مفاوضات "سد النهضة" بلا جدوى

08 فبراير 2016
تقدمّت أعمال السدّ كثيراً (زاكارياس أبو بكر/فرانس برس)
+ الخط -
دخلت المفاوضات الفنية، التي تجريها مصر حالياً مع الجانب الإثيوبي، بشأن "سدّ النهضة"، مرحلة ضبابية، بعد تأكيد الخبير في شؤون المياه، مستشار وزير الموارد المائية المصري الأسبق، ضياء الدين القوصي، لـ"العربي الجديد"، أن "المفاوضات الفنية لن تجدي نفعاً". ويلفت إلى أن "خطر السدّ داهم على مصر، إن لم تتخذ خطوات واضحة تجاه القضية"، مؤكداً أن "أزمة السدّ دخلت النفق المظلم، بسبب كثرة المفاوضات والاجتماعات التي دارت بين الدول الثلاث، مصر والسودان وإثيوبيا، غير المجدية خلال السنوات الخمس الماضية.

يقول القوصي، على هامش اللقاء الذي عُقد بمقر نقابة الصحافيين في القاهرة، يوم السبت، لمناقشة سلبيات "سدّ النهضة" على مصر، إن "سبب فشل وزارة الري في مفاوضات السدّ، يعود إلى عدم وضوح الرؤية في عمليات المفاوضات".

ويوضح أن "مصر فشلت في مقابل نجاح الجانب الإثيوبي في المفاوضات، التي استغرقت خمس سنوات من دون الوصول إلى حلول جذرية". ويحذّر القوصي من "خطر عمليات التخزين للسد الإثيوبي، التي من المقرر أن تبدأ كمرحلة أولى، العام المقبل بنحو 30 مليار متر مكعّب. وهو ما يُشكّل خطراً على حصة مصر من المياه".

ويلفت إلى أن "معلوماتي تؤكد أن سدّ النهضة المشيّد على نهر النيل، من المقرر أن يبدأ في إنتاج الطاقة قريباً جداً، بتوليد ضخم يصل إلى 750 ميغاواتاً من الكهرباء، بواسطة توربينين وصلا أخيراً لموقع السد، وسوف يتم تثبيتهما في الأسابيع القليلة المقبلة".

اقرأ أيضاًمباحثات السيسي في إثيوبيا حول "النهضة" بلا جدوى

يضيف القوصي أنه "إذا تمّ إنشاء السد بالمواصفات التي وضعتها إثيوبيا بارتفاع 50 متراً، وببحيرة تزيد سعتها عن 74 مليون متر مكعّب، فإن ذلك حتماً سيضرّ بمصالح مصر المائية. بالتالي كان لا بدّ من أن يتم تحجيم ارتفاع بحيرة السدّ وسعتها قبل الانتهاء من إنشاء السدّ، ولكن مصر فشلت في ذلك بجدارة كبيرة".

ويُشدّد على أنَّه "مقابل كل خمسة مليارات متر مكعّب من المياه تخسر مصر مليون فدّان". ويتابع قائلاً إن "تأثيرات السدّ هائلة، ويمكن أن تفقد مصر الكهرباء نتيجة تقلص المياه، واستنزاف مخزون السدّ". ويلفت إلى أن "مصر ما زالت مغيّبة، لأنها تتبنّى فكرة أن التقارير الاستشارية الصادرة من المكتبين الاستشاريين الفرنسي والهولندي إلزامية لجميع الأطراف، بينما تتحرك السودان وإثيوبيا، على اعتبار أن هذه التقارير استشارية وليست ملزمة لأحد".

ويذكر الخبير المائي أن "مطالب مصر بزيادة عدد فتحات سد النهضة مستحيلة، خصوصاً بعد تنفيذ أكثر من 60 في المائة من مشروع السدّ، وأن مصر لجأت إلى هذا الأمر بعد فشل كافة المباحثات السابقة". ويلفت إلى أن "إثيوبيا لن توافق على زيادة الفتحات، لأنها لا بدّ أن تكون مصممة منذ بداية الإنشاء، فضلاً عن الأضرار الاقتصادية الناجمة من احتمال زيادة تلك الفتحات".

ويتوقع أنه في حال عدم الوصول لاتفاق بشأن أزمة السد بين مصر وإثيوبيا والسودان، فسوف "تتحوّل تلك المشكلة إلى بداية حرب جديدة في المنطقة حول المياه، وربما تسعى القاهرة لتصعيد الأزمة دولياً عبر مجلس الأمن الدولي، استناداً إلى الفصل السابع الذي يؤكد أن المشروعات المائية في الأنهار المشتركة، التي لم يتم التوافق حولها تؤدي إلى تهديد السلم والأمن الدوليين، وعندها يتم التدخل دولياً من خلال مبادرة لحل الخلافات برعاية الأمم المتحدة".

اقرأ أيضاً: سد النهضة يفاقم نقص الغذاء والكهرباء بمصر

من جهتها، كشفت مصادر في وزارة الزراعة المصرية عن أن "التحقيقات المتعلقة بظاهرة انتشار تماسيح في المريوطية والمطرية، انتهت إلى أن السبب يرجع إلى تزويد النيل بمياه من بحيرة السد العالي بعد انخفاض منسوب النيل". وأشارت المصادر نفسها إلى أن "وزارتي الري والزراعة رفعتا تقريراً لجهات سيادية ومجلس الوزراء، تحذّران فيه من كارثة خلال موسم الصيف المقبل، بسبب انخفاض منسوب مياه النيل عن المعدلات الطبيعية في الأعوام السابقة". وعَزَت المصادر ذلك إلى "بدء إثيوبيا في عمليات تخزين تجريبية لمياه النيل". وأوضحت المصادر أن "وزارة الري اضطرت إلى فتح الخزنات الإضافية بالسدود والقناطر للحفاظ على الحد الأدنى من منسوب المياه".

المساهمون