مقترح الـ"كومنولث": هل يكون "الحل الثالث" لنزاع الصحراء؟

07 اغسطس 2016
تتمسك "البوليساريو" بمطلب تقرير المصير (فاروق بطيش/فرانس برس)
+ الخط -

تسير منظمة الأمم المتحدة على طريق طرح مقترح جديد لحلّ نزاع الصحراء، الذي لا يزال مستعراً منذ أواسط السبعينيات من القرن الماضي، بين المغرب الذي يطرح "الحكم الذاتي" كحلّ للمشكلة، و"جبهة البوليساريو" المتمسكة بآلية الاستفتاء على تقرير مصير الصحراء.

في هذا السياق، يعتزم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، قبل انتهاء ولايته الحالية، تحريك ملف المفاوضات بين المغرب و"البوليساريو"، بعد فترة طويلة من الجمود، الذي اعترى أوصال المفاوضات في جنيف السويسرية قبل سنوات خلت، وذلك من خلال اقتراح إقامة "كومنولث" أو كونفدرالية متقدمة بالصحراء.

وكان المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق، قد أكد قبل أيام خلت، أن المبعوث الخاص للأمين العام إلى الصحراء، كريستوفر روس، يُحضّر لزيارة جديدة إلى المنطقة، من أجل "إحياء عملية التفاوض بشأن الصحراء"، كاشفاً أنه "يتمّ العمل على مقترح رسمي سيتم تقديمه لأطراف النزاع".

ويرى مراقبون أن المقترح الجديد للأمم المتحدة يحاول أن يتجاوز الطرح المغربي المتعلق بإقامة حكم ذاتي موسع في أقاليم الصحراء، حيث تعمل على تدبير شؤونها بنفسها تحت السيادة المغربية، كما يتجاوز مطلب "البوليساريو" بحق تقرير المصير. ويحاول المقترح الجديد الجمع بين عمقي الأطروحتين، ويتحدد في إقامة "كومنولث" بالمنطقة، وهو ما اعتبره كثيرون "الحل الثالث" لنزاع الصحراء.

من جهته، يُعلّق المستشار الدبلوماسي، الخبير في ملف الصحراء، سمير بنيس، على هذا الموضوع، في حديث مع "العربي الجديد"، بالقول إن "قراءة متأنية للمقترح الذي يتم الترويج له، توحي بأن الأمين العام ومبعوثه لن يتمكنا من تحقيق أي تقدم في الأشهر الخمسة الأخيرة المتبقية من ولاية بان كي مون".





ويورد بنيس أنه "إذا كان الأمين العام للأمم المتحدة ينوي وضع مقترح "الكومنولث" على طاولة المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو، المطالبة بانفصال الصحراء عن سيادة المملكة، فإن هذه المحاولة التي تأتي في الوقت الضائع لن تحظى بالنجاح، وذلك لسببين رئيسيين".

ويفنّد السببين بالقول إن "السبب الأول، يتمثل في أنه رغم استعادة قنوات الحوار بين المغرب والأمانة العامة للأمم المتحدة، إلا أن الثقة بين الطرفين تكاد تكون شبه منعدمة، خصوصاً أن المغرب لمح أكثر من مرة إلى أن هناك جهات داخل الأمانة العامة للأمم المتحدة لها مواقف معادية لمصالح المغرب".

ويضيف بنيس قائلاً إن "السبب الثاني، هو أن المغرب أكد أكثر من مرة، سواءً خلال الخطابات التي ألقاها الملك محمد السادس أخيراً، أو من خلال تصريحات مسؤولين مغاربة، أن مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به عام 2007، هو أكثر ما يمكن أن يقدمه من أجل التوصل إلى حل سياسي".

ويذهب بنيس إلى حدّ القول إنه "سيكون من الصعوبة بمكان، تصوّر قبول المغرب بمقترح آخر، لا يتوافق مع الخصوصية السياسية والثقافية للمغرب، أو من شأنه أن يقلل من سيادة المغرب على الصحراء"، مضيفاً أن "زيارة روس لن تحقق أي تقدم في مسار العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة".

ويسجل الخبير في ملف الصحراء، أن "الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، ومبعوثه الشخصي للصحراء، كريستوفر روس، نالا تسع سنوات لوضع مقترحات جدية وقابلة للتطبيق من أجل حلحلة ملف الصحراء، غير أنهما لم يقدما أي شيء يذكر".

ويتوقع الخبير أن "تكون الأشهر المتبقية من ولاية بان غير كافية لتحقيق ما عجز عن تحقيقه في أكثر من تسع سنوات، في ظلّ تواجد قناعة راسخة لدى المغرب بأن بان وروس لا تتوفر فيهما الشروط الموضوعية للوسطاء، وهما غير قادرين على أداء هذا الدور بالحيادية والنزاهة المطلوبتين".

ويلفت بنيس إلى أن "أكثر ما يمكن لروس أن يقوم بها خلال الأشهر المتبقية لولاية الأمين العام للأمم المتحدة، هو القيام بزيارات عادية إلى المنطقة كما في السابق، وتقديم إحاطة لمجلس الأمن في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل حول فحوى اللقاءات التي سيجريها مع الدول المعنية بملف الصحراء".

ويخلص بنيس إلى القول إنه "يتعيّن على المغرب والمجتمع الدولي، انتظار انتخاب الأمين العام الجديد، الذي يخلف بان كي مون، على أمل أن تكون له الجرأة السياسية والحنكة الدبلوماسية والإرادة لمساعدة أطراف النزاع على التوصل إلى حل سياسي مقبول وواقعي".