مصر ولعنة كأس العالم

10 يونيو 2014
الجماهير المصرية تحلم بعودة منتخبها إلى المونديال(getty)
+ الخط -

ما كان لأحد أن يقر بأحقية المنتخب المصري في اللعب في كأس العالم لكرة القدم في البرازيل 2014 بعد أيام قليلة، وما كان لخبير أن يقول: إن الأحلام ممكنة... فكيف لبلد لم يرتد لاعبوه الأحذية إلا قليلاً، ولم تطأ أقدامهم نجيل ملاعبه إلا فيما ندر أن يكون ضمن أفضل 32 منتخباً على مستوى الكرة الأرضية، خاصة وأنه فشل في ذلك مرات ومرات زمن أن كان هناك كر وفر ومسابقات وأمان واستقرار وعقود مليونية ومرتبات خيالية.

 ولا تعثر في صفحات ماضي مصر كله إلا التأهل مرتين لنهائيات كأس العالم، أولاهما عام 1934 في إيطاليا، ويقال إنها كانت "دعوة" إذ لعب المنتخب مباراتين أمام المنتخب الفلسطيني وكان يضم في تشكيله غالبية من اللاعبين اليهود بعد انسحاب تركيا وفاز في مباراة الذهاب في القاهرة 7/1 أحرز مصطفى كامل، "هدفين" ومختار التتش، "ثلاثة أهداف " ومحمد لطيف "هدفين" وفي القدس الشريف حسم مباراة العودة 4/1 سجلها محمد لطيف، ومختار التتش، "هدفين" وعبد الرحمن فوزي ... وصعد بمجموع المباراتين لتكون مصر أول دولة عربية وإفريقية وآسيوية تلعب في المونديال وتشارك ضمن 16 منتخباً تأهلوا الى هذا العرس العالمي، وكانت المواجهة أمام المنتخب المجري القوي في ذلك الوقت وخسر في مدينة نابولي بنتيجة 4/2.


وتأهل المنتخب المصري مرة ثانية أيضا في إيطاليا 1990 حيث جنبته القرعة الدور الأول ولعب في الدور الثاني ضمن مجموعة ضمت ليبيريا ومالاوي وكينيا، وتصدر ولعب في الجولة الأخيرة أمام الجزائر وتعادل من دون أهداف في قسنطينة وانتصر في استاد القاهرة وسط ما يقرب من 100 ألف متفرج بهدف لحسام حسن ... وصعد مع الكاميرون ضمن 24 منتخباً على مستوي المعمورة ووقع في المجموعة السادسة مع هولندا بطلة أوروبا عام 1988 وانجلترا وإيرلندا... وتعادل مع الأولى 1/1 ومع الثانية من دون أهداف وخسر من الثالثة بهدف دون رد.


 

مرتان فقط هما كل تاريخ أم الدنيا، ومضمون قصة مصر مع كأس العالم، والغريب أنهما جاءتا عندما كان يمثل إفريقيا ومعها آسيا فريق واحد كما حدث في 1934 وزادا إلى فريقين عندما تأهلت الكرة المصرية في عام 1990 .. والطريف أنه منذ ارتفاع حصة إفريقيا إلى 5 مقاعد اعتباراً من دورة 1998 في فرنسا والمصريون خارج الإطار. فيما صعدت منتخبات لا تملك تاريخاً ثرياً في كرة القدم مثل توجو وأنجولا والسنغال، فضلاً عن بقية المنتخبات الأخرى المعروفة على الساحة الإفريقية على غرار كوت ديفوار والكاميرون ونيجيريا والمغرب والجزائر وتونس، بينما بقيت أول دولة إفريقية وعربية وآسيوية لعبت كرة القدم رسمياً عام 1921 على الخط!


ومشكلة مصر مع كأس العالم وصلت إلى ما يشبه "العقدة " ليس فقط لأنها انسحبت من تصفيات كثيرة بسبب الحروب والمواقف السياسية، ولكن أيضا لأن منتخب الفراعنة ملك الفرص الضائعة ... مرة تخرجه ركلة جزاء ضائعة من جمال عبد الحميد، وأخرى تبعده "طوبة" في لقاء مع زيمبابوي، وثالثة تطيحه كرة لا تضيع من مجدي طلبة، في ليون في فرنسا!


وعلى الرغم من أن الكرة المصرية هي صاحبة الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بكأس الأمم الإفريقية وهي 7، وعلى الرغم من أنها أنجبت نجوماً كباراً على رأسهم صالح سليم ومحمود الجوهري ومحمود الخطيب وفاروق جعفر وطاهر أبو زيد وحسام حسن ورضا عبد العال وأحمد حسن وحازم إمام ومحمد أبو تريكة إلا أن " بختها " كان قليلاً في اللعب في كأس العالم ... والطريف أن كل السنوات التي فازت فيها بكأس إفريقيا لم تصعد إلى المونديال ...




حدث ذلك عام 1986 فلم تتأهل لمونديال المكسيك وعام 1998 فلم تلعب في نهائيات فرنسا وأعوام 2006 و2008 و2010 فلم تذهب إلى ألمانيا ومن بعدها جنوب إفريقيا .. حتى في المرة الوحيدة التي تم فيها دمج تصفيات كأس إفريقيا مع تصفيات كأس العالم لم يكن لمصر نصيب، بل إن لعنة هذه التصفيات حرمت الفراعنة من الذهاب إلى كأس إفريقيا 2012 و2013 ...


والأكثر من ذلك أنه لم ينفع معها نظام المجموعات في التصفيات ولا نظام الذهاب والإياب ولا حتى دمج تصفيات إفريقيا مع كأس العالم. وهو على العكس تماماً مما يدور في العالم كله ففي أوروبا وأمريكا اللاتينية وحتى آسيا الدولة الأفضل هي التي تتألق في البطولة القارية وكأس العالم وتقدم أحسن اللاعبين، فهذا هو تاريخ البرازيل والأرجنتين وأوروجواي وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا واليابان وكوريا الجنوبية.


والطريف أن دول الشمال الإفريقي هي التي قطعت رجل الكرة المصرية من كأس العالم منذ أن أصبح لإفريقيا تصفيات مستقلة منذ عام 1974، فأخرجتها تونس 3 مرات في دورات 1974 و 1978 و 1998 ...وأطاحت المغرب بها دورتي 1982 و1986 ... وحرمتها الجزائر في دورة 2010 الشهيرة بعد مباراة فاصلة في السودان خسرتها بهدف من دون رد.


ولم تغلف علاقة مصر بكأس العالم روح الود قبل أن ينتصف القرن العشرين، ففي تصفيات 1938 في فرنسا لعبت مصر وفلسطين مع أوروبا في مجموعة ضمت معهما رومانيا ولكن انسحبنا.


وفي تصفيات البرازيل 1950 لم يشترك المنتخب فيما أوقعته قرعة بطولة سويسرا 1954 في التصفيات الأوروبية مع إيطاليا وفي القاهرة انهزم 2-1 وفي سان سيرو خسر 5-1.


وفي السويد 1958 لعب منتخب مصر في تصفيات آسيا وإفريقيا ووقع في المجموعة الثالثة أمام قبرص لكنه انسحب على الرغم من تأهله للدور الثاني.


ومنذ عام 1974 بوصفه العام الذي انفصلت فيه إفريقيا كان لمصر مقعد واحد فقط في عام 1990 تحت قيادة الراحل محمود الجوهري، والفارق بين أول هدف سجله عبد الرحمن فوزي، وآخر هدف أحرزه مجدي عبد الغني، في نهائيات كأس العالم 56 سنة.

المساهمون