مصارف عالمية تنقل خدماتها من دبي إلى لندن ونيويورك بسبب حصار قطر

03 اغسطس 2017
دبي أكبر الخاسرين من الأزمة (Getty)
+ الخط -
بدأت خسائر دبي كمركز تجاري ومصرفي في المنطقة العربية تتضح مع مرور قرابة الشهرين من الحصار اللاقانوني واللاأخلاقي الذي فرضته كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر على قطر.

وقالت وكالة بلومبيرغ الاقتصادية الأميركية، في تقرير بهذا الصدد، إن بعض البنوك العالمية التي لها مكاتب في دبي بدأت تنقل جزءا من خدماتها المصرفية من الإمارة إلى لندن ونيويورك، ونسبت الوكالة معلوماتها إلى مصادر على اطلاع بالصناعة المصرفية.
وهو ما توقعته مراكز أبحاث في لندن في بداية قرار المقاطعة في تحذيرها من مخاطر الأزمة على البيئة الاستثمارية في الخليج والصناعة المالية.

وحسب مصادر طلبت عدم الكشف عنها للوكالة الأميركية، إن البنوك التي كانت تقدم خدماتها إلى جهاز الاستثمار القطري وبعض أثرياء دولة قطر من دبي، نقلت خدماتها من مركز دبي المالي العالمي إلى مراكز مالية عالمية لتتفادى تخريب علاقاتها مع السعودية والإمارات أو على الأقل عدم التعرض لعقوبات من قبل دول المقاطعة.

وتحدث التقرير عن المعاناة التي سببها الحصار للبنوك الأجنبية وشركات الاستثمار المتمركزة في دبي. وقال في هذا الصدد "يجد المصرفيون العاملون في البنوك العالمية، الذين كانوا يتنقلون من دبي إلى الدوحة في أقل من ساعة أنفسهم أمام رحلة طويلة تأخذ ساعات طويلة بعد الحصار المفروض على قطر، حيث تأخذهم الرحلة إلى الكويت أو العاصمة العمانية مسقط ثم ينتقلون بعد ذلك إلى الدوحة".

وكانت دبي أصبحت مركزاً للمصارف العالمية في المنطقة العربية بعد افتتاح مركز دبي المالي العالمي في العام 2004، ومنحها تعهداً للمصارف وشركات الاستثمار والتأمين بإعفائهم من الضرائب لمدة 50 عاماً.

ويسافر العديد من المصرفيين من مكاتبهم في دبي إلى العواصم الخليجية الأخرى، سواء الرياض أو الدوحة أو الكويت في رحلات منتظمة يومية أو أسبوعية لقضاء عملياتهم المصرفية مع زبائنهم في الدول المجاورة ثم يعودون إلى دبي في نهاية اليوم. ولكن بعد هذا الحصار أصبحت الرحلة مكلفة وتأخذ وقتاً أطول، كما يضاف إلى ذلك مخاوفهم من العقاب الذي ربما يتعرضون له من إمارة أبوظبي المتشددة في محاصرة قطر في حال عقد لقاءات مع مستثمرين في الدوحة.

كما قالت المصادر للوكالة الأميركية، إن عملاء هذه البنوك في قطر باتوا يرغبون في تنفيذ عملياتهم معها من مكاتب خارج دبي بسبب الحصار. ويذكر أن دول الحصار تمنع رجال الأعمال ومواطني قطر من السفر إلى دول الحصار.

وبشأن الخسائر التي تعرضت لها دبي، قال كبير اقتصاديي واستراتيجيي السياسة بمصرف "ستاندرد تشارترد" في لندن فيليب دوبا بانتانناس: "أصبح أمراً لا يقبل الجدل أن أية أزمة سياسية أو اقتصادية تمر بها دول الخليج يكون لها أثر مضاعف على دبي، إذ إنها المركز التجاري في المنطقة".

وأضاف الاقتصادي بانتانناس: "إن هذه الأزمة تحديداً تعيد رسم الممرات التجارية بمنطقة الخليج، سواء كانت التجارة المارة سلعاً، حيث باتت حالياً لا تمر بجبل علي الإماراتي، أو كانت مصارف تقدم خدماتها لقطر من دبي والتي انتقلت إلى الخارج.

وكلما طال أمد هذه الأزمة ترسخ هذا النمط الجديد في الممرات التجارية التي لا تمر بدبي"، وهو ما أكدته تقارير أجنبية أخرى بشأن التحول في مجريات التجارة والاستثمار، حيث خسرت الشركات السعودية والإماراتية خطوط إمدادها وتجارتها مع قطر لصالح شركات تركية وإيرانية وعمانية، وبعضها يبحث حالياً عن استعادة هذه الخطوط التجارية عبر التعاقد مع شركات تركية.

وحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في الشهر الماضي، فإن بعض الشركات السعودية بدأت تكسر بشكل غير مباشر الحظر عبر التصدير إلى السوق القطري، من خلال منافذ في دول أخرى، من بينها تركيا.

وكشف رجال أعمال أتراك، أن هناك اتفاقاً مع شركات سعودية للالتفاف على الحظر الخليجي، وإرسال السلع إلى قطر.
وقالت "وول ستريت جورنال" في تقريرها، إن الاتفاق بين الشركات السعودية والتركية سيحقق أرباحا للأتراك. لكن الشركات القطرية غير راغبة في استيراد منتجات دول الحصار من باب خلفي، حسب ما ذكر مسؤولون بغرفة التجارة القطرية.

يذكر أن العديد من الشركات السعودية كانت على وشك شحن بعض بضائعها إلى السوق القطري، قبل أن تفاجأ بقرار الحظر.

وذكر الخبير الاقتصادي بنتانناس في تعليقاته لوكالة بلومبيرغ الاقتصادية: إن العديد من المستثمرين الأجانب قالوا إنهم سيعيدون حسابات المخاطر السياسية بمنطقة الخليج وبالنسبة لبعضهم، فإن الأزمة غيرت منظورهم تماماً في التعامل مع المنطقة مقارنة بنظرتهم للاستثمار والتعامل التجاري مع المنطقة في السابق.

وأشار الخبير المصرفي إلى أن الاستقرار السياسي والقدرة على التنبؤ بالمستقبل، تعد من أهم العوامل في اتخاذ القرار التجاري والاقتصادي.

يذكر أن هذا الحصار فاجأ العديد من المستثمرين الأجانب في المنطقة، خاصة أنهم كانوا ينظرون لدول منطقة التعاون كمنطقة مستقرة وآمنة مقارنة بالمحيط المضطرب في باقي منطقة الشرق الأوسط.

وفي ذات الاتجاه، قالت شركات أجنبية لصحيفة "فاينانشيال تايمز" يوم الإثنين، إن كلف تنفيذ العقود ارتفعت بسبب تغيير خطوط الشحن، كما أن كلف التأمين والاستدانة من الأسواق الخارجية ارتفعت بالنسبة للقروض السيادية وديون الشركات.
المساهمون