مع اقتراب عيد الفطر ودخول الفرح والسرور ولقاء وجمع الأحبة، تباشر العوائل تحضيراتها لاستقبال العيد، فتكتظ الأسواق، وتزداد المشتريات من ألبسة جديدة للصغار وحلويات وشكولاتة وكعك ولحوم، وتحضير المعايدات للأطفال وصلة الرحم، إن كانت هدايا أو نقودا.
وإن كانت مصاريف العيد تسبب ثقلاً مادياً على جزء لا يستهان به من العائلات، إلا أن هناك من يقضي العيد في رحلات خارج البلاد، ولكن نسبتهم لا تتعدى العشرة بالمائة.
وقال قيصر إغبارية، مدير معهد سمارت للتدريب والاستشارات الاقتصادية: "يأتي العيد بعد تدريب نفسي وعملي للإنسان على الصبر والجوع، وعلى الشعور بالفقراء والمساكين، وهذا مصدر صحة وعافية، وهذا هو العيد بمعناه الروحي والإيماني. فأعيادنا تتجلى فيها الكثير من المعاني الاجتماعية والإنسانية، ففي العيد نبذل الصدقات لمساعدة الفقراء والضعفاء والمحتاجين، والتوسع في أعمال الخير، وصلة الأرحام والتراحم والتعاون والتكافل، وإخراج زكاة الفطر لتتقارب القلوب على الود، ويجتمع الناس بعد افتراق".
وتابع "الأعياد في أيامنا هذه أصبحت للأسف الشديد مظهراً من مظاهر التنافس والتفاخر بين الناس في الطعام واللباس والسفر والرحلات، واتسمت حياة كثيرين منهم بالتكلف في أسلوب عيشهم، وأصبح همّ الأسر إظهار ترفها وقدراتها المالية للآخرين، ولو على حساب التورط في الديون والقروض".
ورأى أنه "في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يحياها مجتمعنا، المطلوب منّا التعامل مع احتياجات العيد بشكل مختلف، وأن نراجع سلوكياتنا وعاداتنا الاستهلاكية، ونعيد ترتيب الأولويات من جديد، ومن المفيد التعامل مع احتياجات العيد بإعداد ميزانية جماعية يشارك فيها جميع أفراد العائلة، لتكون المصروفات واقعية وفي حدود المعقول، وتوفّق بين الاستهلاك والدخل، ومن جهة أخرى نتمكن من إدخار المال والاستعداد المسبق للعيد بوقت كاف".
وقال إغبارية "اقتصاديات العيد تعني إدامة الفرح والسرور، ولا تعني التبذير والانفلات والخروج على الاعتدال والتدبير".
من جهتها، قالت مروة زعبي، مهندسة ومستشارة اقتصادية: "موعد العيد معروف مسبقاً، وعلى العوائل أن تتحضر وتخطط مسبقاً لهذه المصروفات عن طريق برناماج توفير مادي خلال العام، وعدم انتظار العيد لتحضير الميزانية والبحث عن حل، خصوصاً أننا نتحدث عن مجتمع أكثر من نصفه يعيش تحت خط الفقر".
وتابعت "أولاً، قبل التفكير في شراء أي سلعه يجب فحص الموجود لدينا، سواء كان ملابس وأدوات منزلية أو حتى منتجات غذائية، فعملية الجرد تساعدنا في أخذ تصور واضح عن السلع التي نحن فعلياً بحاجة لشرائها. ثانيا، تحضير قائمة بالمشتريات المطلوبة حسب الأهمية، والالتزام بها لكي نبتعد عن الشراء العاطفي. ومن ثم فحص أسعار السلع لتحديد الميزانية المطلوبة".
وأضافت "النقطة الثالثة، عدم اصطحاب الأطفال عند التسوق للعيد، والأفضل التسوق بعد الإفطار والدفع نقداً وتجنب الدفع ببطاقة الاعتماد. فالنقود تمنعنا من شراء سلع مهما بدا سعرها مغرياً. والنقطة الأخيرة الابتعاد عن القروض البنكية وعروضها المغرية، والتنبه بأن العيد فرحة وصلة رحم قبل أن يكون أعباء مادية".
أما ريم شافعي، وهي أم لثلاثة أطفال، تحدثنا عن تحضيرات العيد قائلة: "العيد فيه مصروفات أكثر من شهر رمضان، فهناك العيدية للأولاد والأقارب، وشراء اللحوم والحلويات وملابس الأطفال وقص الشعر للفتيان والتسريحات للبنات، عدا عن أخذ الأولاد إلى أماكن اللعب واللهو والتنزه، مع ما يضاف إليها من شراء الألعاب والحلويات خلال النزهة".
وأضافت: "أعرف أشخاصاً يأخذون القروض البنكية من أجل العيد، وأيضا منذ بدء شهر رمضان، فدون القروض لا عيد عندهم. عدا عن ذلك هناك تكاليف السهرات والجلسات العائلية في المقاهي والمطاعم خلال أيام العيد فقط".