يحصد مهرجان هيوستن الفلسطيني كل عام نجاحاً أكبر من الذي سبقه. فالمهرجان الذي بدأ قبل خمس سنوات مع ما يقرب من ألفي زائر، بات اليوم حدثاً ثقافياً ضخماً يقصده ما يزيد على 12 ألف زائر، لا يأتون من هيوستن وحسب، وإنما من أنحاء ولاية تكساس الأميركية والولايات المجاورة.
ويعد المهرجان الذي ينظمه المركز الثقافي الفلسطيني الأميركي في هيوستن، مناسبة سنوية يحتفل خلالها الفلسطينيون من مختلف الأجيال بثقافتهم وبوطنهم فلسطين الذي يعتبر بالنسبة لبعضهم، حلماً لم يتمكنوا حتى اليوم من رؤيته وملامسة ترابه.
وقالت ربى عفيفي، من إدارة المهرجان لـ"العربي الجديد" إن "فكرة المهرجان منذ البداية كانت الاحتفال بالثقافة الفلسطينية من جميع النواحي، ورفع الوعي حولها بين أبناء الجالية وأيضاً بين الأخوة العرب وكذلك الأميركيين. فنحن هنا من خلال الفن والرقص والغناء والطعام، نحتفل بثقافتنا وهويتنا. فنحن نتحدث هنا عن جيلين من الفلسطينيين، الجيل الأول ممن قدموا إلى هذه البلاد كلاجئين من سورية أو لبنان أو حتى كانوا يعيشون في الكويت وغيرها من البلدان. وهناك الجيل الثاني وهم ممن ولدوا ونشأوا في أميركا. كثيرون من بين هؤلاء لم يتسن لهم رؤية وطنهم الأم. وبالتالي فإن المهرجان يعتبر فرصة للجميع لإحياء التراث والثقافة والتعرف عليها، وإشعارهم بهويتهم وبانتمائهم لفلسطين".
وترى عفيفي أن تركيز المهرجان على الجانب الثقافي بشكل بحت، نابع من رغبته بالتركيز على النواحي الإيجابية والمفرحة، خاصة وأن الكثير من الأحداث السيئة والأخبار المؤلمة لا زالت تحدث في فلسطين، مشيرة إلى أنه قلما يُسمع عن شيء له علاقة بالفن والرقص والغناء والفرح.
وبدأ المهرجان الذي واصل فعالياته خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، على أنغام الأغاني التقليدية ترافقها رقصات الدبكة التي تقدمها مجموعة من فرق فلسطينية، أتت من مختلف المناطق. وعلى منصة ضخمة أعدت للحدث توالت العروض الفنية والوصلات الغنائية التقليدية، لتنعش ذاكرة من تربى على سماعها، وليطرب لها أبناء يزدادون تمسكاً بتراثهم الأصيل ولو كانوا بعيدين عن بلد آبائهم وأجدادهم.
واشتمل المهرجان على بازار يحوي العديد من الأقسام، الأمر الذي يجعله يبدو كسوق صغير في إحدى البلدات الفلسطينية. ففي البازار مكان لنقش الحنة، وآخر لبيع الملابس التقليدية والمطرزات والأشغال اليدوية، ومكان لبيع زيت الزيتون والزعتر. بالإضافة إلى الزاوية المخصصة لبيع المأكولات والعصائر والحلويات الفلسطينية. كذلك لعشاق الأرجيلة ركن خاص، حيث بإمكانهم الاستمتاع بالأرجيلة بمختلف النكهات والأنواع.
وأكدت عفيفي، أن الهدف الثقافي للمهرجان، لا يمكن فصله عن المنفعة الاجتماعية والاقتصادية التي يحققها، مضيفة: "لا شك أن المهرجان يوفر مساحة لأبناء المجتمع المحلي لعرض منتجاتهم والتسويق لمحالهم، الأمر الذي يمنح دعماً لهم ولأعمالهم. كذلك فإنه يتيح لأبناء المجتمع الالتقاء والتعارف على بعضهم البعض، خاصة وأن الأجيال التي نشأت هنا في أميركا ليس لديها الارتباط العميق بالثقافة العربية. فهؤلاء يدرسون في مدارس أميركية، ويحتكون مع أميركيين، ولغتهم الإنجليزية أقوى من العربية، وهذا يعود لعدم انخراطهم بشكل كاف بالثقافة العربية. وبالتالي فإنه من المهم لهذا المهرجان أن يخلق نوعاً من التقارب والتواصل بين بعضهم البعض ومع ثقافتهم أيضاً".
لم يأت نجاح مهرجان هيوستن الذي يعد واحداً من أهم المهرجانات التي تحييها الجاليات العربية في شمال أميركا، من فراغ، فقد عكف المنظمان ربى عفيفي وسامر قدورة وبمساعدة المتطوعين والداعمين للحدث على تسخير كل الوسائل المتوفرة لإنجاحه. ومن بين ذلك الوصول إلى شريحة كبيرة من الجمهور من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها.
وتضيف: "في كل عام يزيد عدد الزائرين حوالى ألفي شخص. وقد اتبعنا هذا العام أسلوباً جديداً وهو إيصال الرسالة من خلال طلاب المدارس، فكل طالب قام بدعوة معلمه أو معلمته لحضور المهرجان، وأنا أيضاً دعوت طلابي حيث أدرس في كلية هيوستن المجتمعية. الهدف من إشراك الأميركيين هو تعريفهم بثقافتنا ودعوتهم لمشاركتنا الاحتفال بها. نريد أن نريهم أننا شعب يحب الاحتفال والفرح، ولدينا الكثير لنحتفل به".
ووصفت عفيفي المجتمع المحلي الأميركي في هيوستن بالمتنوع والمتعاون، إذ ولأول مرة يحتوي المهرجان على معرض صور خصص لتكريم المرأة الفلسطينية، والذي تم بالتعاون مع مجموعة من فناني هيوستن لرسم 20 لوحة عن النساء الفلسطينيات.