لا تزال المفاوضات حول هدنة حمص عصية على الوصول إلى توافق نهائي أو إلى آليات عملية تنفيذية، إذ إن البند الوحيد الذي دخل حيز التطبيق، إلى الآن، هو وقف إطلاق النار، فيما التأجيل يحكم البنود المتبقية من شروط الهدنة.
وتم تأجيل إجلاء المقاتلين من حمص المحاصرة، وتسليم الأسرى الذين تحتجزهم المعارضة، إلى يوم غد الثلاثاء بعد تعطيل "قوات الدفاع الوطني" (الشبيحة) تنفيذ الاتفاق.
وأوضح الناشط أبو بلال الحمصي، لـ"العربي الجديد"، أن "الجبهة الإسلامية" عرضت على الطرف الإيراني في المفاوضات إطلاق سراح الأسرى لديها، مقابل خروج مقاتلي المعارضة من حمص المحاصرة.
وأشار الحمصي إلى أن الإيرانيين وافقوا على العرض، وبدأوا يضغطون على النظام للموافقة على تنفيذ هذه العملية، إلا أن ما يعرف بـ"قوات الدفاع الوطني" (الشبيحة) رفضوا خروج المقاتلين بسلاحهم الفردي، كما نص الاتفاق.
" |
وأضاف الحمصي "لا يزال مندوبو الأمم المتحدة يتواجدون في فندق السفير في حمص، بالإضافة إلى مندوبين إيرانيين وروس وأتراك". كما يتواجد، وفقاً للناشط السوري، "وفد من المحاصرين، ووفد من مسؤولين كبار في النظام، من بينهم رئيس شعبة الأمن السياسي، اللواء محمد ديب زيتون".
وأوضح الحمصي أن زيتون نُقل عنه تقسيمه مقاتلي حمص إلى ثلاث فئات، معتبراً أن "عناصر الفئتين الأولى والثانية خرجوا بتسويات وأن من بقي هم النخبة". وأشار إلى أنه تم طرح تسليم الأسرى للطرف التركي، وهو الأمر الذي رفضه الإيرانيون، مما من شأنه إطالة أمد المفاوضات وتعقيدها.
من جهته، نفى مراسل "شبكة شام" في حمص، سامر الحمصي، علمه بوجود مندوبين أتراك في المفاوضات، معتبراً أن السبب الرئيسي لتأخر تنفيذ بنود الهدنة وإخراج المقاتلين، هو التأخر في وصول المساعدات إلى مدينتي نبل والزهراء شمال سورية "بحسب نص الاتفاق"، بالإضافة إلى تهديد "شبيحة حمص" واعتراضهم على خروج المقاتلين بأسلحتهم الخفيفة، وهو الأمر الذي خلق مخاوف لدى مفاوضي المعارضة، الذين طلبوا ضمانات لخروج مقاتليهم، واشترطوا أن يرافق خروج كل دفعة من المقاتلين شيخ من مشايخ الطائفة العلوية.
" |
وكانت وكالة الأنباء الفرنسية قد نقلت يوم الإثنين، عن محافظ حمص، طلال البرازي، قوله إنه "سيتم البدء بتنفيذ المبادرة خلال 48 ساعة، حسب التطورات على الأرض"، معرباً عن أمله في أن "تجري الأمور بخير وحينها لن تستغرق وقتا طويلاً".
وأوضح البرازي أنه "تم الاتفاق على أن يتجه المسلحون شمالاً إلى تلبيسة والدارة الكبيرة، وهذه الحلقة من الموضوع تجاوزناها". وتلبيسة والدار الكبيرة معقلان للمعارضة المسلّحة في الريف الشمالي لحمص، ويبعدان عن المدينة نحو 20 كيلومتراً.
وأشار المحافظ، الذي استخدم تعبير "مبادرة تسوية" عوضاً عن "اتفاق" في حديثه، إلى أن التنفيذ يتوقف على بحث بعض الأمور اللوجستية، ومنها "اختيار الطريق المناسبة وتفكيك الألغام ووجود نقاط تفتيش وتأمين وصول الناس، واختيار الأطراف المشاركة في مكان الانطلاق والوصول".
وأضاف: "نحن حريصون على نجاحها، ولذلك يجب التحضير لها بشكل جيد، وإن كُتب لها النجاح، سنبدأ بحلقة جديدة تتعلق بالوعر ومناطق أخرى". ويقع حي الوعر في جوار أحياء حمص القديمة. ويسيطر عليه المقاتلون ويقطنه عشرات الآلاف، غالبيتهم من النازحين من أحياء أخرى في المدينة. وتعاني هذه الأحياء من حصار من قبل القوات النظامية منذ عامين.
وأشارت وكالة الأنباء الفرنسية إلى أن الاتفاق يشمل إطلاق سراح ما يقارب 70 أسيراً لبنانياً وإيرانياً لدى "الجبهة الإسلامية" في حلب، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى بلدتي نبل والزهراء في ريف حلب، ويحاصرهما مقاتلو المعارضة منذ أشهر. إلا أن المحافظ نفى وجود مخطوفين إيرانيين. لكنه أشار إلى أن "كل اتفاق يتم، يتضمن إطلاق سراح مخطوفين، والمصالحات التي تتم، تتضمن إطلاق مختطفين، تعبيراً عن حسن نية، بالإضافة إلى إدخال المواد الغذائية كونها قضية إنسانية".
يُذكر أن الأحياء المحاصرة في حمص تضم نحو 1000 شخص بينهم 600 مقاتل، يقبعون تحت الحصار منذ نحو سنة ونصف السنة، يتم التفاوض على إجلائهم إلى مدينة تلبيسة في الريف الشمالي لمحافظة حمص التي تسيطر عليها المعارضة.