هجمات "بوكو حرام" تخفّض أسعار "أضاحي" التشاديين

03 أكتوبر 2014
هجمات بوكوحرام النيجيرية تطال أضاحي التشاديين(أرشيف/Getty)
+ الخط -
"مصائب قوم عند قوم فوائد".. ربما ينطبق هذا المثل على ما حدث في تشاد، إثر الهجمات المتواترة التي استهدفت، في بداية سبتمبر/أيلول الماضي، رعاة الماشية من جماعة "بوكو حرام" النيجيرية، واستيلائهم على أكثر من 4 آلاف رأس ماشية، ما دفع الحكومة التشادية الى حظر تصديرها نحو نيجيريا، ما أغرق السوق المحلية بالأضاحي فانخفض سعرها.
وحسب تجار فإن تعديل أسعار الأضاحي في السوق التشادية هذا العام، على خلفية هجوم "بوكو حرام"، لم يثر ذات البهجة والارتياح لدى الجميع. فبقدر استحسان السكان فكرة حصولهم على خروف بأسعار في المتناول، أعرب العديد من باعة الماشية، الذين التقاهم مراسل الأناضول، عن سخطهم، متّفقين على شعور "عدم الرضا" الذي ينتابهم.
وهو شعور يجد تبريره في انخفاض أسعار الأضاحي في السوق، فكبش العيد الذي كان ثمنه، العام الماضي، 45 ألف فرنك أفريقي ( 95 دولاراً )، يعرض حاليّاً بسعر يتراوح بين 25 إلى 30 ألف فرنك أفريقي (70 إلى 80 دولاراً).
حامد أسيليك، أحد باعة الماشية في العاصمة التشادية، نجامينا، منذ أكثر من 3 عقود، لم يخف، في حديثه امتعاضه وقلقه ممّا يحصل: "وضْعنا يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، فبعد إغلاق الحدود مع أفريقيا الوسطى، تلاه إجراء مماثل مع نيجيريا.. في السابق، كان كلّ ما نخشاه هو الطاعون البقري (مرض فيروسي حاد)، أمّا اليوم، فنحن نخشى ما سيتمخّض عنه الغد المجهول".
كان الرجل يتحدّث، وشفتاه ترتجفان من شدّة الانفعال. مضيفاً، أنّ "ما من خيار أمامنا سوى انتظار فترة ما بعد العيد، على أمل أن يرسل الله لنا من يريحنا من كلّ هذه البضائع (الماشية)".
أمّا بالنسبة لـ، حسن أوشار، وهو بائع للماشية أيضاً، فيرى أنّه "مهما كثرت الأضاحي في هذه الفترة، فإنّه من الممكن بيعها جميعاً لأن هذا موسم مهم". وتابع: "الأسعار لم تنخفض، وإنما هناك بعض التجّار الذين يتطلّعون الى بيع بضائعهم بسرعة، اعتماداً على سياسة تخفيض الأسعار".
غير أنّ الوجه الآخر للموضوع يتّسم بغير ما أبداه الباعة والتجار عموماً من امتعاض ممزوج ببعض الأمل، فالمقبلون على ابتياع أضحية العيد، وجدوا في وفرة الماشية وانخفاض الأسعار، سنداً لهم يقيهم النفقات الباهظة التي يتكبّدونها جرّاء تتالي المناسبات (شهر رمضان، عيد الفطر، عيد الأضحى والعودة المدرسية).
"مصائب قوم عند قوم فوائد".. هكذا استهلّ عودة داوود تكولولو، الموظف في إحدى المؤسسات الحكومية في تشاد حديثه، بينما كان يتحدث وكلماته تنضح بسرور لم يحاول إخفاءه، "سنتمكّن هذه السنة على الأقلّ من ابتياع كبش العيد بسعر مناسب، وفي الوقت الملائم. ففي العادة، يتوافد الناس بكثرة لشراء الأضاحي قبل العيد بفترة، تفاديّاً لارتفاع الأسعار كلما اقترب اليوم الموعود".
وبالنسبة للحكومة التشادية، فإنّ الموضوع لا يكتسي أهمّية بالغة أو يشكّل أولوية بالنسبة إليها، بما أنّ "بيع الماشية يندرج ضمن الأنشطة الحرّة، ويعود للتجار تحديد الأسعار وفقاً لقانون العرض والطلب"، بحسب ما صرّح به للأناضول أحد المسؤولين في وزارة التجارة في تشاد، طالبا عدم الكشف عن هويته.
رئيس الوزراء التشادي، جوزيف جمرنقار دادناني، كان أمر، العام الماضي، خلال جولة تفتيشية شملت سوق الماشية، التجار بخفض الأسعار. المسؤول الحكومي عقّب على الموضوع قائلاً إنّ "الباعة قاموا يومها بجمع قطعانهم والتوجّه نحو الأدغال".
ويرتكز الاقتصاد التشادي على غرار معظم بلدان الساحل الأفريقي، على أربعة قطاعات فرعية، تمثّل 55 % من ناتجها الإجمالي المحلّي، وهي تربية الماشية، والزراعة، والغابات وصيد الأسماك.
وتشاد، بلد في وسط أفريقيا تقع في منطقة الصحراء الكبرى، تجاورها ست دول ولا تطل على منفذ بحري خارجي سوى بحيرة تشاد، وتحدها نيجيريا في الجنوب الغربي.
وتمتلك تشاد حوالي 4 ملايين و827 ألف رأس ماشية، وهو ما يمثّل أحد المصادر الرئيسية للبروتين (الألبان واللحوم)، غير أنّها تبقى غير كافية، مقارنة مع احتياجات السكان، وفقاً لبيانات مديرية الثروة الحيوانية في تشاد.
و"بوكو حرام" بلغة قبائل "الهوسا"، المنتشرة في شمالي نيجيريا المسلم، تعني "التعليم الغربي حرام"، وهي جماعة نيجيرية مسلحة، تأسست في يناير/ كانون الثاني 2002، على يد محمد يوسف، وتقول إنها تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ولايات نيجيريا، حتى الجنوبية ذات الأغلبية المسيحية.
ويبدو الجيش النيجيري عاجزاً عن وقف حركة التمرد هذه، التي تسيطر على أجزاء واسعة من الأراضي في شمال شرق البلاد.
ووافق مجلس الشيوخ النيجيري في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، على طلب الرئيس جودلاك جوناثان اقتراض مليار دولار لتعزيز قدرات الجيش على مكافحة "بوكو حرام".
وقالت لجنة في مجلس الشيوخ إن "هذا القرض سيخصص لشراء سفن ومروحيات وأسلحة"، مشيرة الى أن "المروحيات سيشتريها الجيش من بيلاروسيا"، فيما لم توضح السلطات حتى الآن من هي الدول التي ستبيعها بقية الأسلحة.
(العربي الجديد، الأناضول)
المساهمون