وساطات بين السيسي والطيب... ومساعٍ لوقف "مشروع أبوحامد"

02 مايو 2017
السيسي غاضب من أداء الطيب وإدارة مؤسسة الأزهر(الأناضول)
+ الخط -
تحاول شخصيات عامة قريبة من مؤسسة الرئاسة المصرية، تأدية دور الوساطة لإنهاء حالة التوتر الشديد في العلاقة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، وشيخ الأزهر أحمد الطيب. وشهدت العلاقة بين السيسي والطيب توتراً ملحوظاً أخيراً، لا سيما بعد رفض هيئة كبار العلماء حديث السيسي عن عدم وقوع الطلاق الشفهي، وسبقها اختلاف وجهات النظر بين المؤسستين حول مسألة تجديد الخطاب الديني. وعقب العمليات الإرهابية التي استهدفت كنيستي مار جرجس بمحافظة الغربية ومار مرقس بمحافظة الإسكندرية، بدأت الانتقادات العنيفة تنهال على مؤسسة الأزهر، لتتهمها بالتقصير في مسألة تجديد الخطاب الديني، ومواجهة أفكار التطرف. وتوسعت حملة الهجوم على مؤسسة الأزهر لتشمل المناهج التي تدرس في المعاهد الدينية وكليات جامعة الأزهر، والتي اعتبرها موالون للنظام الحالي أنها تربي أجيالاً عنيفة.

وحاول السيسي أن يبعد عن نفسه شبهة وقوفه عبر أذرعه الأمنية والاستخباراتية وراء مشروع القانون الذي سيتقدم به القيادي في ائتلاف "دعم مصر"، النائب محمد أبو حامد، لتعديل قواعد انتخابات شيخ الأزهر. وأكد السيسي خلال استقباله بابا الفاتيكان، فرانسيس، الذي زار مصر يومي الجمعة والسبت الماضيين، على أهمية دور الأزهر في مواجهة أفكار التطرف والإرهاب.

ويستعد النائب أبو حامد لتقديم مشروع قانون لتعديل قواعد اختيار شيخ الأزهر على أن يستمر في منصبه بحد أقصى 12 عاماً، مقسمة على فترتين فقط. وقالت مصادر برلمانية قريبة من دوائر اتخاذ القرار، إن بعض الأطراف في الدولة وشخصيات قريبة من مؤسسة الرئاسة تحاول الوساطة بين السيسي والطيب خلال الفترة الحالية. وأضافت المصادر لـ"العربي الجديد" أن تلك المحاولات تهدف لتهدئة الأمور بين مؤسستي الرئاسة والأزهر خلال الفترة المقبلة، ووقف التصعيد المتبادل من الطرفين. وتابعت أن الأزهر طالب صراحة بوقف الهجوم الإعلامي الممنهج عليه وتوجيه الاتهامات له بعدم المضي قدماً في مواجهة تجديد الخطاب الديني. ولفتت إلى أن الأزهر وفي إطار تعديل مناهجه، أصدر عدة كتب لتوضيح مسألة تعديل المناهج وما تم تعديله وما لم يتم تعديله مع شرح أسباب كل خطوة تم القيام بها في هذا الصدد. وشددت المصادر على أن حالة غضب شديدة انتابت مؤسسة الأزهر بالكامل وليس الطيب وحسب، وحاول بعضهم التدخل عبر اتصالات مع جهات في الدولة لوقف الهجوم المتعمد على الأزهر، وفق المصادر.


وأشارت المصادر إلى أن هذه المحاولات تلاقت مع رغبة شخصيات قريبة من مؤسسة الرئاسة في محاولة احتواء الأزمة وعدم تفاقمها خوفاً من ردة الفعل من قبل مؤسسة الأزهر. واعتبرت المصادر ذاتها أن السيسي غاضب من إدارة مؤسسة الأزهر بهذه الطريقة التي لا تتخذ موقفاً واضحاً تجاه الجماعات الإرهابية لدعم الدولة في مكافحة الإرهاب، ومن عدم اتخاذ خطوات جادة في تجديد الخطاب الديني. وشددت على أن السيسي كلما يطرح مسألة على الطيب يجد رفضاً لها، وليس فقط حين يتعلق الأمر بمسألة الطلاق الشفهي، حتى إنه عبّر عن تذمره في إحدى المرات قائلاً: "أتعبتني يا فضيلة الإمام"، وفق ما أوردت المصادر.

وحول ما يمكن أن تسفر عنه محاولات الوساطة وعدم المضي في تمرير مشروع قانون محمد أبو حامد لتعديل قواعد اختيار شيخ الأزهر وفترة استمراره في المنصب التي لا تتجاوز 12 عاماً مقسمة على فترتين، أوضحت أن هذا الأمر لم يتم النظر فيه حتى الآن، ولكن الاتصالات مستمرة لوقف هذا المشروع، وهو ما سيتضح خلال الأسبوع المقبل. ولكن هيئة كبار العلماء تخشى من تكرار نفس سيناريو تمرير مشروع قانون لتعديل قواعد تعيين رؤساء الهيئات القضائية، وتمرير مشروع قانون أبو حامد.

وقال أحد أعضاء هيئة كبار العلماء إن التخوّفات تتلخص في إبداء مؤسسة الرئاسة ومجلس النواب مرونة في رفض أو تعديل مشروع قانون أبو حامد، تحت ذريعة منع الصدام مع مؤسسة الأزهر، ولكن فجأة يوافق البرلمان ومن خلفه يصادق السيسي ويصدر القانون رسمياً وينشر في الجريدة الرسمية ليقطع الطريق على أي محاولة ضغوط عليه، وفق المتحدث نفسه.

وأضاف عضو هيئة كبار العلماء لـ"العربي الجديد"، متسائلاً أنه "على افتراض وجود قصور في أداء مؤسسة الأزهر، فما علاقة تعديل قواعد اختيار شيخ الأزهر بهذا الأمر؟". واعتبر أنه "كان يمكن الاقتصار على التعديلات التي تتعلق بجوهر أي عملية إصلاح حقيقي وفقاً لرؤية مقدّم مشروع القانون"، بحسب قوله. وتابع أن مشروع القانون المنتظر يتعلق في الأساس بشخص الطيب، وهو أمر معيب ويؤكد رغبة السلطة التنفيذية في السيطرة على كل مؤسسات الدولة، إذا ما وضع في الاعتبار الإطاحة بالمستشار هشام جنينة، من رئاسة الجهاز المركزي للمحاسبات، وتعديل قواعد اختيار رؤساء الهيئات القضائية، على حد تعبيره. وشدد على أن الأزهر بذل جهوداً حثيثة لمراجعة المناهج، وما يظهر من التباس قد يؤدي إلى تغيير معنى في ما يتعلق بقضايا العنف والتكفير، يتم تعديله أو حذفه حسب أهمية المسألة، بحسب تأكيده.