مصر: تسمية شريف إسماعيل تثير خلافات جناحَي السلطة

14 سبتمبر 2015
نجا السيسي من الاتهامات بقبوله استقالة حكومة محلب(سهيمي عبدالله/Getty)
+ الخط -
يكشف مصدر مصري مطلع، أنّ استقالة أو إقالة حكومة إبراهيم محلب، وتكليف وزير البترول، شريف إسماعيل، بتشكيل حكومة جديدة، أحدثا شرخاً داخل منظومة سلطة الرئيس عبد الفتاح السيسي. ويضيف المصدر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "الاستقالة، أو الإقالة، تمّت في ظروف لا تتحمّل إحداث تغييرات كبيرة داخل أجهزة الدولة، خصوصاً مع بدء أولى خطوات إجراء انتخابات مجلس النواب".

وفي السياق، يستغرب عدد من المراقبين إقدام السيسي على هذه الخطوة في هذا الوقت تحديداً، وخصوصاً أنّ الحكومة الجديدة سيكون عمرها قصيراً، إذ يجدر أن تنتهي ولايتها بعد انتخاب مجلس النواب المقرر أن ينتهي نظرياً في الشهرين المقبلين، بما أنه، بموجب التعديلات الدستورية عقب الانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي، فإن الأغلبية داخل مجلس النواب تتولى مسألة تشكيل الحكومة. وكانت شخصيات عامة وسياسيون قد طالبوا السيسي، سابقاً، بإقالة حكومة محلب، لعدم تحقيق إنجازات تذكر على المستوى العام.

وواجهت حكومة محلب انتقادات شديدة لعدم وجود رؤية سياسية في حلّ الأزمات اليومية والمعيشية، خصوصاً في ظلّ الأوضاع الحالية التي تمر بها مصر، منذ الإطاحة بمرسي من سدة الحكم. ويوجّه المراقبون أنفسهم، انتقادات لمحلب في ما يتعلق بعدم القدرة على إحداث نقلة نوعية في الأداء الحكومي، بالشكل الذي يجعل الشارع  المصري يشعر بأي تحسن، فضلاً عن فشل ذريع في إصدار قوانين تملؤها الثغرات.

ويعتبر باحث في "مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية" (طلب عدم ذكر اسمه)، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "السيسي نفّذ سيناريو كبش الفداء، إذ ضحّى بالحكومة، معلّقاً كل الفشل عليها، ومن ثم نجا ونظامه من الاتهامات باعتباره رأس السلطة التنفيذية، وهي سياسة اتبعها الرئيس المخلوع حسني مبارك بشكل كبير".

ويرى مراقبون أنّ "وراء كواليس استقالة الحكومة وتشكيل أخرى جديدة، خلافات كبيرة بين معسكرين أو جناحين داخل النظام الحالي". ويشير المراقبون ذاتهم، إلى أنّ المعسكر الأول رافض لتكليف إسماعيل بتشكيل الحكومة، ويتزعمه عسكريون، وهو تعبير عن حالة غضب لعدم اختيار أي من الشخصيات العسكرية لتشكيل الحكومة. وظهر هذا المعسكر من خلال حملة هجوم على رئيس الحكومة الجديد، من خلال الأذرع الإعلامية وبعض الشخصيات العامة، واتهام إسماعيل بالفساد.

اقرأ أيضاً: التكنوقراط شريف إسماعيل يخلف إبراهيم محلب...السيسي يستبعد مرشّحي العسكر 

أما المعسكر الثاني داخل النظام، فهو مؤيد لتولي إسماعيل رئاسة الحكومة الجديدة، تخوفاً من سيطرة شخصيات عسكرية، ربما يقودها طموحها إلى محاولة الهيمنة على الأوضاع في مصر. ويتمثل هذا المعسكر في بعض المقربين من السيسي في الرئاسة وخارجها، خصوصاً من مستشاريه والدائرة القريبة منه، تساندها أصوات منخفضة تنصح دائماً بتقليل الوجود العسكري في النظام، حتى لا يتهم بأنه نظام عسكري تماماً، وفقاً لهؤلاء المراقبين.

ويلفت المراقبون أنفسهم، إلى أنّ السيسي يحاول تهدئة المعسكر الرافض للحكومة الجديدة، وامتصاص الغضب داخل أركان نظامه، حتى لا يهدّد هذا الصراع الكبير النظام الحاكم، موضحين أنّ السيسي يحاول إقناع جناح العسكر داخل السلطة، بأن الحكومة الجديدة مؤقتة ولن تستمر سوى بضعة أشهر حتى إجراء الانتخابات، ومن ثم تشكيل وزارة جديدة. ووفقاً للمراقبين أنفسهم، فإنّ السيسي يحاول إقناع محيطه بأنّ الحكومة الجديدة ليست إلا لتسيير الأعمال، كحلّ بديل بعد استقالة حكومة محلب، وخصوصاً أنّ إسماعيل كان من ضمن الحكومة السابقة، وبالتالي يعرف كل تفاصيل الترتيبات.

ويشير الباحث في مركز الأهرام إلى أنّ "اللافت في تكليف إسماعيل، هو عدم وجود خطاب تكليف بعدد من القضايا والأمور المهمة التي يجب إتمامها خلال الفترة المقبلة. ففي أي خطاب تكليف من الرئيس للحكومة، يضع الأخير جملة من القضايا والرؤى والخطط الاستراتيجية أمام رئيس الوزراء، لتنفيذها وتنسيق الجهود حولها. لكنّ السيسي تنصّل من فكرة إعطاء تكليفات للحكومة، ما يجعل هذه الأخيرة مجرد أداة في يده".

ويتابع أنّه "بموجب عدم وجود رؤية لتنفذها الحكومة، ستكون بذلك أشبه بسكرتارية لدى السيسي، يسهل من خلالها تنفيذ رؤيته في ما يخص التعامل مع انتخابات مجلس النواب المقبل". ويعتبر الباحث أنّ النقطة الأهم في مسألة تشكيل الحكومة الجديدة، تتعلق بقبول استقالة إبراهيم محلب، لافتاً إلى أنّ "مصادر سياسية وإعلامية قريبة من النظام، حاولت الترويج لفكرة أنّ الاستقالة حصلت بسبب ما تورط به وزراء في حكومته في قضايا فساد، وآخرها وزير الزراعة، صلاح هلال، وسط شكوك تحوم حول عدد آخر من الوزراء".

اقرأ أيضاً: مدير مكتب السيسي يسبّ رئيس الحكومة ويصفه بـ"الصايع الضايع"

المساهمون