هموم شعرية: مع عبد المحسن يوسف

18 يوليو 2024
عبد المحسن يوسف
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع شاعر عربي في علاقته مع قارئه وخصوصيات صنعته ولا سيما واقع نشر الشعر العربي المعاصر ومقروئيته. "قارئي هو ذلك المجهول الجميل الذي يقبع في الصمت والعتمة والظل" يقول الشاعر السعودي عبد المحسن يوسف لـ"العربي الجديد". 


■ ما الهاجس الذي يشغلكَ هذه الأيام في ظل ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟

- كيف يصمتُ هذا العالَم على الفظاعات العلنيَّة التي يرتكبُها هذا الكيانُ اللَّقيط بحقِّ الشعب الفلسطيني، بل كيف يؤيِّدها ويبرّرها، فيما يدّعي أنّه "المتحضّر الأول"، وأنّه "الراعي الوحيد" لقيم العدالة والمساواة وحقوق الإنسان؟ ذلك هو الهاجسُ الذي يلحّ عليّ طويلاً ويثقبُ قلبي.


■ مَن قارئك؟ وهل تعتبر نفسك شاعراً مقروءاً؟

- قارئي هو ذلك المجهولُ الجميلُ الذي يقبعُ في الصَّمت والعتمة والظلال. أقولُ قولي هذا، لأنّني لا أمتلك أدوات تعدّ ولا وسائل تحصى.


■ كيف هي علاقتك مع الناشر، هل لديك ناشر وهل هو الناشر الذي تحلم به لشعرك؟

- صديقي الدكتور هاني الصلوي صاحب "مؤسّسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر" في القاهرة، أزعم أنه ناشري، لأنّه طبعَ لي أربعة من كتبي الخمسة. لم يأخذ مني ريالاً واحداً. لم نكتب عقوداً، ولم نبرم شروطاً، ولم أحصل منه على ما أريد من نسخ سوى النزر اليسير! أغضبُ منه بحدّة، لأنّه، للأسف، لا يذهب بإصدارات "أروقته" إلى حيث تُقَامُ معارض الكتب استجابة للكسل والمزاج. أمّا ديواني الأخير "مطرٌ كسولٌ على الباب"، الذي صدر عام 2023 عن "دار أدب" بالرياض، فقد كان محظوظاً على مستويات عديدة، منها: الإخراج الرائع، والتوزيع الجيّد، والحضور في معارض الكتب. وهنا لا يسعني إلّا أن أصف "دار أدب" بأنّها دار نشر محترمة تُنصِف المطبوع وصاحبه، وأنّها تفعل ما تقول.

قارئي هو ذلك المجهول الجميل الذي يقبع في الصمت والظل

■ كيف تنظر إلى النشر في المجلات والجرائد والمواقع؟

- هذه المنابر مهمة، لا يستغني عنها أي كاتبٍ يبحث عن الانتشار. صحيح كانت بعض هذه المنابر -في سنواتٍ مضت- ترفض نشر ما تراه يشكّلُ خطراً على قيم المجتمع، وتحذف ما لا يروق لها ولا يروق للرقيب. راهناً أرى أنَّ الهامش بدا أكثر تسامحاً ورحابة، لكنّ المشكلة "العويصة" تكمن في أنَّ العديد من هذه المنابر تعتذر عن منح الكاتب حقوقه المالية، بذريعة أنّها تعاني من انحسار الإعلان في زمن سطوة الإعلام الرقمي الجديد المُنافس.


■ هل تنشر شعرك على وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف ترى تأثير ذلك في كتابتك أو كتابة زملائك ممن ينشرون شعرهم على وسائل التواصل؟

- نعم، أملك منذ سنوات صفحة على "فيسبوك"، وأرى أنّها جسر رائع للتواصل مع الأصدقاء المثقّفين والكتّاب والمبدعين في مجالات عديدة، وهي كذلك جسر رائع للتواصل مع قرّاء مفترضين. حين أنشرُ نصوصي المقتنع بها أرى تفاعلاً مباشراً واستجابة سريعة، وأوهمُ نفسي بأنَّ ذلك احتكاكٌ حقيقيٌّ، والله أعلم.


■ مَن قارئ الشعر العربي اليوم في رأيك؟

- قارئ الشعر اليوم هو كلُّ عاشقٍ للكلمة الجميلة. هكذا أتوهَّم، وهكذا أمضي بعيداً في صحراءِ أوهامي التي لا تُحَد.


■ هل توافق أن الشعر المترجم من اللغات الأخرى هو اليوم أكثر مقروئية من الشعر العربي، ولماذا؟

- ربما أميلُ ميلاً طفيفاً إلى هذا الرأي. يحدث ذلك بسبب رحيل الشعراء العرب الكبار عن مسرح الشعر والحياة معاً، ويحدث أيضاً بسبب رداءة الكثير مما يُكتب ويُنشر راهناً، في حين يظن أصحابه أنّه شعر، وهو في الحقيقة ليس سوى هراء.


■ ما مزايا الشعر العربي الأساسية وما نقاط ضعفه؟

- الشعر الذي يلمس أسئلة وجوهرَ "الوجود" هو الذي يبقى ويمكث في القلب والذاكرة. قليلٌ من الشعر العربي ظلَّ متوهجاً وخالداً لأنه كذلك، وذلك لعمري أجمل مزاياه.


■ شاعر عربي تعتقد بأن من المهم استعادته الآن؟

- ليس شاعراً واحداً، لكن وأمام سؤالك هذا سأقول بكل طلاقة: أمل دنقل.
وأرى أنَّ من حقي أن أضيف أمنية مفادها: استعادة تجربة "الشعراء الصعاليك"، فهي من وجهة نظري المتواضعة جدّاً تجربة عميقة، وفريدة، ومغايرة في الشعر والحياة.


■ ما الذي تتمناه للشعر العربي؟

- أن يتخلّص دائماً من "الشعار الذي انتصرَ على الشعر"، كما قال درويش ذات شجاعة متأخّرة، وأن يتخلّص من الغموض الذي لا مبرر له، وأن يكون مخلّصاً للإنسان أولاً وللّغة.


بطاقة

شاعر وكاتب سعودي من مواليد جزيرة فرسان بمنطقة جازان عام 1962. حاصل على إجازة في الإعلام من "جامعة الملك عبد العزيز" في جدة. عمل في الصحافة، وكان مدير تحرير "عكاظ" الأسبوعية. له في الشعر: "نخيلُكِ مُثْقَلٌ، يداي فارغتان" و"ما يشبهُ آمالاً زهيدة" (2015)، و"مطرٌ كسولٌ على الباب" (2023).

وقفات
التحديثات الحية
المساهمون