المشروبات الكحولية؟ هل تريدونني أن أحتفل بشرب اللبن؟". ويتساءل: "لا أفهم كيف تتفاوت مدن البلد الواحد في هذا الأمر؟".
هذا الوضع خلق في السنوات الأخيرة ظاهرة اتفاق المجموعات الشبابية على زيارة المناطق الجبلية والغابية التي تتوفّر فيها وسائل نقل سياحية، أو أكواخ للإيجار للاحتفال. يقول سفيان: "نشتري لوازم الاحتفال مسبقاً، ونذهب إمّا إلى جبال جرجرة أو جبال الشريعة فنستأجر كوخاً في هدوء وجمال الطبيعة والثلوج، وتكون ليلتنا مهرّبة من ليالي ألف ليلة وليلة".
أمّا الوجهة التونسية، فتكفي نظرة بسيطة على المعابر الحدودية في الأيام القليلة التي تسبق نهاية العام، لإدراك أنّها المفضلة لدى الآلاف من الجزائريين. فالنظرة إلى الحدود تكشف عن عدد هائل من السيارات التي تنتظر الإذن بالعبور، علماً أن لا تأشيرة بين البلدين، وأنّ الحدود المشتركة مفتوحة، عكس الوجهة المغربية. يبرّر عبد الله هذا الخيار: "نفضل تونس لأنّها توفر لنا الحرية الشخصية والنظافة والحفاوة. كذلك، فالمبلغ الذي أنفقه في مدينة جزائرية في ليلة واحدة، يمكّنني من البقاء أسبوعاً في تونس، مع خدمات أفضل".
ليس في مقدور كلّ الشباب توفير تكاليف الاحتفال، لذلك يلجأ كثيرون إلى الاستدانة، أو اللجوء إلى تجارة مؤقتة. يقول أمين: "تدبرت مبلغاً استثمرته في بيع المفرقعات خلال المولد النبوي، فأعدت رأس المال إلى صاحبه، وسأخصّص الأرباح للاحتفال برأس السنة، في مدينة سوسة التونسية". بينما لجأ زكي إلى بيع درّاجته النارية ليرافق صديقه إلى تونس: "سأشتري أخرى لاحقاً، المهم أن أزيل غبار عام 2016 من مخّي، فقد حدثت فيه أمور سيئة كثيرة". يؤكد أنّه ليس الوحيد: "أعرف من باع هاتفه الذكي ومن باع حذاءه الرياضي ومن باع ساعته، إذ يرى تخلّفه عن مرافقة الشلّة في ليلة رأس السنة من دواعي البؤس أو العجز".
اقــرأ أيضاً
هذا الوضع خلق في السنوات الأخيرة ظاهرة اتفاق المجموعات الشبابية على زيارة المناطق الجبلية والغابية التي تتوفّر فيها وسائل نقل سياحية، أو أكواخ للإيجار للاحتفال. يقول سفيان: "نشتري لوازم الاحتفال مسبقاً، ونذهب إمّا إلى جبال جرجرة أو جبال الشريعة فنستأجر كوخاً في هدوء وجمال الطبيعة والثلوج، وتكون ليلتنا مهرّبة من ليالي ألف ليلة وليلة".
أمّا الوجهة التونسية، فتكفي نظرة بسيطة على المعابر الحدودية في الأيام القليلة التي تسبق نهاية العام، لإدراك أنّها المفضلة لدى الآلاف من الجزائريين. فالنظرة إلى الحدود تكشف عن عدد هائل من السيارات التي تنتظر الإذن بالعبور، علماً أن لا تأشيرة بين البلدين، وأنّ الحدود المشتركة مفتوحة، عكس الوجهة المغربية. يبرّر عبد الله هذا الخيار: "نفضل تونس لأنّها توفر لنا الحرية الشخصية والنظافة والحفاوة. كذلك، فالمبلغ الذي أنفقه في مدينة جزائرية في ليلة واحدة، يمكّنني من البقاء أسبوعاً في تونس، مع خدمات أفضل".
ليس في مقدور كلّ الشباب توفير تكاليف الاحتفال، لذلك يلجأ كثيرون إلى الاستدانة، أو اللجوء إلى تجارة مؤقتة. يقول أمين: "تدبرت مبلغاً استثمرته في بيع المفرقعات خلال المولد النبوي، فأعدت رأس المال إلى صاحبه، وسأخصّص الأرباح للاحتفال برأس السنة، في مدينة سوسة التونسية". بينما لجأ زكي إلى بيع درّاجته النارية ليرافق صديقه إلى تونس: "سأشتري أخرى لاحقاً، المهم أن أزيل غبار عام 2016 من مخّي، فقد حدثت فيه أمور سيئة كثيرة". يؤكد أنّه ليس الوحيد: "أعرف من باع هاتفه الذكي ومن باع حذاءه الرياضي ومن باع ساعته، إذ يرى تخلّفه عن مرافقة الشلّة في ليلة رأس السنة من دواعي البؤس أو العجز".