مقاربة القاهرة للملف السوري: "الائتلاف" خارج القمّة العربيّة!

27 مارس 2015
مصر أبدت تحفظات بالشأن السوري (فرانس برس)
+ الخط -
قبل أربع وعشرين ساعة على انعقاد القمة العربية السادسة والعشرين التي تنطلق أعمالها يوم غد، في شرم الشيخ في مصر، بدأت طموحات "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" السورية تتقلّص من تحصيل مقعد جامعة الدول العربية، إلى مجرد حضور القمة والمشاركة فيها، إذ لا تزال مصر حتى الآن تضغط بشكل أو بآخر للحيلولة دون حضور "الائتلاف" وتمثيله في القمة.

اقرأ أيضاً (قمّة الشجب في شرم الشيخ: عناوين مشروع البيان الختامي)
وتوجه دعوات حضور القمة العربية من قبل الدولة المضيفة، حسب بروتوكولات الجامعة العربية، وهو ما لم يحدث بالنسبة للائتلاف السوري حتى الآن.
بدوره، يؤكد نائب رئيس "الائتلاف" السوري، هشام مروة، لـ"العربي الجديد"، أن "الائتلاف أرسل مذكرة إلى الخارجية المصرية بخصوص حضور القمة، إلا أنه لم يتلق الردّ حتى الآن". وأضاف: "نحن لسنا بصدد اتهام أي دولة وتحميلها موقف عدم حضور الائتلاف، غير أن هناك قراراً صادراً بتسلّم الائتلاف مقعد جامعة الدول العربية وقرارات بدعوة الائتلاف لحضور اجتماعات الجامعة العربية، وعدم دعوة الائتلاف هو تعطيل لتلك القرارات".

من جهة ثانية، نقلت وسائل الإعلام المصرية الرسمية تصريحات لبعض الدبلوماسيين المصريين تفيد بأن "مقعد سورية شاغر منذ اتخاذ قرار بتجميد عضوية سورية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، ولا يوجد قرار حتى الآن بتسليم الائتلاف مقعد سورية حتى تتم دعوته. كما رفضت الدبلوماسية المصرية التذرع بدعوة "الائتلاف" في وقت سابق لقمتي الدوحة والكويت كمبرر لدعوته في قمة القاهرة"، موضحة "أننا لسنا مسؤولين عن توجيه دعوة للائتلاف، والأمانة العامة للجامعة العربية هي المسؤولة عن هذا الأمر ولها الحق في دعوته أو لا".


في المقابل، يوضح مروة لـ"العربي الجديد"، أنّ "قرار استلام الائتلاف لمقعد سورية في جامعة الدول العربية صادر منذ مارس/ آذار 2013، ويبقى تنفيذه، أي استكمال الإجراءات التنفيذية التي تسمح بتطبيق القرار فعلاً. وقد نفّذنا كائتلاف كل الإجراءات المترتبة علينا، وفي حال وجود أي إجراءات تنفيذية أخرى فالائتلاف مستعد لها، والقرار بتسليم المقعد صدر ولا يوجد قرار يستدعي إلغاءه، وكذلك مشاركة الائتلاف في القمة. لذلك تعد هذه الإجراءات من حق الائتلاف، وليست مطلباً".

وقد يكون قرار "الائتلاف"، الذي اتخذه خلال اجتماعات الهيئة العامة الأخيرة، بعدم المشاركة في مؤتمر "القاهرة 2"، والذي لم يُعلن عنه بعد، سبباً في عدم دعوة مصر للائتلاف بعد إلى القمة العربية، وهو ما علمت به "العربي الجديد" من مصدر داخل "الائتلاف" رفض نشر اسمه، وأن ذلك ترك أثره في موقف مصر من عدم دعوة "الائتلاف" إلى حضور اجتماع القمة العربية.
ولعلّ رفض "الائتلاف" حضور "القاهرة 2"، الذي يبحث في إمكانية التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، متعلق بربطه بمخرجات مؤتمر "القاهرة 1"، الذي عقد في يناير/ كانون الثاني الماضي، كونه بدا غير بعيد عن مقررات مؤتمر "موسكو 1"، والذي يفضي بشكل أو بآخر إلى مساعٍ قد تعيد إنتاج النظام لفترة محددة.

وتحاول مصر، من خلال مؤتمري القاهرة 1 و2، تقديم نفسها كطرف محايد يسعى لحل الأزمة السورية، إلا أن تلك الحيادية تجلّت في عدم السماح للائتلاف في حضور مؤتمر القمة العربية. في حين دعت مصر وفداً للنظام السوري لحضور مؤتمر دولي للأمم المتحدة في شرم الشيخ خلال وقت سابق، إضافة إلى استقبال القاهرة وفداً سوريّاً في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2014 برئاسة عماد الأسد، رئيس الأكاديمية البحرية في اللاذقية وابن عم الرئيس السوري بشار الأسد. وبررت الدبلوماسية المصرية الزيارة بأنها تلبية لدعوة الأكاديمية البحرية المصرية في الإسكندرية لمناقشة بعض الأمور التعليمية وليست لها أبعاد سياسية". إلا أن مصادر أخرى أكدت أن الوفد أجرى لقاءات مع عدد من المسؤولين المصريين، سواء في جهاز الاستخبارات أو بعض المقرّبين من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.


ويبدو أن مصر لا تزال تتعامل مع القضية السورية بمقاربة سياستها الداخلية بكل ما تحتويه من أزمات، إذ لم تكن عدم دعوة "الائتلاف" إلى القمة العربية الحالية ردة الفعل الأولى للقاهرة، فقد سبقها عدم توجيه دعوة رسمية للائتلاف لحضور اجتماع القاهرة 1، إضافة إلى تحفظها على مشاركة جماعة "الإخوان المسلمين" السوريين. عدا عن الضغط الذي تمارسه مصر داخل الجامعة العربية، إذ تنسجم عدة مواقف دولية مع الموقف المصري داخل الجامعة العربية، بحيث هددت عمان والجزائر ومصر في وقت سابق بتعليق عضويتها في جامعة الدول العربية في حال حصول "الائتلاف" على المقعد.

ولكن يبقى السؤال حول موقف جامعة الدول العربية وما تبقى من أعضائها من الموقف المصري، وخصوصاً أن "الائتلاف" يحظى بتأييد كبير من باقي الأعضاء. وكان رئيس الدائرة القانونية لـ"الائتلاف"، هيثم المالح، قد طالب وزراء الخارجية العرب، خلال مؤتمر التحضير للقمة العربية، بـ"سحب الشرعية القانونية من نظام الأسد المجرم، والاعتراف بالائتلاف الوطني قانونياً كممثل شرعي وحيد للشعب السوري، وتسليمه مقعد الجامعة العربية، وإعطاء الحق للحكومة السورية المؤقتة لإصدار الأوراق الرسمية للسوريين".

كما دعا المالح وزراء الخارجية العرب إلى "تحمّل واجباتهم القومية والإنسانية، والمسارعة في دعم الثورة السورية بكافة الأشكال، وعدم التفريط بحقوق الشعب السوري، وألا يكون الحل السياسي على حساب تضحيات الشعب السوري، والتخلي عن سقوط نظام الأسد".
ويذكر أن "الائتلاف" شارك في القمة العربية بالدوحة عام 2013 وجلس رئيسه آنذاك، معاذ الخطيب، على مقعد سورية. وجاءت قمة الكويت في عام 2014 بتغييرات طفيفة، فلم يجلس رئيس الائتلاف السابق أحمد الجربا على مقعد سورية، إلا أنه شارك في القمة وألقى كلمة، وكان من قرارات القمة دعوة "الائتلاف" لحضور اجتماعات الجامعة العربية.

وتستضيف مدينة شرم الشيخ القمة العربية يومي 28 و29 من الشهر الحالي لبحث قضايا المنطقة، منها الأمن القومي العربي، ومحاربة التنظيمات الإرهابية التي تمددت في المنطقة. كما سيتم بحث تقرير بشأن متابعة تنفيذ القرارات الصادرة عن القمة العربية السابقة، وتقرير بشأن متابعة تنفيذ قرارات القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي عقدت في الرياض.