مقعد مصر في مجلس الأمن... في خدمة الانتخابات

17 أكتوبر 2015
تمّت زيادة الأجور بنسبة 120% (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -
يتعامل الإعلام المصري بترحيب مبالغ فيه بانتخاب مصر لمقعدٍ غير دائم في مجلس اﻷمن، على الرغم من إقرار الاتحاد الأفريقي اختيار مصر والسنغال للمقعدين المخصصين لأفريقيا مطلع العام الحالي، ﻻ سيما أن مصر كانت مرشحة وحيدة عن منطقتها الجغرافية.

ويحاول نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي تغذية العقل المصري بصورة غير حقيقية، مفادها أن "هذا الانتخاب هو إنجاز في فترة حرجة من تاريخ مصر والعالم". وهو ما يوحي به البيان الصادر عن السيسي نفسه، ترحيباً بهذه الخطوة. مع العلم أن مصر احتلت هذا المقعد وفق نظام المداورة الأفريقية خمس مرات، منها مرتان في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.

وتتزامن محاولة ترويج هذا الحدث في صورة اﻻنتصار مع مشاكل جمّة يتعرّض لها اﻻقتصاد المصري، وخصوصاً بعد إعلان الحكومة رسمياً نيّتها خفض دعم الطاقة للمرة الثانية في عهد السيسي قبل نهاية العام الحالي، وبعد خفض قيمة الجنيه رسمياً أمام الدوﻻر، وإعلان الحكومة أيضاً، عن بدء مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لاقتراض نحو 4 إلى 5 مليارات دولار.

ووفقاً لمصادر حكومية، فإن الدولة تعكف أيضاً على خطة لإعادة هيكلة الأجور، بالتوازي مع خطة تخفيض الدعم، وذلك نظراً لزيادة حصة إنفاق الحكومة المباشر على الأجور عن 7 مليارات دولار في الموازنة الحالية، وهو ما ترغب الحكومة في خفضه إلى نحو 3.8 مليارات دولار كحدّ أدنى، مع استمرار تحمّل الصناديق الخاصة للجهات الحكومية، باقي مخصصات الأجور بواقع 8.03 مليارات دولار.

وقد تمّت زيادة مخصصات الأجور بنسبة 120 في المائة من 30 يونيو/حزيران 2010 حتى اﻵن، بسبب الزيادات المتكررة لأجور العسكريين والمدنيين منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، حين سعت الحكومات المتعاقبة، لإرضاء أصحاب الأجور واستمالتهم سياسياً. وهو ما يزال مستمراً حتى اﻵن، فالسيسي أصدر قرارين بزيادة الأجور للمدنيين وثلاثة قرارات تقضي بزيادة أجور العسكريين، وبنسبة 10 في المائة لكل زيادة خلال 14 شهراً فقط.

اقرأ أيضاً مصر: حملة اعتقالات وتلفيق تهم للمعارضين تسبق الانتخابات

وتعمل وسائل الإعلام المؤيدة للنظام على التشويش على كل هذه المشاكل، لتؤكد للمواطنين أن "مصر بخير ومُقدّرَة دولياً"، على الرغم من خلوّ ما تحقق من أي إنجازٍ يُذكر، وأيضاً أملاً بتحفيز المواطنين على المشاركة في انتخابات مجلس النواب، والتي تنطلق خارج البلاد اليوم السبت، وداخلها غداً اﻷحد.

وظهرت المتاجرة بحصول مصر بالمقعد الأممي في الحملة التي أعلنها النظام لحشد الناخبين، كما ظهر في بيان السيسي، والذي أقحم فيه موضوع اﻻستحقاق اﻻنتخابي، مطالباً المواطنين بـ"المشاركة الفعّالة". ويعلم السيسي ونظامه أن الوﻻيات المتحدة وأوروبا واليابان، مهتمة بعملية التحوّل الديمقراطي في مصر، وتراقب عن كثب اﻻنتخابات، وتقيس شعبية النظام بالمشاركة المنتظرة فيها. وتدلّ كل المؤشرات أنها ستكون ضعيفة، لأسباب عدة، أبسطها "تراجع عدد المرشحين الفرديين، والذين يتنافسون على نحو 80 في المائة من المقاعد، إلى ثلث العدد المتنافس في آخر انتخابات برلمانية شهدتها البلاد في عام 2011".

وتقول مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، في هذا الصدد، إن "عدد المتابعين الأجانب للانتخابات انخفض أيضاً عن العدد الذي كان مسجلاً في انتخابات الرئاسة 2014، وانتخابات برلمان 2011 ورئاسة 2012، مما يعكس تراجعاً في اهتمام المنظمات الدولية السياسية والحقوقية باﻷوضاع في مصر، بعدما كانت ملء السمع والبصر عقب الإطاحة بمبارك". إﻻ أن البعثات الدبلوماسية التابعة للدول المذكورة حصلت على تراخيص لمراقبة اﻻنتخابات، خصوصاً أن بعض هذه الدول من المتوقع أن يزورها السيسي قريباً، كبريطانيا واليابان.

وهذا اﻻهتمام، وإن كان متراجعاً، يفسر رغبة نظام السيسي في زيادة نسبة المشاركة بأية وسيلة، بما في ذلك اﻻستعانة بفتاوى دينية مفصّلة، كالتي صدرت من القيادي السابق بالحزب "الوطني" المنحلّ أحمد عمر هاشم. وكذلك تصوير إعلانات وأغانٍ تُبثّ على مدار الساعة في التلفزيون الرسمي، يظهر فيها نجوم السينما والتلفزيون وتختتم بأجزاء من خطابات للسيسي.

وفي سياق اﻻنتخابات أيضاً، تكشف مصادر لـ"العربي الجديد"، أن "حجم اﻹنفاق على العملية اﻻنتخابية حتى اﻵن، تخطى الـ10.1 ملايين دولار، وذلك من إجمالي 190 مليون دولار مخصصة في الموازنة العامة للإنفاق على اﻻنتخابات النيابية والانتخابات المحلية المقررة العام المقبل".

وتضيف المصادر أن "الدولة تسعى لتأمين مساعدات دولية أو خليجية لتغطية هذا المبلغ، فالتمويل اﻷجنبي المسبق للعملية اﻻنتخابية، اقتصر هذه المرة على المساعدات اللوجيستية، عكس جميع اﻻنتخابات السابقة بعد ثورة يناير، نظراً لما شَابَهَا من أحكام قضائية بوقف اﻻنتخابات أو حلّ البرلمان". وتشير المصادر إلى أن "الدولة تبذل جهوداً حثيثة لإقناع بعض الدول الصديقة، لتغطية نسبة معتبرة من الإنفاق بعد انتهاء اﻻستحقاق اﻻنتخابي، بسبب احتياج مصر الشديد لهذه اﻷموال، وسوء الموقف المالي للاحتياطي النقدي".

اقرأ أيضاً: عمّال مصر لا يرون بصيص أمل في انتخابات البرلمان

المساهمون