العودة إلى الديار حلم نازحي العراق في العيد

06 يوليو 2016
يحلمون فقط بالعودة إلى ديارهم (Getty)
+ الخط -
مع إشراقة شمس العيد كان فاضل الدليمي (39 عاماً)، يجلس قبالة خيمته في مخيم عامرية الفلوجة، وهو يجول ببصره بعيداً، محاولا لملمة جراحه والتمسك بأمل العودة لبيته الذي فارقه منذ عامين ونصف العام.

ينفث الدليمي دخان سيجارته في الهواء بمرارة ظاهرة فيختلط برائحة بقايا الأثاث المحترق بنيران مليشيات الحشد الشعبي التي لم تبق على شيء في المدينة، وهو يقول لـ"العربي الجديد": "أخشى أن لا أعود إلى بيتي بعد اليوم، فكل ما يجري على الأرض يخيفني، وبعد معارك طويلة دخلت القوات العراقية المدينة، وظننا أننا سنعود خلال أسابيع قليلة لكن ما يجري داخلها من حرق وتدمير لكل شيء لا يبشر بذلك".

ويضيف وهو يحاول طرد كابوس اليأس: "رغم كل ذلك لن أيأس من حلم العودة للديار بعد انتظار طويل دام قرابة ثلاثة أعوام من التشرد والغربة والذل في مخيمات النزوح المريرة، حرّ وبرد وجوع وعطش ومرض وموت من كل جانب".

فاضل، واحد من نازحي الفلوجة الذين لا يختلف حالهم عن غيرهم من النازحين في مدن جرف الصخر وديالى وتكريت وبيجي، التي سيطرت عليها القوات العراقية قبل أكثر من عام ونصف العام.

700 ألف نازح من الفلوجة فارقوا ديارهم منذ نحو ثلاثة أعوام، وأكثر من 150 ألف نازح لم يروا جرف الصخر منذ عام ونصف، وضعفهم في ديالى وتكريت وبيجي ومناطق أخرى رغم استعادتها من قبل الحكومة العراقية.

وجوه النازحين في العيد يعلوها الحزن، وخاصة الأطفال الذين افتقدوا مظاهر البهجة والملابس الجديدة كما اعتادوا كل عيد في مدنهم التي تركوها عنوةً بسبب القصف والمعارك الضارية.


فيما ودع النازحون في مخيم منطقة الدورة في بغداد خمسة من نازحي المخيم، بينهم طفلان، بقصف بقذائف الهاون شنّته المليشيات، عصر أمس، لتتحول خيامهم إلى سرادق للعزاء.

ولا نكاد نسأل أحد النازحين عن أمنياته في العيد إلّا وكان الجواب: "أتمنى العودة إلى مدينتي ومنزلي وأصدقائي وجيراني وأهلي". وكأنه بدأ يتحول من أمل إلى حلم بالعودة.

وما يكدر صفو أمل العودة لديارهم أن الحكومة العراقية كلما أعلنت عن تحرير مدينة تأخرت في إعادة نازحيها، أو منعت المليشيات عودة آخرين، كما حصل في مناطق جرف الصخر وديالى وغيرها لدوافع طائفية.

وينتظر نحو 4 ملايين نازح من الفلوجة والرمادي وجرف الصخر وديالى وتكريت وبيجي والموصل إعادتهم إلى مدنهم، بعد ما يقرب من ثلاثة أعوام من النزوح وصعوبة العيش في المخيمات.

ويجد أطفال المخيمات فرصتهم في تذكر أصدقائهم في الحي فيرسمون أنفسهم على التراب وهم يلعبون سوياً حالمين بالعودة إلى تلك الساعات يوماً ما، كما تفعل ربى حسن (9 سنوات)، وهي ترسم صديقاتها على الأرض لعدم امتلاكها مستلزمات الرسم لتسترجع لحظاتها في اللعب معهن لعبة "التوكي" في الحي الذي كانت تسكنه مع أسرتها في الفلوجة.

فيما يشتاق جودت فاضل (12 عاماً)، إلى مدرسته وأصدقائه قائلاً: "لقد افتقدنا كل شيء في مدننا، المنازل والشوارع والأصدقاء وصخب المدرسة والسوق، ولا أعرف هل سأرى أصدقائي أم سيطول الأمر بنا في المخيم".

ولعل حال كبار السن هو الآخر أكثر ألماً مع ساعات العيد الأولى، فهم يتذكرون جلسات سمرهم مع أصدقائهم من كبار السن الذين رحل الكثيرون منهم في هذه المحنة.

أمام خيمته يجلس الحاج صالح عمر (67 عاماً)، يبكي بصمت ويمسح دموعه متذكراً الأصدقاء الذي فارقوا الحياة وتركوه، يقول: "أتمنى أن أعود إلى مدينتي لأموت وأدفن فيها، وهي أمنيتي الوحيدة في هذا الظرف العصيب ولعلها تتحقق قريباً".

وما يجعل النازحين يتمنون العودة لديارهم بأسرع وقت، هو الظروف القاسية التي يعيشونها في مخيمات النزوح وسط شحّ الغذاء والدواء وحتى مياه الشرب وحرارة الصيف الشديدة، وعدم وجود ما يكفي من الخيام لإيواء النازحين الذين يفترشون العراء.

 

دلالات
المساهمون