هرتزل .. ولكن فلسطيني!

08 أكتوبر 2015
خذ نفساً.. فكّر مرتين (Getty)
+ الخط -
ماذا لو نزعنا عن كاهلنا "دور الضحية" وكل ثقل الماضي، لو فكرنا ولو لمرة في حياتنا كشلة من الأشرار تريد أن "تحتل" إسرائيل وتقيم وطناً بديلاً لهؤلاء المشتتين المزعجين حول الأرض لهذا المواطن المزعج.. من إذا سألته عن جنسيته أجابك في خمس دقائق بقصص طويلة.. نريد أن نضعهم في وطن واحد ونربطهم بنصوص دينية تطيل جذورهم في الأرض وتبقيهم هناك للأبد!


وقف على المنبر قبل خمسة عشر عاما، وقال لأبناء المصلين: أنتم من سيحرر الأقصى رأيته اليوم وقد صعد إلى نفس المنبر ليقول للأبناء وقد كبروا: سيحررها جيل أبنائكم.

لاعبين بأصابع أرجلنا مؤمّنين بآااامين مع تثاؤب .. صارت مهمتنا الدعاء والتأمين في انتظار يوم القيامة لعل الله يحل كل مشاكلنا .. نتفرج ثم نورث همومنا لمن بعدنا ونعلمهم الدعاء لا الفعل!

كل النصوص الدينية باتت كما معاهدات السلام تُطَوّع لمصلحة التأجيل حتى صار الدين "علّاقة الفشل" مع أنه في الأصل كان "علّاقة للأمل".

ما ذنب أبنائنا أن نحملهم مسؤولية "تحرير الأقصى" أن نورثهم قضيتنا المعقدة بدون أدوات وقد أضيف إليها العجز!

حضرتك شخصياً!
يرث العربي من والده "عاطفته السياسية" لا رأيه السياسي. سيكبر الطفل يوماً ويعلم أن كل ما ورثه ليس سياسة.. بل عواطف متناقضة تجمعت من بقايا خطبة هنا أو صرخة شيخ هناك.. سيعلم حينها أنه ووالده وكل عائلته الكريمة بل وكل أبناء حارتهم.. هم ضحايا عواطف سياسية جياشة تم استغلالها بشكل ممنهج من زعيم صاعد أو سياسي فاسد.. "عادي لا تزعل.." أنت واحد تشبه كل شعوب العرب.

وأغلب معارك تغيير القناعات تحدث أمام تلفاز البيت.. حين يعي بفطرته السليمة وهو يكبر أنه ينتمي لأمة مهزومة منذ الولادة، فيحاول أن يمنطق الأحداث بما تعلم من أبيض وأسود وخير وشر ويقيسها بمعادلات الربح والخسارة فيصفع بآيات الوعيد والتطمين والتمكين.. ثم التخوين والتكفير إذا زادها .. وما زال ينهزم!

عليه ان يتعلم كيف ينافق عقله منذ الصغر حين يطلب منه ان يضع في خانة اليقين في مركز العقل قاعدة التناقض الشهيرة .. السياسة نجاسة والارض لنا!

هكذا ورثها من والده ومن جارهم صاحب والده المعتد بقناعاته حد الصراخ .. وأمامه حل من ثلاثة:
- إما أن يعلن استسلامه ويترك الآراء المكهربة لأصحابها ويعلن أن لا طاقة ولا فهم له بالسياسة و"يهتم بدروسه".

- أو أن يتطوع كمناضل للدفاع عن المنطق والعقل، قبل أن يتفوه بأي سياسة، فالمجتمع يبني قناعاته بدون منطق.

- أو أن يتحول إلى كائن سياسي مفترس يحب المهاترات السياسية المتعلقة "بالمراجل" والربح والخسارة في الجدل، والمبنية غالباً على نظريات المؤامرة ونهاية الكون.

إمكانية الفعل كبيرة إذا نسينا زمن الخطابات والشعارات المنمقة بسجع وزغاريد أم الشهيد إذا توقفنا عن التغزل بالزعتر وبذكريات الماضي وبدأنا التفكير بالمستقبل، وكأننا كائنات من خارج هذا العالم تريد حلاً.. جرب أن تتخيل أن القضية ملكك وأنت صاحب القرار فيها، انزع ثقتك بكل السياسيين والمناضلين لثلاث دقائق ثم فكر.. الصندوق كبير وسنتعب للخروج منه والتفكير بفلسطين.. بالوطن مستقبلا .. كيف سيبدو، لا كيف كان.

لماذا تبدو القضية الفلسطينية الأعلى دماً وتضحيات والأكثر فشلاً بين الأمم رغم عدالتها المطلقة؟

خذ نفساً.. فكّر مرتين .. ضع ثاني فكرة تخطر على بالك فالأولى غالبا تقليدية .. الجواب هنا يجب أن يكون كما الفعل "مختلفاً".

(فلسطين)
دلالات