نُكلّم المارد

20 مارس 2019
(عمل لـ إيفلين عشم الله)
+ الخط -

ماما.. احكي حدوتة.
تتوالى الحواديت ولا تتوقّف، وأمي تغلق عينيها وتفتحها ثم توسّعها حسب المواقف المتغيرة، وأمّي ترتفع بصوتها.. تخفضه حسب كنه المقولات والمخلوقات المتحرّكة والساكنة. نبتهج، وتتسع أعيننا. نخاف، نتكوّر. نتململ انتظاراً لحدث ننتظره. وأمّي تحكي ولا تملّ. تتدفّق الحدوتة سيلاً رقراقاً، شفافاً، معتماً، ملوّناً. وتتلوّن الوجوه كلها بلون أطياف الغيب المبهمة.

هكذا تتخلق الدنيا شيئاً فشيئاً. تتمشّى المخلوقات والأشياء في قلوبنا. نصرخ حين الرعب. نضحك من نكتة ألقاها علينا مخلوق صغير أخضر. تمسك أُمّي بيدي، عبر المارد الجني، ثم تثني إصبعي الصغرى.. واحد.. تثني الأخرى.. اثنان..

ننتفض لنهرب فى أحضانها حتى لا يأخذنا المارد الجنّي إلى الكوكب السريّ ذي الوردة الحمراء الآتية من حيث لا مكان.

بعد أن تغرق أمي في الضحك وتدمع عيناها نشوة وإشفاقاً، تأخذنا إلى أسرّتنا لننام ولكن النوم كان هو سرّنا الأعظم.. النوم هو العالم المدهش الذي نتمنّى ألا نخرج من بابه الأزرق. نسبح في الأزرق اللامتناهي. أيدينا وأرجلنا أجنحة مرفرفة.

نكلّم المارد الجني والمخلوق الأخضر الصغير صاحب النكات اللاذعة. وحين توقظنا أصوات الصباح نظل مغلقين أعيننا على سرّنا الأبدي، نشدّ طرف الغطاء حتى لا نرى ضوء النهار لتبقى ساعات البهجة أبدية راسخة...

المساهمون