وقفة مع: سيرين قنّون

23 ابريل 2020
(سيرين قنّون)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته قرّاءه. "الخوف من الوباء أعادنا إلى القيمة الأولية للأشياء"، تقول الممثّلة والمخرجة المسرحية التونسية في لقائها مع "العربي الجديد".


■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟

- الانشغال الأول ككل مواطن وإنسان هو فيروس كورونا. التخوّف من المرض، التخوّف من الوضع، التخوّف من انهيار قدرتنا على التحمّل، وما يتبع ذلك من تساؤلات وهواجس ونحن في وضعية الحجر: كيف نمارس حياتنا عن بعد؟ كيف يمكن أن نتعاون كي تمر المرحلة بأقل الأضرار؟ وطبعاً تشغلني منذ خمس سنوات مسؤولية إدارة "مسرح الحمراء" كمركز للتدريب وفضاء للإنتاج، وقد أطلقنا السنة الماضية "مهرجان عز الدين قنون للمسرح" الذي أترأسه، وللأسف تأجّلت دورته الثانية بسبب الوباء، من آذار/ مارس إلى تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، رغم أن كل شيء كان جاهزاً لتنظيمه.


■ ماهو آخر عمل صدر لك وما هو عملك القادم؟

- آخر عمل كان مسرحية "الشقف" التي أخرجتها بالاشتراك مع مجدي أبومطر، وكلانا تدرّب في "المركز العربي الأفريقي للتكوين والبحوث المسرحية". هي أوّل مسرحية أخرجها ويُسعدني أن عرضها مستمرّ إلى اليوم منذ 2016، إضافة إلى عملي المتواصل على مستوى التكوين في المسرح وفي الإدارة الثقافية. كان من المتوقع إنتاج عمل مسرحي جديد في هذه السنة ولكن يبدو أنه سيتأجّل إلى 2021. لم نحسم بشأنه بعد أنا والفريق الذي ينجزه معي. هو عمل يتناول الغناء في البيوت والمدارس كمدخل للتطرّق إلى العلاقة بين النساء وأبنائهن، من المتوقع أن يحمل العمل عنوان "ونغني".


■ هل أنت راضية عن إنتاجك ولماذا؟

- هناك ثلاث زوايا يمكن أن أجيب من خلالها: أنا راضية على إدارة "مسرح الحمراء" مع فريقها القار أو كل من يشاركنا هذه المغامرة، فخورون لتواصل "الحمراء" وانفتاحها عالمياً وتواصل إشعاعها بعد رحيل مؤسسها عز الدين قنون في 2015. الإدارة الثقافية مهنة درستها بشكل علميّ في فرنسا، ولكنها أكثر من ذلك حيث تمثّل بالنسبة لي تجربة إنسانية أحبّها ولا يمكنني الاستغناء عنها. على مستوى ثان، راضية أيضاً على دخول مغامرة الإخراج ونجاح مسرحية "الشقف". أما الجانب الوحيد الذي لستُ براضية عنه فهو التمثيل، ذلك أنني منذ انطلاقتي في مسار التمثيل سنة 1997 وعدتُ نفسي ألا أبتعد عنه غير أنه ومع انشغالات الإدارة الثقافية والإشراف على تدريب المسرحيين وأخيراً تجربة الإخراج ابتعدت قليلاً. أتمنى إيجاد الوقت للعودة للتمثيل لأنه جزء لا يتجزّأ منّي.


■ لو قيّض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختارين؟

- الخلط بين الأدوار الثلاثة التي أشرتُ لها لكن بمزيد من العدل والتوازن بينها. هي ثلاثة مشاغل لا يمكنني الاستغناء عن واحدة منها، أي أنني حتى لو عدت إلى البدايات سأجد نفسي أتحرّك في نفس هذه المجالات.


■ ما هو التغيير الذي تنتظرينه أو تريدينه في العالم؟

- مع كورونا يتحوّل هذا السؤال إلى واقع نعيشه، نحن نعيش على وقع تغيير جذري في العالم. نلاحظ ذلك في حياتنا اليومية وفي العالم من حولنا. الخوف من الوباء أجبرنا على أن نعود إلى القيمة الأولية للأشياء. بعيداً عن سياق كورونا، أتمنى تغييرات جذرية في القوانين والتشريعات التي يجري من خلالها تسيير الحياة الثقافية في تونس. هناك الكثير من النقاط الإيجابية ولكن لا بد من إعادة النظر في سياسات الدعم وأن تتمتع الثقافة في الجهات بالاستقلالية والخصوصية وأن تتوفر بنية تحتية للمنتج الثقافي، كما أتمنّى أن يعتبر المثقفون والفنانون بأنهم في تدريب مدى الحياة.


■ شخصية من الماضي تودّين لقاءها ولماذا هي بالذات؟

- طبعاً عز الدين قنون، باعتباره والدي أولاً، وثانياً كشخصية ثقافية ولدوره في مسيرتي المسرحية والمهنية، فقد كان يتابع خطواتي وكان الشخص الذي أتكلم معه دون حواجز ولا حدود، وكل من يعرفه يعرف كم كان إصغاؤه إيجابياً، وشخصاً متفهماً وناصِحاً، وقد كان قبل رحيله يتوقع الصعوبات التي ستعترضني. أعتقد أن توقعاته ساعدتني كثيراً في تجاوز الكثير منها.


■ صديق يخطر على بالك أو كتاب تعودين إليه دائماً؟

- إضافة إلى والدي، هناك الكثير من الأشخاص الذين كان لهم وقع وتأثير على حياتي وهؤلاء أذكرهم دائماً. أما الكتاب الذي أعود إليه فهو "أخبرني أي مكمن ألمك" (1994) للكاتب الفرنسي ميشال أودول، هو أقرب إلى كتاب في الطبّ، تحديداً ما يُعرف بالطب اللطيف Médecine douce، لكنه كان مُهماً جداً في مساري كممثلة من حيث تطويره لوعيي بالجسد وحركاته واعتبار وضعية الجسد تعبيراً عن حالتنا بمختلف أبعادها النفسية والفكرية. ظل هذا الكتاب يرافقني، وفي كل مرة أعود إليه حتى تحوّل إلى معجم لا يمكن الاستغناء عنه.


■ ماذا تقرئين الآن؟

- انتهيتُ من كتاب في علم النفس بعنوان "الجراح الخمسة التي تمنعنا أن نكون أنفسنا" لـ ليز بوربو، وبدأت في رواية "عطش" لـ أميلي نوثومب.


■ ماذا تسمعين الآن وهل تقترحين علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟

- أستمع إلى الكثير من الموسيقى، وأقترح عليكم تجربة الفنانة الكندية ليندا لوماي، ككاتبة وملحّنة ومغنية. أتابعها منذ أكثر من 15 سنة. أكثر ما يعجبني فيها طرافة القصص التي تتضمّنها أغانيها ومن خلالها تطرح طيف انشغالات واسعا وذا عمق عاطفي وفكري.


بطاقة
ممثلة ومخرجة مسرحية تونسية من مواليد 1983. من الأعمال التي شاركت فيها كممثلة: "نساء في الذاكرة" (1997) لـ سلمى بكّار، و"نواصي" (2000)، و"لنتكلم بصمت" (2003)، و"غيلان" (2012) لـ عز الدين قنون. ولها مسرحية من إخراجها بعنوان "الشقف" بالاشتراك مع مجدي أبومطر، وتدير حالياً "مسرح الحمراء" في تونس.

المساهمون