مفاوضات في جنيف بشأن توحيد قبرص: "فرصة تاريخية" للسلام

09 يناير 2017
تجمع لقبارصة يونانيين وأتراك عشية المحادثات (فلوريان تشوبليت/فرانس برس)
+ الخط -

تستضيف جنيف السويسرية، اليوم الاثنين، مفاوضات حول توحيد قبرص، وصفت رغم صعوبتها بـ"الفرصة التاريخية"، لإنهاء عقود من الانقسام في الجزيرة.

ويلتقي الرئيس القبرصي اليوناني نيكوس أناستاسيادس، ورئيس جمهورية شمال قبرص التركية مصطفى أكينجي، في مقرّ الأمم المتحدة الأوروبي في جنيف، لإجراء مباحثات تستمر ثلاثة أيام كاملة.

ومن المقرر أن تتوسع المحادثات لاحقاً، إذ سينضم إليها، يوم الخميس، ممثلو الدول الضامنة لقبرص، أي بريطانيا بصفتها القوة المستعمرة السابقة، واليونان، وتركيا.

واتفق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في اتصال هاتفي، أول من أمس السبت، مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، على أنّ المحادثات ستشكل "فرصة حقيقية" للوصول إلى حل عادل ودائم، ينهي الانقسام في الجزيرة.

كما يتوقع أن يحضر المحادثات، يوم الخميس، الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، والذي وصف المفاوضات بأنّها "فرصة تاريخية" لإحراز تقدّم.

وفي رسالة بمناسبة حلول العام الجديد، اعتبر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى قبرص إسبن بارث ايدي، أنّ "هناك إمكانية حقيقية لأن تكون 2017 هي السنة التي سيقرر خلالها القبارصة أنفسهم طي صفحة من التاريخ".

ورغم نظرة الأمم المتحدة المتفائلة للمحادثات، يؤكد أكينجي وأناستاسيادس، اللذان انخرطا في مفاوضات منذ 18 شهراً، أنّ هناك عدداً من المسائل التي لا يستهان بها، لا تزال عالقة.

ومن النقاط العالقة التي عطلت في الماضي محادثات إقامة دولة موحدة، مسألة اقتسام السلطة وإعادة ترسيم الحدود، وقضايا أمنية.

وقال أكينجي زعيم القبارصة الأتراك، في تصريحات للصحافيين قبيل مغادرته مطار أرجان على أطراف نيقوسيا، أمس الأحد، إنّ "المحادثات تشكّل مفترق طرق وليست مجرد لقاءات"، مشدداً على أنّها "ضرورية لـتحقيق نتائج إيجابية".

واعتبر أكينجي في الوقت عينه، أنّ محادثات جنيف "لن تسفر عن نتيجة نهائية"، قائلاً "علينا أن نكون حذرين. لسنا متشائمين لكن يتعين علينا أن لا نفترض بأنّ كل شيء انتهى. نتوقع أسبوعاً صعباً".

أما أناستاسيادس الرئيس القبرصي المعترف به دولياً رئيسا على كامل الجزيرة، فكتب على "تويتر"، قبيل مغادرته إلى جنيف عبر مطار لارنكا، إنّه يتوجه للمفاوضات في ظل "الأمل والثقة والرغبة بالوحدة"، وذلك بعد تحذيره قبل أيام، من "خلافات كبيرة حول ثوابت تشكل أساس الحل في قبرص".

وستتم المحادثات حول ستة بنود رئيسية، وهي كل من العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، والاقتصاد، وأملاك المهجرين من الجانبين، وأسلوب إدارة الجزيرة، ومساحة كل فيدرالية ودور الدول الضامنة.

ورغم تحقيق الجانبين تقدماً ملحوظاً في البنود الأربعة الأولى، منذ بدء المفاوضات عام 2014، إلا أنّه لا تزال هناك حوالى 70 نقطة خلافية، بينما سيترك أمر دور الضامنين، ومساحة الفيدراليتين ليتم حسمها بمشاركة الدول الضامنة.

وبينما يطالب الأتراك بإقامة فيدراليتهم على 29.2 بالمئة من مساحة الحزيرة، يرفض القبارصة اليونانيون الأمر، بحجة أنّ هذا لا يتناسب مع النسبة التي يشكلها الأتراك من عموم سكان الجزيرة، حيث سيقوم كل طرف بتجهيز خريطته، ليتم عرضها بحضور الدول الضامنة.

وسيشهد الخميس المقبل، ولأول مرة، في تاريخ الصراع في الجزيرة منذ استقلالها عن الاحتلال البريطاني، مناقشة دور الدول الضامنة في مستقبل الجزيرة، وذلك بحضور أردوغان ورئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبرايس. وبينما يطالب اليونانيون والقبارصة اليونانيون بإنهاء نظام الدول الضامنة، لا يبدو أنّ القبارصة الأتراك سيتنازلون عن الحماية التركية.

وفي سبيل تجاوز الأمر، قدّمت القيادة القبرصية التركية، عدة مقترحات، من بينها استمرار تواجد الدول الضامنة، لغاية إحساس الشعبين في الجزيرة القبرصية بالأمن، ولمدة 15 عاماً بعد توقيع الاتفاق النهائي، لتتم العودة إلى مناقشة الأمر عام 2032.

ففي حال استتباب الأمن الكافي للتخلّي عن نظام الدول الضامنة، عندها يمكن إنهاء هذا النظام، ولكن دون العيش معاً في دولة واحدة، لأن إزالة هذا النظام أمر غير ممكن على الأقل بالنسبة للقبارصة الأتراك، بسبب التجربة التاريخية، نظراً لما تعرّض له هؤلاء من قبل سكان الجزر اليونانية من مجازر، بعد انهيار السلطنة العثمانية، إثر هزيمة الحرب العالمية الأولى.

وكان من المتوقع أن يحضر محادثات جنيف ممثلون عن الاتحاد الأوروبي، إلا أنّ الموقف الأوروبي المطابق لموقف القبارصة اليونانيين فيما يخص إزالة نظام الدول الضامنة، واعتراض القبارصة الأتراك، حال دون ذلك.

وبعد توسيع الروس تواجدهم في شرق المتوسط بعد التدخل العسكري لصالح النظام السوري، وبسبب علاقتهم المتينة مع القيادة القبرصية اليونانية، مارست موسكو ضغوطا كبيرة لمشاركة الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن، في محادثات جنيف.

لكنّ القبارصة الأتراك، رفضوا انضمام ممثلين عن كل من فرنسا والصين والولايات المتحدة وروسيا للمحادثات، حيث سيتم السماح لحضور مراقبين من هذه الدول "عند الحاجة"، وبعد تقديمهم طلباً للحضور، على أن يكونوا في غرفة منفصلة عن غرفة الاجتماعات.

وكان القبارصة قد صوتوا في استفتاء على خطة لإعادة توحيد الجزيرة، عرضتها الأمم المتحدة عام 2004. وبينما أيد القبارصة الأتراك الخطة بشكل واسع، رفضتها غالبية كبيرة من القبارصة اليونانيين، ما أدى إلى سقوطها.

وعشية الاجتماعات، تجمّع عشرات القبارصة اليونانيين والأتراك، أمس الأحد، في العاصمة نيقوسيا تحت شعار "نحن مستعدون للعيش معاً" في تظاهرة أطلق عليها المنظمون تسمية "العد العكسي نحو السلام".

وقالت رئيسة تحرير صحيفة "بوليتيس" القبرصية اليونانية ماريلينا إيفانجيلو، لـ"فرانس برس"، "نريد أن نظهر لقادتنا وللعالم، أنّ سكان هذه الجزيرة مستعدون للعيش معاً".


المساهمون