نواب الأردن والكاميرات

24 فبراير 2016
عضو البرلمان الأردني هند الفايز (عن الفايسبوك)
+ الخط -
لا يوجد تفسير منطقي لما أقدمت عليه النائبة في مجلس النواب الأردني هند الفايز حين قدمت تحت تأثير الغضب استقالتها من عضوية المجلس، احتجاجاً على عدم منحها الحق في مناقشة إحدى مواد قانون الانتخاب الذي تم إقراره، ذلك أنها رغبت بالمناقشة بعدما أغلق باب النقاش بشكل قانوني استناداً للنظام الداخلي للمجلس، لكنها استقالت مبررة موقفها "المبدئي" الذي اتخذته أمام كاميرات التلفزيونات برفضها أن تكون "شاهد زور"، لتحصد بذلك شعبية إعلامية تضاف إلى تلك التي تتمتع بها أصلاً كمعارضة شرسة للسياسات الحكومية.

حفلت الصحافة الأردنية، خاصة الإلكترونية منها، بخبر استقالة الفايز، وهي التي تعلم، كما الصحافة، أن الاستقالة من عضوية المجلس، تقارب الاستحالة بالنظر إلى النصوص الدستورية التي تنظّم استقالة النائب وشروط قبولها، والتي تعتبر أن المجلس هو صاحب الحق بقبول الاستقالة أو رفضها، وتلزم موافقة ثلثي أعضاء المجلس عليها، وهو ما لم يحدث في تاريخ الحياة النيابية منذ عودتها في العام 1989.

وجدت الفايز نفسها في ورطة، إذ احتلت تصريحاتها "الثورية" وسائل الإعلام والتي أكدت فيها على تمسكها بالاستقالة، وخلقت حالة غضب لدى العديد من زملائها النواب الذين أصبحوا، بحسب تصريحاتها، "شهود زور"، لتجد أن ما أقدمت عليه تجاوز أهداف الشعبية وأصبح يتجه ليصبح واقعاً، وهي تتلمّس مواقف نيابية تتجه للموافقة على استقالتها، لتسارع إلى سحبها رسمياً وهو ما أقدمت عليه بعيداً عن "كاميرات التلفزيون". في مواجهة السخرية والتهكّم الذي أثير بعد الإعلان عن سحب الاستقالة، بررت النائبة خلال اتصال هاتفي مع إذاعة محلية، ما أقدمت عليه بقولها إن "التراجع عن الاستقالة جاء بعد إصرار أغلبية نيابية على قبول الاستقالة... كان هنالك ترتيب مبيّت لقبول الاستقالة". ويُفهم تبريرها بأنه كان لديها ترتيب مبيّت لعدم قبول استقالتها، وأن موقفها لم يتجاوز الرغبة بحصد المزيد من الشعبية الإعلامية. يستثمر العديد من أعضاء مجلس النواب في كاميرات التلفزيون ليصنعوا من خلالها شعبيتهم، وهي الشعبية التي يجب أن يصنعها أداؤهم التشريعي والرقابي.
المساهمون