07 ابريل 2022
معانٍ في تقرير إخفاقات إسرائيلية
على الرغم من عدم سماح الرقابة الأمنية الإسرائيلية بنشر كامل التقرير، الذي صدر عمّا يسمى مراقب الدولة في إسرائيل، برئاسة القاضي المتقاعد يوسف شابيرا، عن الحرب العدوانية على قطاع غزة في صيف العام 2014، والتي استمرت 51 يوما، وأدت إلى استشهاد وإصابة آلاف الفلسطينيين، وتدمير عشرات ألوف المباني السكنية والمنشآت، وخراب كبير مقصود لكل البنى التحتية الفلسطينية في القطاع، الذي لم تنحصر تلك الحرب فيه، بل كانت أجزاء واسعة من إسرائيل أيضا مسرحا لها، حيث تعطلت الحياة فيها، أو تشوشت فترات زمنية طويلة، الأمر الذي لم يكن ضمن حسابات المستويات الأمنية والسياسية والعسكرية الإسرائيلية، بعد أن وصلت صواريخ المقاومة الفلسطينية إلى أواسط "إسرائيل"، وفشلت كل المنظومات الصاروخية والتكنولوجية الإسرائيلية من إيقافها، واستهداف مواقع ومنشآت استراتيجية إسرائيلية، منها مطار بن غوريون، بصواريخ المقاومة، وهو المقام على أراضي مدينة اللد الفلسطينية، مما أدى إلى إغلاقه يومين.
أثار إظهار التقرير عاصفة سياسية كبيرة في إسرائيل، بعد أن كشف، بشكلٍ لا لبس فيه، عن فشل استخباري، أمني، عسكري، إداري، إسرائيلي، قبل تلك الحرب وفي أثنائها، حيث تبين أن الحكومة الإسرائيلية وجيشها قد ذهبا إلى الحرب، من دون معرفةٍ دقيقةٍ وكافيةٍ لقدرات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، سواء في ما يتعلق بالأنفاق الفلسطينية، والقدرات التسليحية والقتالية، وخصوصا قدرات كتائب الشهيد عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، وأيضا قدرات سرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين. وبالتالي، فوجئ الجيش الإسرائيلي بتلك القدرات، مما أدى إلى إرباك كبير لدى القيادة العسكرية الإسرائيلية، في ظل غياب واضح لدور معظم أركان الحكومة الإسرائيلية، ومجلسها المصغر، ومجلسها للأمن القومي، ما أدى إلى إمساك المقاومة الفلسطينية بزمام الأمور الذي مكّنها من إطالة أمد الحرب، وذلك لإفشال القاعدة الأمنية الإسرائيلية بالحرب الخاطفة والسريعة، مما دفع عشرات آلاف الإسرائيليين المقيمين في المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، إلى الهروب إلى أماكن أبعد، وتعطيل الحياة في مستوطناتهم، وبلداتهم، بشكل كامل، فترة طويلة، وترك منازلهم من دون وجود سياسة إسرائيلية واضحة، بخصوص ترحيلهم.
كان من بين الأهداف الاسرائيلية المعلنة للحرب على غزة توجيه ضربة قوية للمقاومة الفلسطينية، لوقف إطلاق صورايخها على المستوطنات، وتدمير الأنفاق التي تصل قطاع غزة بالداخل الإسرائيلي. وقد كشف التقرير عن أن جيش الاحتلال لم يكن يمتلك الخطط العسكرية لتحقيق تلك الأهداف، كما لم تحدد الحكومة هدفا سياسيا واضحا للحرب، بسبب الخلل الأمني والتنظيمي للحكومة الإسرائيلية، مما دفع المحلل الإسرائيلي، بن كاسبيت، إلى أن يتهم رئيس الحكومة ووزير جيشه في صحيفة "معاريف" بإرسال الجنود الإسرائيليين إلى الموت المجاني، والعبثي، في قطاع غزة، من دون هدف، ومن دون خطط، وتعريض حياة آلاف الإسرائيليين للخطر. وقد تجلى ذلك واضحا في التقرير، عندما أفاد بأنه على الرغم من قلة المعلومات، واعتراف الجيش بعدم قدرته على القتال، في ظل تلك الظروف، إلا أن الحكومة لم تضع بدائل سياسية أخرى، وذهبت إلى الحرب، ولكنها لم تكن نزهة، ولا "شمّة هوا"، كما توقعها نتنياهو ودائرته الضيقة، لا بل إنها كانت تجربة سوداء وصعبة عليه، ما دفعه إلى أن يكذب لتبرير تخبطه.
شكلت الأنفاق الفلسطينية، والتي حفرتها المقاومة الفلسطينية قبل اندلاع الحرب، لاستخدامها في المواجهة، وتوجيه ضرباتٍ مؤلمة للجيش الإسرائيلي بواسطتها، محاولة فلسطينية للتقليل من آثار التفوق العسكري الإسرائيلي الكبير، حيث احتلت الأنفاق مكانا واسعا وكبيرا في التقرير، فقد اعتبرها تهديدا استراتيجيا، وكشف عن أن الجزء الأكبر من المعلومات لم تكن متوفرة لدى المؤسسات والأجهزة الأمنية الإسرائيلية المختلفة، سواء ما يتعلق بأعدادها أو بنوعيتها، إن كانت هجومية أم دفاعية، وعن أماكن بداياتها ولا عن نهاياتها داخل إسرائيل. أما المعلومات التي توفرت عن الأنفاق فلم تكن منسجمة، ولا متطابقة ما بين جهازي المخابرات (الشاباك) والاستخبارات العسكرية، لا بل إن الأكثر والأخطر، حسب التقرير، أن الطاقم الثلاثي الذي أدار الحرب، والمتمثل برئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير حربه آنذاك، موشي يعلون، وبيني غانتس الذي شغل رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي في تلك الفترة، قد أداروا الحرب منفردين، ومن دون إطلاع باقي الوزراء، سواء في الحكومة أو في المجلس الوزاري المصغر، وأنهم أخفوا معلومات كثيرة عن باقي الوزراء، وأنه في أثناء الاجتماعات الدورية للمجلس الوزاري المصغر، كان نتنياهو يتهرّب من الإدلاء بمعلومات دقيقة ومفصلة، ويتعمد استخدام كلمات وعبارات عامة ومبهمة لتضليل الوزراء، مما دفع وزراء إلى القيام بتسريب بعض المعلومات، والنقاشات، وإجراء اتصالات مع قادة الجيش الميدانيين، وذلك من وراء ظهر رئيس الحكومة، ووزير الجيش، ورئيس الأركان، كما فعل الوزير نفتالي بينيت، عندما تواصل مع قادة عسكريين عديدين، والذي لم تتم إدانته وتحميله أية مسؤولية عن الإخفاقات الإسرائيلية في التقرير، بعكس ما حدث مع نتنياهو وزمرته، حيث تعرّضوا للكم الهائل من الاتهام بالقصور والإخفاق.
تضمن التقرير، وبشكل لافت، جملة أن الجيش الإسرائيلي لم يعد محصنا من الانتقاد، والتقييم، من المجتمع اليهودي، ولا من المؤسسات الرقابية الأخرى، والذي يحصل على القسط الأكبر من موازنة إسرائيل المالية، ومن جيوب الإسرائيليين. وهذا يعني الإقرار بفشل الجيش والمؤسسات الأمنية الأخرى، من القيام بمسؤولياتهم، في توفير الأمن للإسرائيليين. وهذا يعني نهاية مرحلة دامت عشرات السنين، عندما كان الاقتراب من الجيش، أو انتقاده، يعتبر من الأمور المحظورة على الإسرائيليين، حين كان الجيش يسمى البقرة المقدسة في إسرائيل، وهذا سيكون له آثار استراتيجية كبيرة، ليس فقط على دور الجيش ومكانته في المجتمع اليهودي، ولا في السياسة أيضا، بل على مكانة الجيش الإسرائيلي أمام المقاومة الفلسطينية، وأمام الأمة العربية والإسلامية، وأمام الغرب الذي يرى الجيش الاسرائيلي من الجيوش الأقوى، والأكثر تنظيما، في المنطقة والعالم، والذي يعتبر تحولاً نوعيا واستراتيجيا.
تكشف قراءة ما بين سطور تقرير مراقب الدولة في إسرائيل، عن الحرب العدوانية على قطاع غزة، عن أمور مهمة كثيرة، والتي على المقاومة الفلسطينية والعربية أن تستخلص العبر منها، قبل الجيش الإسرائيلي نفسه، ومنها أن المقاومة الفلسطينية لم تعد ضعيفة، على الرغم من الفجوة الكبيرة في القدرات، ولم تعد مبعثرة، ولا غير منظمة، بل إنها قادرة على الإمساك بزمام الأمور، والانتقال من الدفاع إلى الهجوم، في حال امتلاكها الإرادة، وبعض القدرات. كما يكشف التقرير عن أن إسرائيل ليست دولة المؤسسات المثالية، ودوائر التخطيط الاستراتيجية، كما يتم تصويرها. وقد أظهر التقرير أن الجيش الإسرائيلي لم يعد ذلك الجيش الذي لا يقهر، بعد أن كسرت المقاومة الفلسطينية نظرياته العسكرية المتمثلة بالحرب الخاطفة، وحصرها في الأرض الفلسطينية، والعربية فقط، وعدم انتقالها إلى الداخل الإسرائيلي، أو أن يحدد ساعة نهايتها، ولا شروط وقفها، بعد أن فقد القدرة على الاستمرار بالتحكّم بكل مساراتها، لا من حيث الزمان والمكان والوسائل وإدارة العمليات.
أثار إظهار التقرير عاصفة سياسية كبيرة في إسرائيل، بعد أن كشف، بشكلٍ لا لبس فيه، عن فشل استخباري، أمني، عسكري، إداري، إسرائيلي، قبل تلك الحرب وفي أثنائها، حيث تبين أن الحكومة الإسرائيلية وجيشها قد ذهبا إلى الحرب، من دون معرفةٍ دقيقةٍ وكافيةٍ لقدرات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، سواء في ما يتعلق بالأنفاق الفلسطينية، والقدرات التسليحية والقتالية، وخصوصا قدرات كتائب الشهيد عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، وأيضا قدرات سرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين. وبالتالي، فوجئ الجيش الإسرائيلي بتلك القدرات، مما أدى إلى إرباك كبير لدى القيادة العسكرية الإسرائيلية، في ظل غياب واضح لدور معظم أركان الحكومة الإسرائيلية، ومجلسها المصغر، ومجلسها للأمن القومي، ما أدى إلى إمساك المقاومة الفلسطينية بزمام الأمور الذي مكّنها من إطالة أمد الحرب، وذلك لإفشال القاعدة الأمنية الإسرائيلية بالحرب الخاطفة والسريعة، مما دفع عشرات آلاف الإسرائيليين المقيمين في المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، إلى الهروب إلى أماكن أبعد، وتعطيل الحياة في مستوطناتهم، وبلداتهم، بشكل كامل، فترة طويلة، وترك منازلهم من دون وجود سياسة إسرائيلية واضحة، بخصوص ترحيلهم.
كان من بين الأهداف الاسرائيلية المعلنة للحرب على غزة توجيه ضربة قوية للمقاومة الفلسطينية، لوقف إطلاق صورايخها على المستوطنات، وتدمير الأنفاق التي تصل قطاع غزة بالداخل الإسرائيلي. وقد كشف التقرير عن أن جيش الاحتلال لم يكن يمتلك الخطط العسكرية لتحقيق تلك الأهداف، كما لم تحدد الحكومة هدفا سياسيا واضحا للحرب، بسبب الخلل الأمني والتنظيمي للحكومة الإسرائيلية، مما دفع المحلل الإسرائيلي، بن كاسبيت، إلى أن يتهم رئيس الحكومة ووزير جيشه في صحيفة "معاريف" بإرسال الجنود الإسرائيليين إلى الموت المجاني، والعبثي، في قطاع غزة، من دون هدف، ومن دون خطط، وتعريض حياة آلاف الإسرائيليين للخطر. وقد تجلى ذلك واضحا في التقرير، عندما أفاد بأنه على الرغم من قلة المعلومات، واعتراف الجيش بعدم قدرته على القتال، في ظل تلك الظروف، إلا أن الحكومة لم تضع بدائل سياسية أخرى، وذهبت إلى الحرب، ولكنها لم تكن نزهة، ولا "شمّة هوا"، كما توقعها نتنياهو ودائرته الضيقة، لا بل إنها كانت تجربة سوداء وصعبة عليه، ما دفعه إلى أن يكذب لتبرير تخبطه.
شكلت الأنفاق الفلسطينية، والتي حفرتها المقاومة الفلسطينية قبل اندلاع الحرب، لاستخدامها في المواجهة، وتوجيه ضرباتٍ مؤلمة للجيش الإسرائيلي بواسطتها، محاولة فلسطينية للتقليل من آثار التفوق العسكري الإسرائيلي الكبير، حيث احتلت الأنفاق مكانا واسعا وكبيرا في التقرير، فقد اعتبرها تهديدا استراتيجيا، وكشف عن أن الجزء الأكبر من المعلومات لم تكن متوفرة لدى المؤسسات والأجهزة الأمنية الإسرائيلية المختلفة، سواء ما يتعلق بأعدادها أو بنوعيتها، إن كانت هجومية أم دفاعية، وعن أماكن بداياتها ولا عن نهاياتها داخل إسرائيل. أما المعلومات التي توفرت عن الأنفاق فلم تكن منسجمة، ولا متطابقة ما بين جهازي المخابرات (الشاباك) والاستخبارات العسكرية، لا بل إن الأكثر والأخطر، حسب التقرير، أن الطاقم الثلاثي الذي أدار الحرب، والمتمثل برئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير حربه آنذاك، موشي يعلون، وبيني غانتس الذي شغل رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي في تلك الفترة، قد أداروا الحرب منفردين، ومن دون إطلاع باقي الوزراء، سواء في الحكومة أو في المجلس الوزاري المصغر، وأنهم أخفوا معلومات كثيرة عن باقي الوزراء، وأنه في أثناء الاجتماعات الدورية للمجلس الوزاري المصغر، كان نتنياهو يتهرّب من الإدلاء بمعلومات دقيقة ومفصلة، ويتعمد استخدام كلمات وعبارات عامة ومبهمة لتضليل الوزراء، مما دفع وزراء إلى القيام بتسريب بعض المعلومات، والنقاشات، وإجراء اتصالات مع قادة الجيش الميدانيين، وذلك من وراء ظهر رئيس الحكومة، ووزير الجيش، ورئيس الأركان، كما فعل الوزير نفتالي بينيت، عندما تواصل مع قادة عسكريين عديدين، والذي لم تتم إدانته وتحميله أية مسؤولية عن الإخفاقات الإسرائيلية في التقرير، بعكس ما حدث مع نتنياهو وزمرته، حيث تعرّضوا للكم الهائل من الاتهام بالقصور والإخفاق.
تضمن التقرير، وبشكل لافت، جملة أن الجيش الإسرائيلي لم يعد محصنا من الانتقاد، والتقييم، من المجتمع اليهودي، ولا من المؤسسات الرقابية الأخرى، والذي يحصل على القسط الأكبر من موازنة إسرائيل المالية، ومن جيوب الإسرائيليين. وهذا يعني الإقرار بفشل الجيش والمؤسسات الأمنية الأخرى، من القيام بمسؤولياتهم، في توفير الأمن للإسرائيليين. وهذا يعني نهاية مرحلة دامت عشرات السنين، عندما كان الاقتراب من الجيش، أو انتقاده، يعتبر من الأمور المحظورة على الإسرائيليين، حين كان الجيش يسمى البقرة المقدسة في إسرائيل، وهذا سيكون له آثار استراتيجية كبيرة، ليس فقط على دور الجيش ومكانته في المجتمع اليهودي، ولا في السياسة أيضا، بل على مكانة الجيش الإسرائيلي أمام المقاومة الفلسطينية، وأمام الأمة العربية والإسلامية، وأمام الغرب الذي يرى الجيش الاسرائيلي من الجيوش الأقوى، والأكثر تنظيما، في المنطقة والعالم، والذي يعتبر تحولاً نوعيا واستراتيجيا.
تكشف قراءة ما بين سطور تقرير مراقب الدولة في إسرائيل، عن الحرب العدوانية على قطاع غزة، عن أمور مهمة كثيرة، والتي على المقاومة الفلسطينية والعربية أن تستخلص العبر منها، قبل الجيش الإسرائيلي نفسه، ومنها أن المقاومة الفلسطينية لم تعد ضعيفة، على الرغم من الفجوة الكبيرة في القدرات، ولم تعد مبعثرة، ولا غير منظمة، بل إنها قادرة على الإمساك بزمام الأمور، والانتقال من الدفاع إلى الهجوم، في حال امتلاكها الإرادة، وبعض القدرات. كما يكشف التقرير عن أن إسرائيل ليست دولة المؤسسات المثالية، ودوائر التخطيط الاستراتيجية، كما يتم تصويرها. وقد أظهر التقرير أن الجيش الإسرائيلي لم يعد ذلك الجيش الذي لا يقهر، بعد أن كسرت المقاومة الفلسطينية نظرياته العسكرية المتمثلة بالحرب الخاطفة، وحصرها في الأرض الفلسطينية، والعربية فقط، وعدم انتقالها إلى الداخل الإسرائيلي، أو أن يحدد ساعة نهايتها، ولا شروط وقفها، بعد أن فقد القدرة على الاستمرار بالتحكّم بكل مساراتها، لا من حيث الزمان والمكان والوسائل وإدارة العمليات.